أولاً: لابد أن أشير إلي أنني أكتب هذا المقال في توقيت متزامن.. متفق عليه.. فيما بيني وبين السادة الزملاء الأساتذة محمد علي إبراهيم رئيس تحرير جريدة "الجمهورية".. وأسامة سرايا رئيس تحرير "الأهرام".. ومحمد بركات رئيس تحرير "الأخبار".. فقد اتفقنا نحن الأربعة علي أن نتناول هذا الموضوع الخطير في يوم واحد.. بعد أن اجتمعنا لمناقشة الأمر في مكتب زميلنا أسامة سرايا يوم السبت الماضي. وهو (خطير) ويستوجب تلك (الجماعية)، بمواقف مكتوبة، وبأساليب أخري، بعد أن أضحت الحملة المنظمة علي الصحافة القومية عملاً (مرتبًا).. وأيضًا (متآمرًا). يتميز بالعمدية.. والقصد.. ويجسد (خطة).. تستهدف تشويه الصورة.. والسمعة.. لصحفنا ومن يعملون فيها.. وهي (مدبرة) بحيث لا تخفي الرغبة في التخلص من تلك المطبوعات بأي سبيل.. سواء علم بذلك من ساهم في الحملة أو لم يعلم. والمنصة المعلنة للخطة هي (الصحافة الخاصة).. الوافد الجديد للساحة الإعلامية المصرية.. والمحطات التليفزيونية الخاصة.. التي تحالفت مع هذا النوع من الصحف.. إذ رأت الأولي أنه لا وجود سوف يتكامل لها بدون أن تنزاح من الساحة الصحف القومية.. التي تسيطر علي النصيب الأكبر في سوق القراءة.. وتجد الثانية أن الصحافة الخاصة هي رافدها الأهم وعضدها الذي تستند إليه.. لا يناقشها في خطيئة ولا يراجعها في أي من الكوارث التي ترتكبها غالبيتها بين يوم وآخر.. كما لاشك يطالع ذلك القارئ والمشاهد كل يوم. وخلف المنصة المعلنة أيادٍ (متنوعة).. وأصابع (مختلفة).. تسهم بالقول والفعل في تعضيد هذا التوجه.. وهي بدلاً من أن تريد أن تكون (الصحافة الخاصة) إضافة إلي المنظومة الصحفية المصرية أن تصبح خصمًا منها.. بحيث يتحقق لها الانفراد الكامل بالقارئ فيكون أسيرًا لتوجهات بعينها وسجيناً لحالة الشرذمة التي أدخلته فيها.. والتيه الذي تصر علي أن تختلقه.. فتعكر المزاج العام.. وتخدع عقول الناس كيفما تشاء.. وبدون أن يصدها عن غيها أي منبر آخر.. يتسم بالوطنية والإخلاص للمجتمع ممثلاً في الصحافة القومية. ولسنا ضد الصحافة الخاصة.. وجودها تعبير عن مواد الدستور الذي نؤمن به بينما تحاول هي هدمه.. وترخيصها صادر من المجلس الأعلي للصحافة الذي نحن أعضاء فيه.. كما أننا لا نريد أن ننفرد بالساحة ونحتكر الحقيقة.. أو نقوم بالفعل الضغين الذي تسعي إليه هي نفسها.. أي الصحافة الخاصة.. ونحن نؤمن بمنطق الإصلاح الديمقراطي الذي قام به الرئيس مبارك وأسفر عن ذلك التنوع.. وأتاح الحرية لكل صاحب قلم وفكر أياً ما كان اتجاهه.. تلك الحرية التي بناها الرئيس وأنتجت للأسف من يسبونه كل يوم ويشككون في إنجازه التاريخي.. وهو الزعيم الكبير الذي قام ويقوم بنهضة حقيقية من أجل هذا البلد. والذين يهاجمون الصحافة القومية، أو للدقة يتآمرون عليها، يخشون من مواقفها التي تلتزم ثوابت البلد.. وقيم المجتمع.. وإصرارها علي الزود عنه.. في مواجهة من يفتتونه وينثرون الفوضي بين جنباته.. ويسعون إلي هدم الدولة.. والتشكيك في المصرية.. وتكسير أركان المؤسسات.. وليس غريبًا أن تلك (الخطة - الحملة) قد تزامنت وتوازت مع حملات منظمة استهدفت المؤسسات المصرية واحدة تلو الأخري.. سواء كانت مؤسسة أمنية أو دبلوماسية أو سياسية.. وتحاول أن تزرع في ذهن المواطن أنه لا فائدة وأن تحبطه وأن تتركه فريسة للضياع. وإذا كانت الصحافة القومية تمثل الكتلة الأكبر من بين حملة الأقلام في مصر، وتعبر عن مؤسسات عريقة ممتدة عبر الزمن وتحولاته، فإنها أحد أهم أدوات المجتمع في أن ترسخ القيم الوطنية وتحقيق المكاشفة وتأكيد مبدأ المحاسبة وأعمال الشفافية.. إذ إنها لم تعد كما يسوق عنها (صحف الحكومة).. وإنما هي صحف المجتمع.. لا ترتبط بتوجيه من الإدارة.. وإنما تحركها الأهداف العامة.. والمصالح الوطنية... وتلتزم بقيم الدولة العصرية الديمقراطية... وتؤمن بحق المواطنين في الإصلاح وأن توفر لهم مناخ المعرفة الصحيح. لا تملق.. وإنما (توصيف دقيق).. ولا نفاق.. وإنما (رصد سليم).. ولا دعاية.. وإنما (إعلام حقيقي ونزيه).. ولا تثوير (أي اصطناع ثورة) وإنما تنوير يفتح طاقة نور.. ولا أكاذيب.. وإنما (حقائق موثقة).. ولا تبعية.. وإنما (إدارات مستقلة) كل منها رأيها وموقفها حسب مدرستها.. وتوجهاتها.. فهي في النهاية مملوكة لهيئة برلمانية منتخبة ممثلة في مجلس الشوري.. الذي يمثل أداة المجتمع وفقاً للدستور في امتلاكها. ولم تعد هذه الصحف تنهل من أموال دافع الضرائب كما تشيع أبواق المؤامرة.. فهي تتمتع بالاستقلال المالي الذاتي.. والميزانيات التي يراجعها الجهاز المركزي للمحاسبات أمام أعين جمعيات عمومية منتخبة تحاسب مجالس الإدارات وهيئات التحرير.. ونحن نتمني أن تعلن الصحف الخاصة التي تشن علناً الحملة ميزانيتها.. وأن تخضعها للإفصاح والشفافية.. وأن تقول للقارئ أي دافع ضرائب ذلك الذي تقبض منه حقاً.. ولماذا حتي الآن يقبض صحفيوها الأموال المقررة من المجلس الأعلي للصحافة لكل الصحفيين المقيدين في جداول النقابة. في أزمة حرب غزة الأخيرة تمايزت المواقف.. وانكشف من الذي يحافظ علي المصلحة الوطنية.. ومن الذي يساهم في الحملة الخارجية ضد البلد من داخله.. وفي كل الصفحات الخاصة يمكن أن تعثر علي أقلام لا تتوقف عن امتداح إيران وسوريا والولايات المتحدة وتركيا.. بينما تصب جام هجومها علي صناع السياسة المصرية الوطنيين.. وفي كل يوم يمكن أن تجد من يسيء إلي البلد ويختلق أزمات لا أصل لها.. تعبر عن مصالح خاصة.. بدءاً من ادعاء تسميم الناس بزراعات تروي من ماء المجاري.. وصولاً إلي القول بأن المدارس التي تحصي في مصر بعشرات الألوف تماثل مدرسة منهكة عابرة في بيئة فقيرة. إن الصحافة المصرية القومية في مواجهة تلك الحملات المنظمة عليها وعلي الدولة.. إنما تسعي إلي الدفاع عن مقومات البلد.. وإصلاحها.. لا تبخل بنقد.. ولا تترفع عن قارئها.. تساهم في تنوير صانع القرار.. وتواجه فيض الدعوة إلي الفوضي.. وتصوب الحكومة.. وتواجه الفساد.. لكنها لن ترضخ أبدا لرغبات المصالح الخاصة.. سواء كانت مالية أو سياسية أو حتي بصريح العبارة: غير وطنية. [email protected] www.abkamal.net