عام ينتظر لحظة انطفاء الأنوار، وعام جديد ينتظر لحظة الانطلاق، وبين اللحظتين أحداث عديدة قد تكون في مجملها مكررة معادة، لكن تبقي الروح التي تحيط بها الشيء الوحيد الذي يحمل الاختلاف.. الصورة العامة لما شهدته 2009 ثقافيا تنبئ بإضافات، مكتبات، دور نشر دفعت بعشرات العناوين، وهو ما يبرز بوضوح صورة المفارقة التي يعيشها الواقع الفعلي لثقافتنا، حيث لم تنجح هذه الإنجازات في إفاقة الثقافة، ولم تتعد كونها مكاجا صاخبا علي وجه شاحب، وطرحت السؤال الصادم، هل كانت هذه الإنجازات لصالح الإبداع حقا أم لصالح المبدعين؟! لا نستهدف من وراء هذا الملف تقييم ما فات، بقدر محاولة الاستفادة منه في المستقبل، لمعرفة الأخطاء، نستعرض أهم القضايا والأحداث التي وقعت العام الماضي، ننظر بعين الدهشة للصراعات التي حدثت في الأتيليه، والصخب الذي صاحب الجوائز، ومعركة اليونسكو التي كشفت زيف ما يتردد عن قبول الآخر، وأظهرت تحيز الغرب، ونعيد التأكيد علي أهمية اتخاذ خطوات سريعة لعلاج الأدباء، نقدم للراحلين وردة ، وطوف سريع علي أهم الأحداث العالمية. دور النشر الجديدة لمن؟.. شباب المبدعين.. أم الإبداع ذاته؟!
شهد عام 2009 نشاطا ملحوظا في حركة النشر، سواء المطبوع أو النشر الافتراضي علي الإنترنت، خاصة بين شباب المبدعين، وذلك عبر دور نشر تخصصت فقط في نشر إبداعات الشباب، عانوا من عنت دور النشر الكبري فقرروا أن يكون لهم دور النشر الخاصة بهم، ولكن المشكلة التي تتعلق بهذه الدور هي عدم وجود بيان واضح بأعدادها وأسمائها، أو تواريخ إنشائها، كما أنها جميعا غير مقيدة بقوائم اتحاد الناشرين المصريين، وهو ما يجعل إحصاؤها أمرًا قائمًا علي المجهود الشخصي، والبحث الفردي. تأتي دار "دوّن" في بداية الدور التي تأسست هذا العام، بالتحديد في فبراير، وبنهاية هذا العام من المتوقع أن يصل إجمالي العناوين الصادرة عنها 16 عنوانا، حسب تأكيدات مديرها أحمد مهني، من بينهم ديوان الفنان خالد الصاوي "نبي بلا أتباع"، و"يا عيني عليكي يا مصر" للدكتور نبيل فاروق، والمجموعة القصصية "الحياة بدون كاتشاب" لأحمد القاضي، و"الله الوطن أما نشوف" لأستاذة العلوم السياسية سلمي أنور. شهد فبراير أيضا انطلاق دار "عالمية" لتختتم عامها الأول هي الأخري بمحصلة قدرها عشرة عناوين، منها: "حركات المطالبة بالتغيير في الوطن العربي" لأحمد سيد حسين، و"إسلاميات قضايا وإشكاليات" للدكتور محمود إسماعيل، ورواية "المدينة" لأحمد رمضان الغرباوي، وكتاب نصوص بعنوان "يحدث أحيانا" لعلياء بسيوني، وكذلك رواية" كول مي" لعلاء عبد الحميد، وأيضا شعر عامية بعنوان "قبل ما يعقل يا جدعان" لأحمد علي نصار، وكذلك دراسة عن "جيفارا" لعصام شعبان، وكتاب "الخطاب الشعري بين الخاص والعام" لإبراهيم الجهيني، ولعله من الجدير بالذكر أن مدير" عالمية" شاب لا يتعدي عمره ال27 عاما. بعكس دور النشر السابق ذكرها جاءت دار "أرابيسك" للنشر والتوزيع لتختلف عنهم في الأهداف، تأسست الدار في مارس 2009، وصدر عنها حتي الآن 22عنوانا، أبرزها "الوعي الحضاري وأساطير التصور" لناجي رشوان، ورواية "الليل وأخفي" لأسماء شهاب الدين، وكتاب"استراتيجيات الشعرية العربية" لدكتور محمد فكري الجزار، يكمن اختلاف "أرابيسك" كما يقول مالكها المترجم طاهر البربري، أنها لا تشجع فئة عمرية بعينها علي الكتابة، وإنما هي لخدمة الثقافة العربية والكتابات الفكرية والإبداعية الجادة. في مارس أيضا خرجت للنور دار "مزايا" لصاحبها سامح الجباس، وبحلول نهاية هذا العام يكون إجمالي العناوين الصادرة عن الدار 15 عنوانا أبرزها "كود ساويرس" لمحروس أحمد، و"ليلة واحدة بس" لإسلام مصباح، و دواوين شعر عامية، معظمها لشباب ينشروا للمرة الأولي، ويقول الجباس أن معظم كتاب الدار شباب وهو أمر غير مقصود يمثل حتمية أكثر منه اختيار لأن الأعمال التي تقدم للدار هي في الغالب لشباب. في أغسطس تأسست دار شباب بوكس للنشر والتوزيع أسسها كل من مصطفي فتحي، وأماني التونسي بعد أن تعذر نشر رواية "بلد الولاد" لمصطفي فتحي عن دور نشر أخري، ورفضت بعض المكتبات عرضها وبيعها، الأمر الذي دفع مصطفي بالتعاون مع أماني لإنشاء الدار التي صدر عنها حتي الآن ثلاثة عناوين هي "بلد الولاد" لمصطفي فتحي، و"مصر بالكاريكاتير" لعمرو عكاشة، و"بالنيابة عن جسدي" لهبة عفيفي، وقد أكد المؤسسون مع بدايات ظهور الدار أن هدفهم الأول هو تقديم مجموعة جديدة من الكتب المميزة للوسط الثقافي العربي، أبدعها شباب في سن العشرينيات. شهد شهر نوفمبر إنشاء دارين للنشر والتوزيع الأولي هي "دار المصري" لصاحبها يوسف المصري، وتعد الدار حاليا لإصدار خمسة عناوين، منها كتاب مصطفي فتحي الجديد "حدوته عبرية"، وكتاب ساخر لمدون ينشر أعماله لأول مرة، فضلا عن مجموعة قصصية لمجموعة شباب، وديوان شعر، أما الدار الثانية فهي إنسان لصاحبها طارق عميرة، التي أصدرت حتي الآن عنوانا واحدا من إجمالي خمسة عناوين ينتظر صدورها خلال الأشهر القليلة القادمة، الكتاب الصادر هو "ما يعد حسن العامري". دار "الغد" واحدة من دور النشر التي تأسست في 2009، وصدر عنها حتي الآن عنوان واحد هو: "مصر علي ورق البردي"، وسوف يختتم عام 2009 أيامه بحفل إطلاق دار "صفصافة" الذي من المنتظر أن يقام بمكتبة "بدرخان"، ويتم خلاله توقيع ثلاثة كتب لثلاثة من شباب الكتاب.