الحرب مجرد امتداد للسياسة ولكن.. بأساليب ووسائل أخري، بتلك المقولة أنهي أحمد أبوالغيط الحلقة الثانية في شهادته علي حرب أكتوبر والتي نشرتها جريدة الأهرام الأسبوع الماضي، وكنت قد علقت في مقال سابق بعنوان وفي حياتنا أيضا علي أبعاد شخصية وفكر وزير خارجيتنا كشفتها الحلقة الأولي ووفق هذا المنهج سيكون التناول أيضا للحلقة الثانية والتي بجانب ما حملته من معلومات وتكريم لرجال عملوا خلف كواليس النصر أمثال رجل دولة بحجم محمد حافظ إسماعيل وقامات دبلوماسية مثل أحمد ماهر السيد وعثمان نوري وعبدالهادي مخلوف استمرت أيضا في الكشف عن مهارات وأدوات أبوالغيط الدبلوماسية.. وظهر ذلك بوضوح في واقعتين وفق ما ذكرهما وزير الخارجية في شهادته. الأولي في الطريقة التي تعرف بها علي داهية الدبلوماسية الأمريكية هنري كسينجر في حفل بذور السلام عام 99 عندما كان أبوالغيط مندوبا لمصر لدي الأممالمتحدة.. وكيف قدم نفسه لكسينجر ولعب علي إحساس كسينجر بذاته واعتزازه بنفسه بقوله إن الكثير من كتاباته فتحت أمامه الطريق للمزيد من المعرفة بحقائق العلاقات الدولية والاستراتيجيات العسكرية وبخاصة النووية منها.. وبهذا المدخل للحديث انفرد أبوالغيط بكسينجر عن جميع الحضور ليكون بعدها الحوار ثنائيا حصل منه أبوالغيط علي ما يريد وهو اعتراف شفهي من كسينجر برفض فكرة مسئوليته عن تشجيع مصر للاتجاه للحل أو الحسم العسكري في عام 3791. وهذا الموقف في حد ذاته درس لشباب الدبلوماسيين المصريين فيما قد يوفره أي حفل من معلومات يمكن الحصول عليها من أي شخص حتي ولو كان كسينجر. أما الواقعة الأخري.. فهي عندما طلب الدكتور عبدالهادي مخلوف مدير مكتب مستشار الأمن القومي آنذاك من أبوالغيط أن يقوم بإعداد أرشيف لمستندات بالغة الأهمية تاريخيا وعلي درجة كبيرة من السرية تعالج أوضاعاً داخلية مصرية وأوراق تتضمن الخطط المصرية السياسية والعسكرية لحرب أكتوبر.. احتوتها إحدي أكبر الخزائن المسلحة التي توجد في مصر وذلك في مهلة لا تتجاوز أسبوعين، وهنا لم يتعامل أبوالغيط مع الأمر علي أنه تكليف وظيفي ولكن اعتبره جبلاً من الثروة المعلوماتية - حسب وصف الوزير - فقرأ بنهم واهتمام وكلما أعد أرشيف منظماً في ملفات كان أرشيف آخر مواز وربما أكثر تنظيما حفر في ذاكرته بدأ أبوالغيط في كشف قشور منه ولم يفصح عن الباقي بعد.