بقلم: ويليام نيتز وليون هادار ترجمة: مي فهيم يجب علي الاتحاد الأوروبي التوقف عن سياسة الركوب المجاني بالتكسب من ظهر السياسة الأمريكية في المنطقة تجاه الصراع المشتعل بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني.. ربما يكون منح كل منهما عضوية الاتحاد الأوروبي مفتاحا للحل... إن الوقت والجهد الكثير الذي يبذله الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما بين تحديات كبري مثل إعادة بناء الاقتصاد الأمريكي، والحروب الدائرة رحاها في أفغانستان والعراق، جعله يكتشف أن واشنطن ربما تكون مقيدة بعض الشيء في قدرتها علي تحقيق السلام من جانب واحد في الأرض المقدسة، فضلا عن تراجع القوة العالمية للولايات المتحدةالأمريكية في أعقاب اتخاذ إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش خطوات دبلوماسية وعسكرية خاطئة، ناهيك عن الخسائر الكبري في الاقتصاد الأمريكي؛ وهو ما يكشف بما لا يدع مجالا للشك عن ضرورة دعوة واشنطن مجموعة لاعبين آخرين هم الأوروبيون لمشاركة العبء الدبلوماسي والعسكري لعملية السلام في الشرق الأوسط.. ولكي تكون الصورة أكثر وضوحا وتتسم بمزيد من الصراحة فيجب علي واشنطن أن تضع حدا لسياسة الانتفاع المجاني التي يتبعها الاتحاد الأوروبي تجاه السياسية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، حيث يستفيد الأوروبيون من الدور العسكري والسياسي للولايات المتحدةالأمريكية بما فيه مسئوليتها في حث الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني علي إقامة السلام بينما ينأي الأوروبيون بأنفسهم عن السياسة الأمريكية التي تتعارض مع مصالحهم. وفي واقع الأمر، فإن مصالح الاتحاد الأوروبي التي تتأثر بعدم الاستقرار السياسي في الشرق الأوسط أكثر بكثير من المصالح الأمريكية، فمنطقة الشرق الأوسط ليست فقط مصدرا ل40٪ من واردات البترول للاتحاد الأوروبي مقارنة ب20٪ من واردات الولاياتالمتحدة من النفط وتجدر الإشارة إلي أنه إذا استطاعت إيران أن تسلح نفسها بأسلحة نووية فستصل صواريخها إلي باريس وروما قبل نيويوركوواشنطن. ويمثل الفشل في التوصل إلي حل لإنهاء الصراع بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني تهديدا مباشرا للأوروبيين بشكل خاص أكثر من الامريكيين، فتقديم حوافز لإسرائيل وفلسطين في شكل منحهم عضوية دائمة للاتحاد الأوروبي هو الأمر الذي من شأنه أن يساعد علي دفع عجلة السلام في الشرق الأوسط، بالإضافة إلي مساعدة أوروبا علي نحو استباقي لعكس الاتجاهات السلبية الحالية. ويعد الاتحاد الأوروبي هو أحد أهم الشركاء التجاريين ومصدرا لرأس المال في إسرائيل والسلطة الفلسطينية كما أن كلا من إسرائيل وفلسطين عضو في الشراكة الأورو متوسطية المعروفة باسم عملية برشلونة التي أطلقها الاتحاد الأوروبي في عام 1995 كجزء من جهوده الرامية لتعزيز علاقاته مع الدول الواقعة في شرق البحر المتوسط وشمال أفريقيا. وفي عام 2008 حاول الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أن يقوم بتنشيط هذه الشراكة عن طريق العمل علي تشكيل الاتحاد من أجل المتوسط من أعضاء الاتحاد الأوروبي والدول غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي التي لها حدود علي البحر المتوسط متضمنة إسرائيل وفلسطين. وربما يساعد كل من المنتدين المترابطين في تسهيل وجود دبلوماسية أوروبية نشطة جنبا إلي جنب مع مبادرات أمريكية تهدف لإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، فاستراتيجية الاتحاد الأوروبي يجب أن تكون أكثر من مجرد تطبيق لسياسة" القوي الناعمة" في شكل مساعدات اقتصادية وأخري غير عسكرية بالإضافة إلي كون الاتحاد الأوروبي في موضع يمكنه من استخدام قواته العسكرية المتطورة لخدمة حفظ السلام بين الحدود بين إسرائيل وفلسطين. وفي سياق متصل، تهدف المساهمة الأوروبية الهامة التي تدفع كلا من الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني إلي عملية السلام إلي منح عضوية الاتحاد الأوروبي لكل من إسرائيل وفلسطين، فالانضمام إلي الاتحاد الأوروبي لن يحقق فقط أهدافا اقتصادية وثقافية وسياسية عميقة لكثير من الاسرائيلين والفلسطينيين فحسب ولكنه أيضا سيساعد في وضع إطار للتعاون الاقتصادي بين الدولتين المترابطتين فضلا عن أن الانضمام إلي الاتحاد الأوروبي سيرجح من كفة ميزان القوي بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني في اتجاه زيادة العناصر الغربية والعلمانية علي حد سواء في كل من المجتمعين الإسرائيلي والفلسطيني. ان تحويل الدفة تجاه أوروبا سيكمل الدورة التاريخية لكل من الصهيونية التي أنجبت إسرائيل وللمعارضة القومية العربية التي أشعلتها أوروبا.. فإذا كانت معاداة السامية والامبريالية الأوروبية قد مهدت للصراع الحالي بين إسرائيل وفلسطين فإن هناك عنصرًا من عناصر العدالة التاريخية يحتم علي أوروبا أن تلعب دورا رئيسيا في حل الصراع بين الصهيونية والقومية العربية. بالنسبة للجانب الإسرائيلي، فإن الصفقة الدبلوماسية ستعزز من فوائد السلام مع الفلسطينيين من خلال عضوية الاتحاد الأوروبي وهو الأمر الذي من شأنه إنهاء تبعية إسرائيل للولايات المتحدةالأمريكية، ومع الاشتراط بأن انضمام إسرائيل إلي الاتحاد الأوروبي متوقف علي موافقتها علي الانسحاب من الأراضي المحتلة وتفكيك المستوطنات اليهودية وهو ما سيعزز أيدي هؤلاء الإسرائيليين الذين لا يتخيلون دولتهم كالجيتو اليهودي المسلح ولكن كدولة طبيعية ليبرالية تنعم بالرخاء الاقتصادي. أما الأمر بالنسبة للفلسطينيين فإن الاختيار يكمن بين الرؤية الخاصة بالسلام مع إسرائيل كجزء من الشراكة مع الاتحاد الأوروبي باعتباره نوعًا من المعارضة بديلاً لاستمرار الاحتلال الإسرائيلي والقوي المتنامية من القوي الإسلامية الراديكالية، فضلا عن أن عمل القيادة الفلسطينية مع الاتحاد الأوروبي سيساعد علي تقديم برنامج الإصلاح الموجه كجزء من الانضمام إلي المفاوضات. ويشمل البرنامج إعادة البناء الاقتصادي للضفة الغربية وغزة من خلال الاستثمارات والمساعدات وخلق شراكة فلسطينية- إسرائيلية وأوروبية وبالمثل فإن تأسيس منطقة التجارة الحرة (نافتا ) يزيد من الضغط من اجل الإصلاح في المكسيك وكذلك تقييم الروابط التجارية والمؤسساتية بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل والأردن وسوريا ولبنان وهو ما يمكن أن يمهد الطريق لتأسيس حركة تسعي إلي السلام والاقتصاد والتغير السياسي في المنطقة بأسرها. ويعد تشكيل إطار قوي لحماية حقوق الأقليات هو أحد أهم الفوائد الرئيسية للروابط القوية بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل وفلسطين ودول الجوار. وتجازف إسرائيل بأن تصبح دولة فصل عنصري مع حالة العزلة في الخارج ما لم تجد نفسها قادرة علي توفير الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية لمواطنيها من غير اليهود. وعلي النقيض فإنه سيكون من الصعب علي الفلسطينيين أن يلمسوا فوائد التعايش السلمي مع إسرائيل ما لم يكن اليهود قادرين علي العيش والعمل في الدولة الفلسطينية الجديدة دون خوف علي سلامة أرواحهم وممتلكاتهم، ولهذا فإن التكامل بين إسرائيل وفلسطين في إطار الاتحاد الأوروبي وفق قواعده مع ضمان حماية حقوق الأقليات ربما يجعل من السهولة بمكان الوفاء بمثل هذه المتطلبات. ربما يشعر العديد من الامريكيين بالاستياء تجاه فكرة فقدان الولاياتالمتحدة لدورها الرئيسي في عملية السلام، بيد أن السعي غير الاستراتيجي للعديد من الإدارات الأمريكية القائم علي قيادة الولاياتالمتحدة لسياسات الشرق الأوسط في الوقت الذي تطالب فيه واشنطن الدول الأوروبية بالتخلي عن استخدام النفط وفحص إطارات السيارات لم يعد مجديا، الأمر الذي يفسر مطالبة أوباما للدول الأوروبية بالبدء في اتخاذ دور فعال لدفع عملية السلام في الشرق الأوسط.