أمر محزن ومؤسف بحق أن تتوقف مجلة ثقافية مرموقة عن الصدور ومما يزيد الشعور بالأسي أن يستمر مسلسل الإغلاق في الثالث والعشرين من فبراير سنة 1953 صدر العدد الأخير من مجلة الرسالة التي أسسها ورأس تحريرها الأستاذ أحمد حسن الزيات وقبل ذلك بأسابيع انتهت مسيرة مجلة الثقافة الإنجاز العظيم للعملاق أحمد أمين. كانت الرسالة مجلة أسبوعية مرموقة صدر العدد الأول منها في منتصف يناير سنة 1933 واستمرت نصف شهرية ما يزيد قليلا عن العام قبل أن تنتظم في الصدور أسبوعيا خلال عشرين سنة تألقت علي صفحاتها نخبة من كبار المثقفين والمفكرين والمبدعين منهم علي سبيل المثال: طه حسين، العقاد، المازني، محمد حسين هيكل، أمين الخولي، توفيق الحكيم، أحمد رامي، إسماعيل مظهر، محمد مندور، زكي نجيب محمود، علي محمود طه، كامل الشناوي، إبراهيم ناجي، وعشرات غيرهم. كل هذا الحشد من الأسماء العظيمة ثم يصحو القراء ذات صباح ليجدوا الرسالة أثرا بعد عين أما السبب فلا يتجاوز عدة جنيهات زهيدة! مرثية مؤلمة موجعة كتبها الزيات في العدد الأخير الرسالة تحتجب ومما جاء في مقاله إن المجلة لو أرادت الاستمرار لعرضت ضميرها للبيع وقلمها للإيجار! أحمد حسن الزيات والرسالة علامتان بارزتان في تاريخ الثقافة المصرية وقد أسهم المصريون بجهد وافر في تأسيس مجلات ثقافية عربية ذات شأن ولعل في تجربتي العربي الكويتية والدوحة القطرية وهما مدينتان في نجاحهما غير المسبوق بجهود العلامة الدكتور أحمد زكي والعملاق رجاء النقاش ما يبرهن علي حقيقة أن الكفاءات المصرية قادرة علي العطاء بلا حدود لكن المأساة في غياب القدرة علي إدارة وتوظيف القمم التي لا تجد مناخا مناسبا فتتوقف المنارات عن نشر الإشعاع الحضاري لافتقاد عدة جنيهات!.