شهدت مصر والجزائر هذا الأسبوع أحداثا لم يكن يتوقعها إنسان مسلم أو عربي أو يتصور حدوثها، حيث رأينا الاعتداء والسب والقذف والتعصب غير المبرر ضد المصريين المقيميين بالجزائر، وضد المصريين الذين كانوا قائمين علي خدمة المنتخب الجزائري في مصر، والسبب الوحيد هو التعصب للعبة ترفيهية في الأصل وهي كرة القدم وكأن الوطن وحبه واظهار الانتماء إليه اختزل في لعبة كرة القدم، وظهر من الجزائريين الذين يحملون الجنسية العربية، ويدينون بالإسلام تعصب ليس فيه مراعاة لتعاليم الدين ولا مراعاة لوحدة الأخوة في الدين والعروبة. ولقد فوجئ الجميع ببعض الجزائريين يعتدون علي مصريين مسلمين ومسيحيين يقيمون في الجزائر ويريدون قتلهم، ليس لأنهم من دولة معادية وإنما لأن منتخبهم الكروي فاز علي منتخب الجزائر في مصر، فيما حرصت بعض صحف الفتنة في الجزائر علي أشعال الأمر بنشر أكاذيب بوفاة جزائريين في مصر، وكأن الإعلام في الجزائر أصبحت مهمته أن يشعل فتنة بين الإخوة لا لشيء سوي الفوز في مباراة لكرة القدم. وأحب أن أقول لكل من يتعصب لمنتخب بلاده الكروي: إن الانتماء شيء جميل لكنه عندما يتحول إلي تعصب فإنه يسيء إلي الوطن أكثر مما يدافع عنه، كما لا معني لأن تصبح لعبة رياضية سببا في فرقة عربية جديدة بين شعبين عربيين عاشوا معا آلام الحروب ووقفوا مع بعضهم بعضًا من أجل القدس، وشاركوا وهم في موسم الحج نشوة الطاعة والقرب من الله، وجسدوا تكتل المسلمين وهم يلبون أمام الكعبة لبيك اللهم لبيك. وأوجه سؤالي لكل جزائري اعتدي علي أخيه المصري ولكل مصري سب شقيقاً له جزائرياً: هل تحب أن نتقاتل من أجل تعصب كروي ونخلق عداء مع بعضنا بعضًا ونترك من يتربص بديننا وأمتنا يفعل ما يريد؟ أم من الأفضل أن نعيش لحظات الحماس الكروي ونحن إخوة نقف بجوار بعضنا بعضًا ونشجع من يفوز منا ليكون ممثلنا أمام العالم؟ إن الإسلام لا يعرف التعصب ولا التشدد في أي شيء، ولا ينبغي أن نجعل عروبتنا وإخوتنا ضحية لعبة تضرب بالقدم، ولا ننسي ما أمرنا به الإسلام من تأصيل الإخوة بين المسلمين، ويكفينا قول رسول الله صلي الله عليه وسلم وبشراه لمن أحب اخاه في الله وأجره العظيم حين قال: إن من عباد الله لأناسا ما هم بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة بمكانهم من الله تعالي قالوا يا رسول الله تخبرنا من هم قال هم قوم تحابوا بروح الله علي غير ارحام بينهم ولا أموال يتعاطونها، فو الله إن وجوههم لنور وإنهم علي نور لا يخافون إذا خاف الناس ولا يحزنون إذا حزن الناس.