افتتح الدكتور عماد أبو غازي الأمين العام للمجلس الأعلي للثقافة أولي ندوات احتفالية الدار المصرية اللبنانية بمرور خمسة وعشرين عاما علي إنشائها، بكلمة رحب فيها بالحضور، ومؤكدا أهمية الحدث كنوع جديد من الاحتفالات الثقافية، كما ألقي محمد رشاد رئيس مجلس إدارة الدار المصرية اللبنانية بكلمته أكد فيها علي أهمية دور الناشر في الارتقاء بالذوق العام الثقافي، وانتقاء الجيد والجديد والمفيد، الذي يؤثر إيجابيا في توجيه الحركة الثقافية. بدأت أولي فعاليات الاحتفالية بندوة حملت عنوان "الشعر العربي في مصر.. الواقع والتحديات" شارك بها كل من الدكتور صلاح فضل وفاروق شوشة ومحمد إبراهيم أبو سنة وأحمد سويلم وأحمد درويش. أدار الدكتور صلاح فضل الندوة وتحدث عن موقع الشعر وأهميته بجانب مقولة زمن الرواية، مشيرا إلي أن الشعر سيظل دوما البؤرة المتوهجة، وتطرق إلي قصيدة النثر، وطالب بضرورة أن نعترف بالتعدد والتنوع بين الأشكال الأدبية، مؤكدا أنه قد آن الأوان لتجاوز هذه الحروب الصغيرة. ثم تحدث الشاعر فاروق شوشة عن الشعر ومشكلاته موضحا أن الشعر فن لغوي في الأساس، ونحن نعترف بأننا نعيش حالة من الانهيار اللغوي ليس لها مثيل، علي مستوي جميع مراحل التعليم، بل امتد الانهيار اللغوي للصحافة اليومية والإعلام والإذاعة، وأصبحت الشكوي من اللغة العربية مقترح للكلام ونتيجته معروفة سلفا لكن المسئولين هم المنوطون بتحويله إلي هم قومي وهو ما لم نره حتي الآن. كما تناول في عرضه لمشكلات الشعر انغماس الناس جميعا في المشاكل الطائفية والتكنولوجيا الحديثة والمشاكل الاجتماعية لذلك اصبحوا يحتاجون لاشياء وأدوات جديدة تخاطب هذه الآليات التي ربما تتسع لها الرواية القصة القصيرة، ولكن لا يستطيع الشعر أن يقدم هذا فيعجز الشعراء عن تقديم هذه الآليات الجديدة. بدأ الشاعر محمد إبراهيم أبو سنة حديثه مستبعدا تصور الشعر كتجربة لغوية فقط، مؤكدا أنه تجربة أدبية كاملة عميقة مركبة راقية، ولهذا يري أن الشعر أقرب إلي أن يكون غريزة في نفس الشعراء. وعن قصيدة النثر قال: قصيدة النثر اختيار شباب الشعراء المعاصرين، ونحن لا نستطيع المصادرة علي اختيارات أحد، وأري أنه قد أتيح لها كل وسائل المساعدة الإعلامية التي لم تتح لما قبلها من تجارب، فأصبحت تمثل طوفانا حقيقيا يغمر الواقع، وهذا لا ينفي وجود الكثير من المواهب والتجارب الحقيقية في هذا النوع الشعري الجديد. ومن جانبه انتقد الشاعر أحمد سويلم انقسام الشعراء إلي قسمين أحدهما يتمسك بالوزن والقافية والصياغة المعهودة في بناء الشعر، والآخر متمرد علي كل هذه الصيغات والأوزان والقوافي، وكل منهما يحاول نفي الآخر، وتساءل من هم الآن جمهور الشعر؟ هم صفوة الصفوة او ربما نجدهم هم الشعراء انفسهم مما يجعلنا نقلص جمهور الشعر وهذا هو ما يستحق البحث الحقيقي خاصة بعد شيوع مقولة عصر الرواية. ولخص الدكتور أحمد درويش كلمته التي اختتمت بها الندوة في حاجة الشعر إلي نظرة واسعة، فلا ننكفئ علي سنواته القديمة لندرك التحول الكبير الذي طرأ عليه في نصف القرن السابق، فلم يكن هذا التحول نتيجة بعض التفعيلات وإنما هو فتح جديد في مجاللت جديدة في التعبير الشعري بالصور الشعرية والتداخل ما بين الشعر والفنون الأخري. وما نراه اليوم أن الشعر أعطي من روحه للفنون والآداب الأخري الكثير والكثير وتداخل معها كالقصة والرواية ولكن في الطريق بدأ يشعر بالخطر يداهمه لأنه خاطر بالتنازل عن جوهره بعدما أعطي من عصارته وهو الإيقاع والصور وغيرها.