الحرية الشخصية من الحقوق التي تكفلها القوانين المحلية والدساتير الدولية ولا يشكك أي أحد في هذه الحقوق.. فالمادة 41 من الدستور المصري تشير إلي أن الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مصونة لا تمس.. لقد استند البعض للحرية الشخصية عندما ثارت زوبعة حول حق المنتقبات في دخول الامتحانات في الجامعات.. من المعروف أن الجامعات حريصة علي سلامة الامتحانات ولا تتواني في تطبيق النظم التي تحافظ علي نزاهتها.. الملاحظ أن السواد الأعظم من الطلاب امتثلوا لهذه الإجراءات غير أن بعضهم رأي أن هذه الإجراءات تمثل انتهاكا صارخا لحقوقهم وحرياتهم الشخصية ومن ثم لجأوا إلي مقاومة هذه الإجراءات بشتي السبل.. والسؤال هل ما اتخذته الجامعات من إجراءات تعتبر اعتداء علي الحرية الشخصية. تمثل الامتحانات الجامعية ركنا أساسيا من أركان تقييم الطلاب ولذلك تسعي الجامعات إلي اتخاذ جميع السبل التي تضمن نزاهتها وخلوها من كل ألوان التزوير والتدليس والغش.. هنالك عدة إجراءات اتبعتها الإدارات الجامعية لتحقيق هذه الأهداف، منها ضرورة حظر استخدام أو اصطحاب الكتب والمذكرات وأجهزة الموبايل داخل اللجان وضرورة التأكد من هوية الممتحنين ومنع دخول من لا حق لهم في أداء الامتحان.. ورغم امتثال السواد الأعظم من الطلاب للإجراءات المتبعة خلال الامتحانات مثل ترك المحمول والكتب والحقائب خارج اللجنة وعدم إخفاء الوجه أثناء أداء الامتحان غير أن بعض الطالبات رفضن الانصياع لضوابط منع الغش وكشف الهوية ولجأن لبعض التصرفات الغريبة كأن يرفضن كتابة البيانات الشخصية علي كراسة الإجابة والغريب أن هؤلاء الطالبات لا يدركن أن هذه الأساليب لا علاقة لها بالحرية الشخصية التي يتشدقن بها بل تعتبر إخلالا بنظام الامتحان ومخالفة صريحة للمادة 124 من قانون تنظيم الجامعات. لقد لجأت بعض الطالبات إلي محامين لاستصدار أحكام قضائية تنص علي أن الإجراءات الجامعية لحفظ النظام والتأكيد علي نزاهة الامتحانات تمثل انتهاكا صارخا لحريتهن الشخصية في ارتداء ما يشأن خلال الامتحانات وطالبن بضرورة السماح لهن بدخول الامتحان من دون الكشف عن هويتهن.. من الواضح أن هؤلاء الطالبات لا يدركن أن معظم الجامعات المصرية خلافا لما هو الحال في جامعات عربية (الجامعات الليبية) لا تتخذ موقفا عدائيا ضد النقاب ولا تمنع الطالبات المنتقبات من دخول الجامعة شأنهم في ذلك شأن الطلاب الذين يحملون أجهزة المحمول داخل أسوار الجامعة إيمانا منها أن ذلك يمثل حرية شخصية.. ولعل الطالبات المتشددات لا يعلمن أن الحرية الشخصية تسقط إذا تعارضت مع نظم الامتحانات وسلامة إجراءاتها.. يقول داني فريدريك في بحثه »مذكرات فلسفية« إن هنالك ثلاثة مبادئ ترسم حدودا للحرية الشخصية: المبدأ الأول: الضرر.. الشخص له الحق في أن يفعل ما يشاء طالما لا يلحق الضرر بالآخرين.. المبدأ الثاني: التكلفة: للشخص الحق في أن يفعل ما يشاء طالما لا يدفع الآخرون ثمنا لذلك الفعل.. المبدأ الثالث الفائدة: للشخص الحق في أن يفعل ما يحقق له نفعا طالما لا يقلل من منافع الآخرين.. وقد أبدي فريدريك عدم رضائه بهذه المبادئ وتبني مبدأ رابعا يتعلق بالحقوق: للشخص الحق في أن يفعل ما يشاء طالما لا ينتهك حقوق الآخرين.. فالطالب الذي يدخل الجامعة وفي يده كتاب أو مذكرة لابد أن يتركها خارج لجان الامتحان، كما أن الطالب لا يسمح له بدخول الامتحان وفي حوزته جهاز المحمول ونفس القول ينطبق علي إخفاء الوجه.. فمن حق مراقب الامتحان أن يتأكد من هوية الممتحن أو الممتحنة ومن حقه أيضا أن يطمئن أن شيئا مخالفا لقواعد الامتحان لا يحدث خلف عباءة النقاب.. أما ما يؤكد سلامة هذه الإجراءات فهو أن مخالفات وممارسات غير قانونية قد ارتكبت تحت هذا الرداء: لقد تم إلقاء القبض علي طالب استغل النقاب وتقمص شخصية طالبة ليؤدي امتحان التعليم المفتوح بدلا منها.. كما تم ضبط طالبة جامعية بالغردقة ترتدي النقاب وتقوم بالغش من خلال أجزاء من المقرر قامت بتدوينها علي الذراع قبل الدخول للجنة الامتحان. لعل بعض الطالبات نجحن في استصدار أحكام قضائية تسمح لهن بأداء الامتحان من دون أن يكشفن الوجه.. والحجة التي يتقدمن بها تتمثل في الحرية الشخصية في ارتداء ما يشأن من ملبس.. والخطورة في هذا الأمر تكمن في أن الطلاب قد يلجأون أيضًا إلي استخدام عمامة لتغطية الرأس والوجه وقد يلجأ بعض الطلاب للمحاكم للحصول علي أحكام تنص علي حقهم في اصطحاب الكتب وأجهزة المحمول داخل اللجان.