أكد تقرير مرصد الإصلاح العربى الثانى بمكتبة الإسكندرية أن المنطقة العربية تمر بمرحلة انتقالية بعد تراجع قضية الإصلاح السياسى لمصلحة القضايا العربية التقليدية مثل العراق وفلسطين، فى الوقت الذى دعا فيه الدكتور إسماعيل سراج الدين مدير عام المكتبة إلى أن هناك قضايا لا تقل أهمية عن قضية الصراع الإسرائيلى الفلسطينى . وأشار التقرير الذى تم إصداره أمس الأول بحضور نخبة من الباحثين إلى أن الأنظمة العربية بعد أن سارت فى طريق الإصلاح خلال السنوات الأربع الماضية بفعل الضغوط الخارجية تقوم الآن بمراجعة ما إذا كانت ستستمر فى طريق الإصلاح أم تتراجع عنه. ولفت التقرير إلى أن قضية الإصلاح السياسى ما زالت تحتل مرتبة متقدمة فى الأهمية وإن لم يكن بنفس الزخم الذى شهدته السنوات الماضية. وأضاف: «لا يمكن القول بأن الأوضاع عادت إلى المربع رقم واحد بعد، حيث ما زال هناك زخم التوجه نحو الإصلاح الذى اتجهت إليه الدول العربية فى السنوات الأربع الماضية». ويعد هذا هو التقرير الثانى الصادر عن مرصد الإصلاح العربى الذى تأسس بناء على توصيات مؤتمر الإصلاح العربى عام 2004، وقد شارك فى وضع التقرير الدكتور مصطفى علوى أستاذ العلوم السياسية، والدكتور ماجد عثمان مدير مركز معلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، والدكتور قدرى حفنى أستاذ علم النفس والاجتماع بآداب عين شمس، والدكتور عبدالباسط عبدالمعطى أستاذ علم الاجتماع، وسامح فوزى نائب مدير منتدى الإصلاح بمكتبة الإسكندرية. واعتمد التقرير هذا العام على استطلاع آراء النخبة فى الدول العربية حول قضايا الإصلاح بمحاوره: السياسى، الاقتصادى، الثقافى، الاجتماعى. وشكا واضعو التقرير من عدم استجابة نسبة كبيرة من عينات البحث فى الدول العربية. وأكد التقرير أن هناك تذبذبا فى الأولويات، فبينما تأبى القضايا التقليدية التوارى عن صدارة المشهد، فإن القضايا الجديدة، ومنها الإصلاح السياسى، لا تكاد تحتل جزءا من المشهد العربى حتى تندفع للوراء، على نحو أصبح معه الإصلاح السياسى يندفع خطوة للأمام وخطوة ارتدادية معاكسة. وأشار التقرير إلى أن نتائج الاستطلاع والذى أجرى عام 2008، تشير إلى سيطرة مزيج من التفاؤل والتشاؤم بين النخبة العربية، وأرجع التقرير ذلك إلى أن الاستطلاع تم إجراؤه فى فترة عادت فيها القضايا التقليدية إلى صدارة المشهد، وبدأت فيها الإدارة الأمريكية تلملم أوراقها فى أجواء تسيطر عليها الأجواء السلبية للأزمة المالية العالمية. ولفت التقرير النظر إلى أن الأنظمة العربية وقفت فى مرحلة وسط لا تعرف هل تسير بالدفع الخارجى أم تعتاد على الدفع الذاتى، مشيرا إلى أنه فى هذه المرحلة تعيد الأنظمة العربية التفكير فى نتائج ما جرى، وما إذا كان يقنعها بالاندفاع فيه بعدما برزت علاماته الإيجابية أو يدفعها للعودة عنه بعد تراجع الضغط الدولى. وأشار التقرير إلى أن وثيقة الإسكندرية الصادرة عام 2004، صيغت فى أوج الضغط السياسى على العالم العربى من الخارج بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر وقدمت الوثيقة حينذاك إجابة عربية على أسئلة وتحديات خارجية، وقدمت ردا قوميا ووطنيا فى ظل هجمة المشاريع الأجنبية الخاصة بمستقبل المنطقة العربية، وهى الآن ربما غير قادرة على استيعابه بعد تغير الظروف الدولية، لكن على أرض الواقع كان لهذا المشروع تبعات محددة وأنتج قدرا من الحراك السياسى والسؤال الآن هو: هل تتجه المنطقة إلى تصفية تبعاته أو التعامل معها ومهادنتها أو تطويرها والبناء عليها. وقال الدكتور إسماعيل سراج الدين، إن الإصلاح عملية مستمرة لا تنتهى، وقد تستغرق وقتا حتى تتحول فيه المطالب التى كانت مرفوضة إلى واقع نتيجة لتراكم الرؤى والأفكار ولذلك فعلى دعاته ألا ييأسوا، وأكد أن الحركة الثقافية تتميز بالسطحية وتحتاج إلى إعادة صياغة، مشيرا إلى أنه ينوى تأليف كتاب بعنوان «عودة إلى مستقبل الثقافة فى مصر» منتقدا ما سماه «بأحادية النظر بشكل وسواسى» لمساءلة إسرائيل وتجاهل قضايا أخرى مهمة.