التنمية المحلية: انطلاق الأسبوع التدريسي ال 19 بمركز سقارة غدًا    اعتماد اللجنة العليا للمياه لخطة سلامة ومأمونية المياه لمحطة مياه غرب النيل بالأقصر    شعبة المواد الغذائية: زيادة تصل ل 10 جنيهات في أسعار آيس كريم نستلة    محافظ أسيوط يقود مفاوضات استثمارية في الهند لتوطين صناعة خيوط التللي بالمحافظة    رئيس مصلحة الجمارك: متوسط زمن الإفراج الجمركي عن 75%؜ من الواردات حاليًا لايتجاوز 4 أيام    هجوم بمسيّرات أوكرانية يوقع قتيلين بوسط روسيا    ناقلة نفط فنزويلية صادرتها أمريكا شريان الحياة السرى لكوبا.. ما القصة؟    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات والانهيارات الأرضية بإندونيسيا لأكثر من 1000 شخص    جنش: كنت قريبا من العودة للزمالك.. وهذا ردي على اتهامات التفويت    انتهاء أزمة محمد صلاح    الأهلي يواجه الجيش الرواندي في نصف نهائي بطولة إفريقيا لكرة السلة للسيدات    تأجيل دعوى تعليق تنفيذ أحكام الإعدام بعد تعديلات الإجراءات الجنائية إلى 28 مارس    طقس متقلب وتحذيرات علمية.. لماذا يجب التوقف عن ري الأراضي؟    شاهد موقع انهيار جزئى لمنزل فى قرية الدير أسفر عن وفاة 3 وإصابة 2 بمدينة إسنا    حماية المستهلك يحرر 129 محضرا بحملات رقابية بالشرقية    بدون ترخيص.. ضبط 32 شركة سياحة تنظيم رحلات حج وعمرة بتهمة النصب على المواطنين    رئيس الوزراء يتفقد مكتبة مصر العامة بشبين القناطر    «الست» يحقق 7 ملايين جنيه في أول 3 أيام عرضه بالسينمات    الأعلى للثقافة: الكشف الأثرى الأخير يفتح ملف عبادة الشمس ويعزز القيمة العالمية لجبانة منف    قبل انطلاقه.. النعماني يستقبل نجوم لجنة تحكيم "تياترو الجامعة" سامح حسين ولقاء سويدان    مهرجان القاهرة للفيلم القصير يعلن قائمة محكمي مسابقات دورته السابعة    رئيس هيئة الرعاية الصحية: مستشفى الجهاز التنفسي أول مستشفى عالي التخصص ضمن التأمين الصحي بالسويس وقدّمنا 38 ألف خدمة    الصحة: فاكسيرا توقع بروتوكول تطوير المعامل المركزية لضمان جودة الأمصال واللقاحات    احذري، قلة النوم تؤثر على المناعة والذاكرة والمزاج    لخدمة الشباب والنشء.. رئيس الوزراء يؤكد دعم الدولة للمشروعات الثقافية وتنمية الوعي بالمحافظات    القضاء الإداري يؤجل نظر طعن هدير عبد الرازق على نص «القيم الأسرية»    أمانة المراكز الطبية المتخصصة تكرّم إدارة الصيدلة بمستشفى الشيخ زايد التخصصي    تحرير 804 مخالفات مرورية لعدم ارتداء الخوذة    عميد طب القاهرة يدعو إلى تصنيع أول جهاز ECMO مصري بالتعاون بين وحدة الحالات الحرجة والصناعة الوطنية    تربية بني سويف تنفذ تدريبًا للمعلمين على مهارات المعلم الرقمي    «أسرتي قوتي».. المجلس القومي لذوي الإعاقة يطلق برامج شاملة لدعم الأسر    الإعلام الحكومي بغزة: الاحتلال يواصل إغلاق المعابر ويمنع إدخال المساعدات    مواعيد مباريات السبت 13 ديسمبر - بيراميدز ضد فلامنجو.. وليفربول يواجه برايتون    قائمة لاعبي السلاح المشاركين في دورة الألعاب الأفريقية للشباب بأنجولا    قطاع أمن المنافذ يضبط مخالفات وجرائم تهريب متنوعة خلال 24 ساعة    استشهاد فلسطيني برصاص الاحتلال الإسرائيلي في جباليا    "عربية النواب": اتصال السيسي وماكرون يعكس التوافق حول حتمية حل الدولتين    تايلاند تتعهد بمواصلة عملياتها العسكرية ضد كمبوديا حتى إزالة كل «التهديدات»    وزيرة التضامن الاجتماعي تلتقي رئيس الطائفة الإنجيلية ووفد من التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي    سعر طن الأرز اليوم..... تعرف على اسعار الأرز اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى المنيا    البيت الأبيض بعد نشر صور جديدة من تركة إبستين: خدعة من الديمقراطيين    موعد مباراة برشلونة وأوساسونا في الدوري الإسباني.. والقنوات الناقلة    إدراج معهد بحوث الإلكترونيات ضمن لائحة منظمة الألكسو لمراكز التميز العربية    وزير الرياضة يطلق نصف ماراثون الأهرامات 2025    الخدمة هنا كويسة؟.. رئيس الوزراء يسأل سيدة عن خدمات مركز طحانوب الطبى    السكك الحديدية تعتذر للركاب لهذا السبب    وزيرة التضامن تبحث نتائج المرحلة الرابعة من مبادرة «ازرع» مع رئيس الطائفة الإنجيلية    تشويه الأجنة وضعف العظام.. 5 مخاطر كارثية تسببها مشروبات الدايت الغازية    بيراميدز يتحدى فلامنجو البرازيلي على كأس التحدي    اسعار الذهب اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى محال الصاغه بالمنيا    هشام أصلان في معرض جدة للكتاب: الهوية كائن حي يتطور ولا يذوب    مواقيت الصلاه اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى المنيا.....اعرف مواعيد صلاتك بدقه    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ولازالت مصطبة عم السيد شاهدة ?!    "يا ولاد صلّوا على النبي".. عم صلاح يوزّع البلّيلة مجانًا كل جمعة أمام الشجرة الباكية بمقام الشيخ نصر الدين بقنا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 13-12-2025 في محافظة قنا    إفتتاح مؤسسة إيناس الجندي الخيرية بالإسماعيلية    محافظ الدقهلية يهنئ الفائزين في المسابقة العالمية للقرآن الكريم من أبناء المحافظة    ننشر نتيجة إنتخابات نادي محافظة الفيوم.. صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إيران والولايات المتحدة في عصر أوباما
نشر في نهضة مصر يوم 22 - 02 - 2009

تحتل إيران وأفغانستان موقعا مركزيا في السياسة الخارجية للرئيس أوباما وإن لم تُفصح الإدارة الجديدة حتي الآن عن تفاصيل هذه السياسة. ويجري الاعتماد حاليا في تحليل السياسات المُرتقبة وآليات تطبيقها في المستقبل علي تصريحات أوباما خلال حملته الانتخابية، وما ذكره في خطاب التنصيب، وما عبر عنه جوزيف بايدن نائب الرئيس أمام مؤتمر ميونخ للأمن. ويمكن القول باختصار وفي إطار ما أُعلن حتي الآن من تفاصيل، أن الولايات المتحدة مُستعدة لإجراء حوار مباشر مع إيران بدون شروط مُسبقة خلافا لموقف الرئيس السابق بوش؛ أما بالنسبة لأفغانستان فتعكس السياسة الأمريكية جانب التشدد والنية في استمرار الحل العسكري بل زيادة حجم القوات هناك ودعوة الحلفاء لتحمل مسئولياتهم باعتبار أن أفغانستان كانت من البداية هي التحدي الرئيسي وليس العراق. لكن بالرغم من تسمية مبعوثين أمريكيين إلي أفغانستان والشرق الأوسط، لم يعلن حتي الآن اسم المسئول عن ملف إيران داخل الإدارة الأمريكية وممثلها في أية مفاوضات ثنائية في المستقبل.
من الزاوية الاستراتيجية تقع إيران وأفغانستان في وسط مركز الثقل العالمي الجديد، حيث الصراعات الكبري مقارنة بأوروبا في فترة الحرب الباردة. ومن هذا المركز الذي يحتوي داخله أيضا علي باكستان انطلقت شرارة المُواجهة مع المُعسكر المُنتصر في الحرب الباردة في صورة هجوم 11 سبتمبر وما سبقه من إرهاصات وما تلاه من مواجهات في أفغانستان والعراق ولبنان ومؤخرا في غزة. وفي داخل تفاصيل تلك المواجهة الواسعة والمشتعلة حتي الآن يتجلي الوجود الإيراني بشكل أو بآخر، وتزداد خطورته كلما اقترب من هدف الحصول علي القنبلة النووية. ومن الناحية النوعية، ومع التسليم باختلاف طبيعة الحالتين، نجد أن الصراع في أفغانستان وداخلها طالبان يجري مع عصابات مسلحة متشددة تسعي إلي تحقيق صورة معينة للإسلام العالمي، في حين أن صراع الغرب مع إيران يجري مع دولة عضو في الأمم المتحدة تتبني حلما إسلاميا مُختلفا يسعي إلي هيمنة بديلة طبقا للرؤية الإيرانية.
ولقد نجحت إيران بالفعل في التحرك علي مهل وبثقة في بناء قدراتها النووية والصاروخية، كما مدت تحالفاتها إلي دول وجماعات في المنطقة علي عداء مع المعسكر الغربي مثل سوريا وحزب الله وحماس في فلسطين، وحافظت علي مستوي من التوتر في منطقة الشرق الأوسط تمكنت من خلاله استنزاف الآخرين عسكريا وسياسيا. وقد أفاق الناس مؤخرا فقط علي تدبير إيران في المنطقة عندما تابع الجمهور العربي حديث الشيخ حسن نصر الله وهو يحرض الشعوب والجيوش علي التمرد وعدم الانصياع لقادتها ورؤسائها.
والمُقلق في سياسات أوباما تجاه إيران أنها بجانب تأخر الإعلان عنها بوضوح، لا يوحي ما ظهر منها حتي الآن بطبيعة الأسلوب المُتوقع للتفاوض مع إيران، والتعامل مع مراوغاتها المعهودة، وانتقالها من مرحلة إلي أخري بدون الوصول إلي نتائج معينة. والأهم من ذلك موضع قضية امتلاك إيران للقنبلة النووية في المستقبل، وتأثير ذلك علي توازن القوي في الشرق الأوسط. ومن المعروف أن أمريكا تنوي لأول مرة إجراء حوار واسع ومعمق مع إيران، وهذا في حد ذاته اعتراف بأهميتها ودورها، لكن المُشكلة تأتي من التفاصيل وعلي رأسها المشروع النووي الإيراني خاصة إذا أخذنا في الاعتبار الشوط الطويل بين طهران ووفد الاتحاد الأوروبي الذي لم يسفر عن نتيجة حتي الآن، بعد أن منح طهران وقتا غاليا لتطوير قدراتها النووية. وحتي الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي دافعت عن إيران في مرحلة سابقة وتحذيرها من مغبة التعامل معها عسكريا، قد صدر عنها تحذيرات جديدة بأن من بين أنشطة إيران ما يبعث علي الشك، وأنها لا تتعامل مع الوكالة الدولية بمستوي الشفافية المطلوب.
من الواضح أن أوباما بالنسبة لإيران، وبالنسبة لمواضيع أخري، حريص علي أن يكون مختلفا عن خلفه بوش في الأسلوب وفي اللغة وفي التفاصيل. وهذا بطبيعة الحال ضروري ومفهوم وممكن، لكنه سوف يصطدم بحقائق استراتيجية تتطلب تغييرا جوهريا في السياسة الإيرانية، وهو الأمر غير المتوقع حتي الآن إلا إذا شعرت إيران وتحققت من طبيعة الثمن الذي سوف تدفعه إذا لم تستجب لمطالب واشنطن. شئ آخر يتعلق بالسجل التفاوضي الطويل بين وفد الاتحاد الأوروبي وإيران وقد حضرت مشاهده الأخيرة الولايات المتحدة بصفة متفرج أو مراقب. ومن المتوقع من ناحية إيران أنها سوف تطلب من الأمريكيين بدء المفاوضات من البداية بعد أن أصبحت مُحترفة في تطويل المفاوضات بدون الوصول إلي نتائج وهو ما سوف تفعله أيضا مع الولايات المتحدة إذا لم تجد رادعا واضحا في الأفق. وهناك أيضا جانب الأولويات بين الجانبين، ففي حين ركز الوفد الأوروبي علي الموضوع النووي بالتحديد، سوف تسعي إيران إلي أجندة مفاوضات طويلة يحتل فيها الموضوع النووي مرتبة متأخرة. ولاشك أن دور طهران الإقليمي سيكون في المقدمة، وسيكون علي حساب دول الإقليم المُنقسمة في موقفها من طهران. والموقف الإيراني الأخير من البحرين ورد الفعل العربي دليل علي ذلك، وهو مؤشر واضح لما سوف تفعله إيران لتشكيل أجندة التفاوض قبل أن تجلس مع الولايات المتحدة.
تُمثل إسرائيل وأمنها عاملا مهما في أية مفاوضات قادمة بين واشنطن وطهران. والزمن بالنسبة لإسرائيل عامل مهم وهي لا تريد أن تستيقظ في الصباح وتقرأ في الصحف أنباء تجربة نووية إيرانية. من المفهوم أن الموضوع النووي الإيراني قد تمت مناقشته بدرجة ما بواسطة الإسرائيليين مع فريق أوباما في فترة الانتخابات، وربما بعد وصول أوباما للبيت الأبيض، لكن لم يصدر حتي الآن من الإدارة الأمريكية ما يشفي غليل إسرائيل، وكثير من المحللين في إسرائيل ينتقدون عدم الوضوح الأمريكي ويرون أن إيران بطريقتها المعهودة سوف تلعب بالمفاوض الأمريكي، وسوف تفعل الكثير لكسب مزيد من الوقت. وقد حاولت إيران من جانبها تسخين المنطقة بتشجيعها حماس لخرق التهدئة وضرب الصواريخ علي إسرائيل، كما حاولت إسرائيل من جانبها توريط حماس في مغامرة عسكرية تستعرض فيها قدراتها علي الحسم، وتقيس رد الفعل الأمريكي والإيراني تجاهها، وكل ذلك استعدادا للتعامل مع الإدارة الأمريكية الجديدة في المستقبل.
وفي النهاية لا يجب أن ننسي أن الولايات المتحدة سوف تجلس مع إيران وقد أُرهقت قواها بالحرب في العراق، وباستمرار وجودها العسكري في أفغانستان، مُضافا إلي ذلك الأزمة المالية والاقتصادية التي تمر بها وتداعياتها غير المعروفة في المستقبل. هذا المناخ سوف يشجع إيران علي إدارة الحوار مع الولايات المتحدة بالصورة التي تتفق مع أهدافها، إلا إذا سبق الحوار مؤشرات صادقة أن إيران سوف تخسر كثيرا إذا تلاعبت بالتفاوض وأصرت علي مشروعها الاستراتيجي القديم منذ قيام الثورة بهدف وضع الشرق الأوسط تحت هيمنتها. ويمكن المجازفة بالقول أن المنطقة كلها وربما العالم كله برغم نسمة التفاؤل التي صاحبت وصول أوباما إلي البيت الأبيض مُقبل علي فترة عدم استقرار، واختبارات متبادلة بين مراكز قوي مختلفة، وأن الأمل في حسم أمريكي لتغيير العالم من منطق مثالي وفي غيبة القوة لم يستوفي بعد عناصره الضرورية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.