من مفارقات القدر أن جعل ترسانة الإعلام الفضائي بين أقدام من لم تكن لهم إلا موهبة قذف الكرة يمينا وشمالا أو من تسامي فوق ذلك فكان صاحب ضربة رأس يستطيع من خلالها أن يهز الشباك ومعها قلوب الجماهير فظهر علي السطح لاعب كرة امتطي صهوة الميكروفون واعتبر نفسه فارسا مغواراً فوصف الجزائريين بأنهم همج وتباري آخر بقوله إنهم يهود وقال ثالث إنهم بلطجية بلغة التعميم. وكان الرد الجزائري أكثر ضراوة أو كان البدء الجزائري أكثر تخلفا عندما اقتحم الهاكرز صحيفة مصرية وكتبوا عليها إن المعز لدين الله الفاطمي جزائري الجنسية وأنه جاء إلي مصر ليعبر بها من عصر الفرعنة إلي النور وابتني فيها المساجد.. والطريف أن رسالة المنتمي إلي المعز جاءت ركيكة ومليئة بالأخطاء الاملائية بينما كان الردح الثاني من كاتب جزائري قد تعدي الخط الأحمر وسخر من القرآن الكريم. قال الرجل في عموده: إن حسن شحاتة قال: إني رأيت أحد عشر لاعبا ورواندا وزامبيا رأيتنا معهم خاسرين فرد سمير زاهر يا شحاتة لاتقصص رؤياك علي اللاعبين وقل للصحافة إن هذا من كيد الجزائريين وقال شحاتة إني أري سبع نقاط خضر وأربع مصريات وتسع نقاط باقيات باأيتها الصحافة أفتوني في رؤياي إن كنتم للرؤي تعبرون وتواصل الكاتب السطحي في وصلة من العته أسماها مقالا ونشرها في الصحيفة الأوسع انتشاراً. وهكذا سقطنا جميعا ضحايا تسليم راية الإعلام إلي أنصاف المتعلمين وجرينا خلف تظاهرة من الجهل والسطحية والتعصب الأعمي وساهمنا دون وعي في تنفيذ المخطط القطري لاخراج الاستثمارات المصرية من الجزائر كما رسمنا أولي خطوات إغلاق باب الرحمة المصرية في وجه الجزائر بإبعاد مصر والانفراد بها في أزمتها الاشد من أزمات المنطقة كلها واختزلنا دولتين في تسعين دقيقة وحاسبنا الشعوب علي ممارسات هوجاء قام بها قلة هنا أو هناك. وكما يقولون الكرة مستديرة فإن السياسة أثبتت أنها أكثر استدارة وبعد أن كان بوتفليقة المريض شفاه الله وعافاه يستمد من مصر عونا لكنه صمت أمام جحافل الجهل والغطرسة وترك بلاده نهبا لاعلام غير مسئول وتركنا نحن جماهيرنا للغندور ومصطفي عبده وشوبير وكأنه انفراد بالمرمي.. مرمي البسطاء الذين انساقوا إلي المساحة الأكثر ظلاما في علاقات دولتين تعانيان من نار الجهل والأمية. لم تكن النقاط الثلاث هي نصيب الفائز فقد خسر الفريقان ما هو أكبر بكثير من مشاركة شرفية في مونديال نسعي دوما إليه من أجل التصوير لا الفوز ودخل مضمار الحرب الإعلامية مواطنون بسطاء كانوا قبل المباراة يتوهمون أننا عرب ومسلمون ففوجئوا بأن الجزائريين متصهينون وأن المصريين أصدقاء إسرائيل وأننا علمناهم وهم حررونا حتي وصلنا إلي عبدالناصر وبومدين في حرب هي الأقذر بين قطرين عربيين مازالا يمارسان الحبو في الاقتصاد والسياسة والتنمية.