شهدت الفترة الأخيرة أحداثاً متسارعة عبر إعلان نتائج تقرير لجنة "جولدستون"، وظهور التقرير علي العلن تمهيداً للتصويت عليه وعرضه علي مجلس حقوق الإنسان بالأممالمتحدة، ولقد لفت نظري عدة أمور تواكبت مع هذا التقرير. لقد اعترضت حماس علي النتائج التي توصل إليها التقرير، واتهمت "جولدستون" بالانحياز لإسرائيل وعدم الحيادية ورفضت نتائجه. وفي المقابل نشطت الدبلوماسية الإسرائيلية للحد من تأثير هذا التقرير والعمل علي إبطاله أمام المجتمع الدولي، وهو ما تزامن مع توجه الإدارة الأمريكية للدفع في الاتجاه نفسه لوقف التقرير. وهنا تقودنا الذاكرة إلي أحداث سابقة.. أجهضت فيها الولاياتالمتحدةالأمريكية أي محاولات لتوجيه الإدانة لإسرائيل، وذلك علي غرار: تقرير (قانا) الذي أطاح بالأمين العام الأسبق للأمم المتحدة بطرس غالي، والعديد من التقارير التي أدانت إسرائيل، منها: بناء الجدار العازل وقرار الأممالمتحدة بوقف إسرائيل عن العمل فيه. واللافت للنظر في مسألة تقرير "جولدستون"، إن حنكة عمرو موسي (أمين عام جامعة الدول العربية) قد غابت، وانطلق وراء شعوره وتعاطفه مع القضية. وهو الرجل السياسي الأعلم بمدي تأثير هذا القرار علي المجتمع الدولي وإسرائيل. وهنا يجب أن نحلل الموقف السياسي بموضوعية كاملة بعيداً عن العواطف، واعتماداً علي التحليل والعقل والمصلحة السياسية. وهو ما يجعلني أسأل: هل كان من صالح أبو مازن أن يتحدي الإدارة الأمريكية وهو علي علم ويقين بأن هناك قراراً أمريكياً يمنع تفعيل أي قرار ضد إسرائيل وإدانتها في مجلس الأمن من جهة، كما يري القرارات التي صدرت ضد إسرائيل ولم تنفذ من جهة أخري؟. كما أن واقع الأمر يؤكد علي أن إسرائيل ما زالت تقوم ببناء الجدار العازل وتشييد المستوطنات غير الشرعية، والتي يشجبها المجتمع الدولي ككل بما فيه الولاياتالمتحدةالأمريكية. وهنا، كانت النظرة الموضوعية لأبو مازن.. للاستفادة من أخطاء إسرائيل وتوظيفها لصالح القضية الفلسطينية. إن العمل والدفع لاستصدار قرار يدين إسرائيل بدون جدوي هو مغامرة تعطي مبرراً لإسرائيل وذريعة للهروب من المفاوضات الفلسطينية. بالإضافة إلي أن تحرك أبو مازن العقلاني.. وضع إسرائيل في حرج أمام الإدارة الأمريكية، بل وجعلها أمام مربع المفاوضات التي تسعي دائماً للهروب منه. وفضلاً عما سبق، فإن تحرك أبو مازن زاد من أسهمه أمام الإدارة الأمريكية المعنية بملف المفاوضات. وبالتالي، عزز موقفه السياسي أمامها. وهو ما يؤكد علي أن أبومازن قد نجح في توظيف القرار الذي يدين إسرائيل لصالح ملفاته في المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية. كما ظهرت - من جانب آخر - النوايا الحقيقية لحماس التي تزرعت بما يتخذه أبو مازن من قرارات بأنه تخاذل فلسطيني.. للتهرب من المصالحة الفلسطينية. إنه فصل جديد من فصول النضال الفلسطيني الذي يتحمل مواقف أبنائه الوطنية ومواقف أخري غير ذلك. وللحديث بقية..