أرادت الدار المصرية اللبنانية أن تحتفل بيوبيلها الفضى «25 عاما على تأسيسها» بطريقة مختلفة، وذلك عن طريق عقد ندوات لمدة خمسة أيام انتهت أمس الخميس فى قاعات المجلس الأعلى للثقافة. أشاد الحاضرون بفكرة الاحتفال وتعاون المجلس الأعلى للثقافة فى الاحتفالية، والذى رآه الدكتور عمادالدين أبوغازى أمين عام المجلس دلالة على توجه يتبناه المجلس وهو أن العمل الثقافى يقوم على أعمدة ثلاثة: المؤسسات الثقافية الرسمية، ومؤسسات المجتمع المدنى التى تعمل فى المجال الثقافى، والمشروعات الثقافية التى تتبنى الصناعات الثقافية كالنشر والسينما. وأضاف أبو غازى: لذلك تعقد احتفالية الدار المصرية اللبنانية فى المجلس. وفى كلمته أكد محمد رشاد رئيس مجلس إدارة المصرية اللبنانية أن الدار لا تهدف من خلال الاحتفالية إلى الدعاية، بل تهدف للاحتفاء بالذين شاركوها فى تأسيسها فضلا عن تقديم بيان أداء لما حققته الدار فى مسيرتها، والتى رأت أن الحداثة والتجديد هما عنوانها. وأشار رشاد إلى أن الدار تواصلت مع الموروث، وحافظت عليه بالنشر والتحقيق وتقديم التاريخ العربى والإسلامى، مؤكدا أن داره وضعت خطة للأعوام القادمة تتمثل فى عدة نقاط منها انطلاق الآداب العربية إلى الغرب، وتوفير الكتاب الأجنبى للقراء والطلاب والباحثين من أجل التواصل، وأيضا الكتاب المدرسى، والاهتمام بالنشر الاليكترونى. بعد هذه الكلمات الافتتاحية بدأت أولى الندوات التى تناولت واقع الشعر العربى فى مصر وتحدياته، وأدارها الناقد الدكتور صلاح فضل، و شارك فيها فاروق شوشة، ومحمد إبراهيم أبو سنة، وأحمد سويلم، وأحمد درويش، وعبداللطيف عبدالحليم. والندوة كانت فى مجملها منقسمة إلى فرعين: الأول إثبات أهمية الشعر وزيف مقولة «زمن الرواية»، والثانى الحديث عن واقع الشعر المصرى والعربى والهجوم الشديد على قصيدة النثر ووزارة التربية والتعليم التى تسببت فى انهيار اللغة العربية وتذوقها لدى الناس. وزاد الدكتور صلاح فضل من ذلك محاولا أن يوضح أن الإعلام لعب دورا فى تهميش الشعر فقال: «منذ أن غاب أبوسنة وشوشة عن الإعلام، غاب الشعر معهما»، مؤكدا أن الإعلام يحجب الكثير؛ لأن القائمين عليه اُختيروا على أساس قربهم من السلطة وليس لكفاءتهم، وأضاف: منذ أن غاب العقل النقدى المستنير لم نعد نقرأ قصيدة جيدة فى صحيفة من الصحف المصرية. أما الشاعر الكبير فاروق شوشة قال إننا نعيش حالة انهيار فى شتى مناحى الحياة، خاصة ما نشهده من انهيار للغة لم يسبق له مثيل، وأشار شوشة إلى أن أستاذ الجامعة لا يمكنه قراءة قصيدة قراءة صحيحة. أما الشاعر محمد إبراهيم أبوسنة فقال إن الإعلام المصرى يهمش الشعر والشعراء، وأن حركة الشعر أصبحت حركة سرية عبر الانترنت والذى أثبت أنه لم يخرج منه شاعرا حقيقيا. وأستخدم الشاعر أحمد سويلم المعجم لتوضيح معنى الشعر مما أثار الروائى إبراهيم عبدالمجيد خلال الندوة والذى قال: «إن تعريفات المعجم أحيانا تكون غير معبرة وزائفة ولا يمكن الاعتماد عليه، خاصة إذا أخبرنا أن وظيفة الشعر هى الإعلام». وسأل سويلم هل تخلى الجمهور عن الشعر فعلا؟، أم أن الشعراء هم الذين تخلوا عن دورهم؟ ورأى الدكتور أحمد درويش أن الشعر أعطى من روحه ودمه للآخرين: إلى الرواية والقصة، ولكنه بدأ يحس بالخطر فهو مهدد إذا استمر منشغلا بالآخرين. ثم تدخل الدكتور عبداللطيف عبدالحليم «أبوهمام» قائلا: «رغم أنى رجعى وسلفى وتقليدى ولكنى مع حركات التجديد بشرط أن تعطينى قاعدة أو أساسا»، وأكد أنه لا يوجد فى لغة العرب ما يسمى بقصيدة النثر، وأضاف «من يرزق الموهبة يكتب شعرا». وطالب عبداللطيف بإنشاء مكتبة صوتية للشعر بجانب المكتبة المطبوعة. وبدأت المداخلات من الحضور، وكان أولها من الروائى إبراهيم عبدالمجيد الذى اختلف مع المنصة فى هجومها على قصيدة النثر محاولا الدفاع عنها. وكان اللافت فى المداخلات والتعليق عليها تحميل وزارة التربية والتعليم المسئولية عن تدهور الحال الشعرى بل والثقافى. وتساءل محمد رشاد: كيف تتمسك الوزارة بإجراء مناقصات فيما يخص الفكر والإبداع؟. مطالبا أن يتولى الناشرون مسئولية الكتاب المدرسى حتى لا نفسد ذوق الطالب. يذكر أن برنامج الاحتفالية شمل بالاضافة إلى ندوة الشعر أربع ندوات، هى: «استرداد تراث مصر»، و«الحوار الثقافى»، و«دور التعليم فى التحول الديمقراطى»، و«الرواية فى مصر.. الماضى والحاضر والمستقبل». وشارك فيها نخبة من المفكرين والكتّاب، منهم جمال الغيطانى وزاهى حواس وعبدالحليم نور الدين ومحمد الكحلاوى وأبوالحمد فرغلى ومحمد الخولى وجابر عصفور وراسم الجمال ومحمد أبوالخير وشبل بدران وحامد عمار وسامى نصار وحسن شحاتة ومحبات أبوعميرة وعلى الدين هلال.