صباح الأربعاء 29 ديسمبر كانت مكتبة الإسكندرية تعج بالحركة، وهي تستعد لإعلان التقرير الثالث لمرصد الإصلاح العربي، بعد أن أصبح هذا التقرير أحد أهم أدوات قياس مؤشر الإصلاح بميادينه المختلفة، سياسية واجتماعية واقتصادية، في العالم العربي. وبينما جري عرض سريع لأهم ما جاء في التقرير، وتوزيع محتواه كاملا علي إسطوانة مدمجة بدأ مدير المكتبة الدكتور إسماعيل سراج الدين في عرض أهم ما جاء في هذا المحتوي البحثي. في اليوم التالي وبينما كان من حصلوا علي هذا التقرير الذي يتكون من 308 صفحات يعكفون علي قراءته، وتحليل محتواه، كانت عناصر إرهابية، غير معلومة حتي الآن، تخطط للاحتفال بالعام الجديد بجريمة إرهابية علي مقربة من المكتبة التي تحولت إلي أهم مكان للإشعاع الثقافي، ليس في مصر وحدها، ولا في العالم العربي، وإنما في حوض المتوسط والعالم أجمع. وبينما تحتضن مكتبة الإسكندرية أحد أهم منتديات الحوار العالمية، كان علي مقربة منها من يحاولون إسكات ثقافة التسامح والحوار، وعبر لغة البارود والمتفجرات، سالت دماء أريد لها أن تسكت لغة الكلام، وتفجر فتنة في مدينة كانت رمزا للتسامح والتعايش علي مدار تاريخها. وبعد دقائق قليلة من منتصف ليل الجمعة 31 ديسمبر وقعت هذه العملية الإرهابية أمام مسجد وكنيسة، وأفلح من نفذوها في صرف انتباهنا جميعا عن قضايا في غاية الأهمية، علاجها قد يكون أحد أهم وسائل مواجهة هذا الإرهاب، وعلي رأسها بالطبع الإصلاح في العالم العربي. اليوم وبعد مرور 11 يوما علي هذا الهجوم الإرهابي الكبير أعود مجددا إلي تقرير الإصلاح العربي الذي تواري تحت ضغط الإرهاب لأبحر فيه قليلا لعلنا نعرف إلي أين نمضي؟.. وكيف بدأ الإصلاح العربي في عام 2010 . يمثل الإصلاح السياسي كما يقول التقرير مدخل العالم العربي لاستعادة دوره، واستئناف مساره التاريخي، فكل خطوات النهضة تبدأ بالإصلاح، الذي يستلزم بالأساس إرادة سياسية قوية داخل الأوطان والمجتمعات، تكون بمثابة القوة المحركة له. وبعد هذه المقدمة يرصد التقرير بشكل عام وقوف الرأي العام العربي عند منطقة تميل للتشاؤم والنظرة السلبية، أكثر من التفاؤل والنظرة الإيجابية، فليست هناك انحيازات كلية، وإنما يتركز أغلب الإجابات في المنطقة الوسط، مما يعني أن الحال العربي لا يتضمن قفزات كلية وشاملة، ما يشير إلي أن الأغلبية العربية تبقي عند حدود من القلق وعدم الاستقرار علي الرأي. والملاحظة العامة الأولي قبل أن نولج تفصيليا إلي أسئلة الإصلاح وقضاياه، هي التقارب الكبير في إجابات من استطلعت أراؤهم بين وحدات العالم العربي الأربع التي جري تقسيمها في استطلاع مرصد الإصلاح وهي منطقة المشرق العربي، ومنطقة المغرب العربي، ومنطقة الجزيرة العربية، والمنطقة الوسطي، لكن إجابات المبحوثين من النخبة العربية في منطقة الجزيرة العربية جاءت مختلفة إلي حد كبير عن باقي المناطق. في المغرب تشير الإجابات إلي أن الأوضاع أكثر إيجابية، مقارنة بباقي المناطق، بينما تميل منطقة الجزيرة العربية دوما إلي السلب مقارنة بباقي المناطق، مما مكن القائمين علي التقرير من ترتيب إجابات النخبة العربية في رؤيتهم للإصلاح من حيث الأفضلية حيث جاءت منطقة المغرب علي رأس من يشعرون بالإصلاح، ثم المنطقة الوسطي، ثم المشرق العربي، وأخيرا منطقة الجزيرة العربية أقل شعورا بالإصلاح حتي ولو كانت الفروق ليست كبيرة أو جوهرية. ونواصل غدا