افتتح بقاعة الزمالك للفن معرض نحتي بعنوان "بانوراما النحت المصري"، يقدم رصدا للحركة النحتية المصرية علي مدار 100 عام، من خلال رؤية بصرية تضم 32 نحاتا يقدمون سلسلة من التجارب النحتية، يمثلون لقاء فنيا وفكريا وتقنيا لأجيال متنوعة، تبدأ بالنحاتين الرواد الراحلين، مرورا بالرواد المعاصرين، ثم جيل الوسط، وصولاً إلي جيل الشباب. نفذوا أعمالهم بخامات صعبة ومعالجات تعد إضافة لاستكمال تطور وتحديث الفكر النحتي، وتنوعت الخامات التي استخدموها بين البرونز والجرانيت والسيراميك ومواد أخري، واختلفت أساليبهم في التعبير بين التجريدية والتركيبية والتعبيرية، إلا أن لغة الحجر جمعتهم وخلقت الشعور بالتلاحم والتقارب والتكامل بينهم. يتصدر القاعة رائد فن النحت محمود مختار وهو أول فنان مصري أخرجته مصر الحديثة متأثر بالبيئة المصرية، يقابله العملاق جمال السجيني الذي تميز أسلوبه بالواقعية الاجتماعية، والمثال صبحي جرجس صاحب الإنتاج المتميز ورحلة الإبداع الطويلة، ويعرض له قطعة نحتية منفذة بالمعدن وهي تركيبية تكعيبية عبارة عن اختزال لشكل آدمي جعله رمزا معبراً عن معاناة الإنسان المصري الاجتماعية والإنسانية. كما يعرض للفنان الراحل عبد البديع عبد الحي تمثاله البرونزي "أول خطوة"، الذي عبر فيه عن طفل يخطو أولي خطواته، مستندا علي شيء خوفا من الوقوع، وهي حالة تعبيرية إنسانية تميزت بالرهافة رغم صلابة المادة وسكون الكتلة الحجرية، أما المثال عبد الهادي الوشاحي فشارك بعمل غير تقليدي حطم فيه القواعد النحتية بتحرره من الجاذبية الأرضية، فلم يلتزم بأن يكون مركز ثقل التمثال إلي أسفل، وأن يتم توازن الكتلة علي أساس هرمي، أما الفنان السيد عبده سليم فقدم تمثالا من البرونز بعنوان "آدم وحواء"، وهو جملة نحتية وحوارية وأسطورية عبر خلاله عن آدم وحواء في كتلة شكل فراغها مضمونا وجدانيا، يقف علي رأسهما ديك في حالة تناغم وتماسك يحملون بذلك سرا من أسرار الطبيعة البشرية. أما المثال محمد الفيومي، وهو صاحب قضية نحتية فيشغله دائما هموم الإنسان، ويعمل علي نقلها إلينا بلغة الأحجار، فشارك بتمثال من البرونز بعنوان "الفلاحة المصرية" يمثل عملا تعبيريا يحمل رسالة من امرأة، حيث لم يكن المبالغة في تضخيم حجم المرأة مقصود به بدانتها بل كان يقصد به إبراز دورها وأهميتها، وشكلها جالسة في حالة من التفكير بعمق، وكأنها تحمل هموم عالمها، كما شارك المثال جمال عبد الناصر بعمل بعنوان "الملكة" من خامة البرونز، وهو عمل نحتي غير نمطي، تعبيري ورمزي المعني، وتشخيصي لملكة تحمل علي رأسها تاج بلون ذهبي، وتلف يدها إلي الأعلي، وشكل من الفراغ الحركة الثابتة، تعلن إحساسها بلحظة صدق، وتقترب ملامحها من الابتسامة، وبذلك أكد الفنان عبد الناصر بهذا العمل أنه يتحدث بلغة الجمال الصعب، وشارك المثال إيهاب اللبان بعمل نحتي من البرونز، وهو لقاء بين كتلتين دائرتين كل منهما يكمل الآخر، عبر من خلاله عن حركة انفعالية حبيسة تندفع بصرخة صامتة للجزء الآخر، وبسياق تجريدي مختزل بانصهار المادة والحس والفكرة. في حوار سريع مع المثال آدم حنين أحد المشاركين بالمعرض قال: مصر هي أرض النحت منذ قديم الأزل، ومثلت سمبوزيومات النحت المختلفة التي أقيمت خلال السنوات الأخيرة، لقاء فكريا بين شباب وكبار النحاتين، أما هذا المعرض فيمثل مشاركة فعالة وإيجابية قامت بها قاعة خاصة، لتوثيق بعض ملامح الحركة النحتية، عن طريق عرض أعمال مختلفة لمجموعة من النحاتين المميزين الذين غيروا ملامح الحركة النحتية.