قاربت الساعة الثالثة فجراً وهدأت الأصوات خارج شرفتي وأغمضت النوافذ عيونها المضيئة وأسدلت الأستار فقد تقدم الليل كثيراً وانهد البشر من العمل واللعب حتي الكلاب أصابها الملل من العواء ادعاء بأنها تراعي الأمن! وفجأة اشتعل النور في الشرفة المواجهة وبرز عملاق يصرخ بأعلي صوته - طبعاً - مع ألف سلامة - من الفجر تروحي علي بيت أبوكي - يخرب بيت الجواز.. أنا قلت لأ - لأ -لأ. وبرزت داخل الكادر المضيء وسط الشرفة عملاقة منكوشة الشعر - مكروشة الصدر لهاثها يسبق صراخها.. تعوي: أروح بيت أبويا يا أحمد بعد عشرة العمر كله؟ هو: مع ألف سلامة - خلي أبوكي يحقق لك رغباتك المجنونة يا مجنونة. هي: أنا رغباتي مجنونة يا أحمد - أنا طلبت حاجة غلط؟ هو: وهوه الدش مش غلط؟ هي: الدش غلط!!.. ده حقي وكان لازم يدخل في قائمة العفش عاوزه أشوف الدنيا واتمتع بقه بدل ما أنا حطة بوزي في بوزك تفرض عليه حبة قنوات لا راحت ولا جت. هو: يعني أجيب لك دش عشان تسيبي شغل البيت وتربية العيال وتقعدي تتفرجي ليل ونهار ويا عالم حتشوفي إيه من ورايا يا خاينة؟! هي: أنا خاينة يا أحمد إخص عليك. هو: طبعاً خاينة لما تفضلي مبحلقة لنجوم شعرها ناعم وعضلاتها طالعة تبقي إيه.. يعني معجبة بحاجة مش من حقك.. حاجة نفسك فيها يا أم عين فارغة؟! هي: أنا عيني فارغة يا أحمد؟ هو: طبعاً مش يوم ما ضاع مفتاح الشقة وطلعت علي المواسير أفتح الباب.. صرخت بإعجاب حلاوتك يا أحمد ولا سلاحف النينجا - يعني أن حتي ما ساويش زحلفة يعني أنا مش مالي عنيكي.. أنا مش فارس أحلامك.. أنا مش النموذج المثالي.. عاوزه نموذج غيري حتي لو كان زحلفة من اليابان ولا أمريكا. أنا يا هانم دماغي بلغة قديمة.. لا يمكن أجيب دش أبداً.. مطلقاً. هي: خلاص - أنا من طريق وانته من طريق. هو: خالصين - أنا قلت لأ.. يعني لأ. هي: وأنا قلت آه يعني آه! هو: لا دش ولا زفت. هي: بلا جواز - بلا زفت! وانطفأ النور.. ومرت الليلة.. وبرزت أضواء الصباح.. ومضي اليوم وجاء الليل وعوت الكلاب كالعادة ورحل الأسبوع. ولما كانت الليلة الثامنة.. نظرت من شرفتي فإذا بالشرفة المواجهة سلك غليظ يتدلي من فوق سطح العمارة ويدخل للشرفة التي كانت مسرحاً للأحداث السابقة تعلقت عيني بالسلك وتسللت معه حتي سطح العمارة فإذا في نهاية السلك دش كبير مهول أسود وابتسمت وإذا بصراخ من نفس الشرفة وانفجر الضوء ودخل العملاق صارخاً: هو: لأ - أنا قلت لأ. وتبعته منكوشة الشعر تصرخ: أنا قلت أيوه عشان خاطري القناة دي كمان! هو: القناة دي بالذات لأ. عيب.. عيب! هي: القناة دي لازم - لازم - لازم! هو: إن ما كانش عاجبك روحي علي أبوكي! هي: إن ما كانش عاجبك روح انته عند أمك! هو: أمي؟! طبعاً يا هانم اتجرأت وكبرت في دماغك وبقي عندك حضارة في إيدك - العصمة والريموت في إيدك طبعاً - طبعاً ما دام عندك 30 قناة يبقي عاوزه مني إيه؟ خدي حريتك.. خلي الدش ينفعك! وسمعت صوت باب يغلق في عنف وصوت شبشب الزوج يطرقع فوق بلاط السلم ثم علي رصيف العمارة والشارع وصوت الزوجة تضحك بشدة.. وصوت عادل إمام في مسرحيته الشهيرة وهو يقول: خدوا انتو خيارايه وسيبو لي خيار ااايه.. وضج الجمهور بالضحك وأظلمت الشرفة.