يعيش في الولاياتالمتحدةالأمريكية مواطنون ينحدرون من أصول وجماعات مختلفة إحداها الأمريكيون العرب والأخري الأمريكيون اليهود لا جدال أن الوجود بات مؤثراً علي صناعة القرار في دهاليز السياسة الأمريكية بينما العرب مازالوا بلا تأثير ملموس وهذا التفوق اليهودي تعكسه القرارات الصادرة من البيت الأبيض ونتلمسه بوضوح في المواقف التي يتخذها الكونجرس تجاه القضايا العربية وآخرها موقف الكونجرس الذي أدان تقرير جولد ستون في 3 نوفمبر 2009 علي اعتبار أنه تقرير منحاز ضد إسرائيل لعل القارئ يصاب بالدهشة إذا علم أن 344 عضوا قاموا بالتصويت بالموافقة علي إدانة التقرير مقابل 36 عضواً رفضوا القرار سوف نحاول في هذا المقال التطرق إلي جانب من تلك الأمور التي جعلت اليهود يتفوقون علي العرب في التأثير علي القرار الأمريكي. من الملاحظ أن أعداد العرب في أمريكا لا تختلف كثيرا عن أعداد اليهود التي تنخفض عاما بعد عام فوفقا لإحصائية المعهد العربي الأمريكي فإن عدد الأمريكيين العرب قد بلغ حوالي 3.5 مليون وأن حوالي 62٪ من هؤلاء العرب ينحدرون من بلاد الشام وينتشر العرب في المدن الأمريكية الكبري حيث يقيم حوالي 48٪ 576 ألفا في كاليفورنيا وميتشجان ونيويورك وفلوريدا ونيوجيرسي وتضم مدينة ديربورن في ميتشجان أكبر نسبة من الجالية العربية بواقع 30٪ من الأمريكيين العرب وفي المقابل فإن أعداد اليهود الأمريكيين في تناقص مستمر منذ عام 1970 فوفقا للتقرير السنوي لمعهد التخطيط اليهودي فإن عددهم بلغ 5 ملايين و400 ألف يهودي في 1970 لينخفض في 2005 إلي 5 ملايين و280 ألفاً ومن المتوقع أن تنخفض الأعداد في عام 2010 إلي 5 ملايين و200 ألف. ورغم تقارب أعداد العرب واليهود في المجتمع الأمريكي إلا أن التأثير العربي علي صناع القرار في أمريكا لا وجود له مقارنة بالتأثير اليهودي من المؤكد أن غياب الدور العربي تبرره قلة الجمعيات والمنظمات العربية التي لا يتجاوز عددها سبع منظمات والتي تهتم فقط بالعمل الاجتماعي والاقتصادي مثل شبكة المبادرة العربية الأمريكية التي تهدف إلي دعم العدالة الاجتماعية في أمريكا والشرق الأوسط والغرفة التجارية العربية الأمريكية التي تسعي لتشجيع الاستثمارات الأمريكية في الدول العربية والمجلس القومي للعلاقات العربية الأمريكية وهي جمعية أهلية تهدف إلي زيادة معرفة الأمريكيين بالعالم العربي واللجنة الأمريكية العربية لمكافحة التمييز وهي تهدف إلي الدفاع عن حقوق المواطنين من أصل عربي. هل تصدق أن لليهود حوالي 50 منظمة في الولاياتالمتحدةالأمريكية: منها الإيباك اللجنة الأمريكية الإسرائيلية للشئون العامة ومؤتمر اليهود الأمريكيين والحركة الصهيونية الأمريكية والمجلس اليهودي للشئون العامة.. وهذه المنظمات تلعب دورا مؤثرا علي آليات صنع القرار في أمريكا وحسب صحيفة نيويورك تايمز فإن ايباك تعتبر أهم المنظمات التي تعني بعلاقات الولاياتالمتحدة مع إسرائيل.. فهذه المنظمة التي أسسها اسايا كينان في عام 1950م نشأت نتيجة الشائعات التي انطلقت حول نية حكومة ايزنهاور في إجراء تحقيقات حول ممارسات المجلس الصهيوني الأمريكي وكان الهدف من تأسيسها هو تكوين لوبي ضاغط لوقف هذه التحقيقات ووفقا لرواية مايكل اورن في كتابه القوة والإيمان والفنتازيا: الدور الأمريكي في الشرق الأوسط فإن هذه المنظمة لم تحقق القدرة الاقتصادية للتأثير علي أعضاء الكونجرس إلا في منتصف السبعينيات.. لقد تحولت هذه المنظمة من كيان صغير يضم عددا قليلا من الأعضاء إلي حركة كبري تضم 100 ألف عضو.. الجدير بالذكر أن هذه المنظمة لا تتواني في التواصل مع الشخصيات المرشحة للعمل في الإدارات ذات التأثير الشديد علي مستقبل إسرائيل. لقد نجحت المنظمة في تمرير عشرات القرارات والقوانين التي تدعم المواقف الإسرائيلية في منطقة الشرق الأوسط.. وتعتبر إيران هدفا من أهداف هذه المنظمة التي مارست ضغوطا علي الكونجرس لاستصدار قوانين وقرارات تدين إيران وتفرض عليها عقوبات قاسية خلال الخمس عشرة سنة الماضية.. ولم تكتف المنظمة بتأييد المساعي الإسرائيلية للحصول علي مساعدات أمنية وعسكرية حتي تبقي إسرائيل قادرة علي مواجهة التحديات والتهديدات بل استطاعت تمرير قرارات متعددة تؤكد تأييد الكونجرس لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها عند مواجهة هجمات حزب الله أو حماس.. ولم تدخر المنظمة جهدا في سبيل تبني تشريعات تطالب الحكومة بإعادة النظر في المبيعات العسكرية للدول العربية ضمانا للمحافظة علي التفوق العسكري لإسرائيل. هذه بعض الأنشطة لمنظمة يهودية تعتمد علي التبرعات الشخصية ولا تتلقي أي أموال من إسرائيل أو من أي منظمات أهلية في أمريكا.. والسؤال الذي نتركه لمن يهمه الأمر هو أين المنظمات العربية الأمريكية من تلك الأنشطة والتحركات التي من شأنها أن تدعم القضايا العربية.