علي الرغم من أن مهنة المأذونية هي وظيفة شرعية ظهرت مع حاجة المجتمع إلي من يعقد قران الأزواج ويفصل بينهم في حالات الطلاق إلا أنه ظهر العديد من المأذونين ممن لا يحملون أي مؤهل شرعي أو دراسة تؤهلهم لممارسة تلك المهنة بما فيها من بيان لأحكام الزواج، وأصبح الناس يعانون من وجود من يمارس هذه المهنة دون دراية بالدين، بل ويقوم بعقود باطلة لاسيما في حالات المراجعة بعد الطلاق، مما تطلب فتح هذه القضية والتأكد من خطورتها لتنبيه الجهات المسئولة إلي اتخاذ الخطوات اللازمة لمنع مهازل المأذونين بالوراثة الذين لا يحملون أي مؤهلات شرعية. في البداية يعترف عبدالمنعم عوض الله رئيس مجلس إدارة جمعية المأذونين بالقاهرة بوجود كثير من الدخلاء علي مهنة المأذونية من غير الحاملين لمؤهلات شرعية أو أزهرية، وأكد أن وظيفة المأذون كانت تقتصر علي حاملي المؤهل الأزهري فقط ولكن، بعد انفجار مشكلة البطالة والأزمة الاقتصادية بالبلاد دخل غير المؤهلين فأصبح مأذون بالمعادي يحمل مؤهلا متوسطًا ومأذون آخر يحمل مؤهل إعدادية، وأصبح هناك العديد من المأذونين ليسوا حاصلين علي أي مؤهل شرعي، خاصة في ظل عدم وجود رقابة واستمرار المحسوبة والوراثة مشيرا إلي أنه بالرغم من قيام جمعية المأذونين بالرقابة وإبلاغ إدارة المأذونين مهنة من لا مهنة له. ويشدد الشيخ عبدالمنعم أنه يفترض كي يعين شخص في مهنة المأذون أن يعقد امتحان له بالمحكمة الشرعية التابع لها في الشريعة الإسلامية ومن يحصل علي أعلي الدرجات بالامتحان يرشح مأذونا للمنطقة التابع لها، إلا أن المحسوبية والواسطة لها دخل كبير في تمرير هذا الامتحان وعن شروط المأذون يوضح أن لائحة المأذونين تشترط فيمن يعين في وظيفة المأذون أن يكون مصريا مسلما متمتعا بالأهلية وألا تقل سنه علي إحدي وعشرين سنة، وأن يكون حائزا علي شهادة جامعية من إحدي كليات جامعة الأزهر الشريف، أو من كلية جامعية أخري تدرس فيها الشريعة الإسلامية كمادة أساسية، وأن يكون حسن السمعة وألا يكون قد صدرت ضده أحكام قضائية أو تأديبية ماسة بالشرف أو النزاهة. ويلفت إلي أن المادة الخامسة من لائحة المأذونين تنص علي أنه إذا لم يرشح من يكون حائزا لإحدي الشهادات المنصوص عليها جاز ترشيح غيره ممن يكون حائزا علي شهادة القانون العامة أو ما يعادلها أو شهادة القسم الأول من مدرسة القضاء بشرط أن يجتاز الامتحان المنصوص عليه في الفقرة الأولي. يؤكد محمود عبدالجليل مأذون بمحافظة حلوان أن وضع المأذونية أصبح يمثل خطورة علي المجتمع بسبب وجود مأذونين لا يعلمون شيئا عن الشريعة، كما يشير كل من أسامة حمزاوي مأذون بالمعادي، ومحمد القصاص مأذون بمصر الجديدة أن هناك فوضي كبيرة بمجتمع المأذونين تتطلب تدخل المسئولين للحد من مسألة وراثة المهنة لغير المؤهلين لها، ويحد من ظاهرة مساعدي المأذونين الذين يمارسون المأذونية دون أن يكونوا مؤهلين لها. رؤية شرعية وعن الحكم الشرعي في تولي مهنة المأذون لغير حاملي مؤهلات شرعية يقول الدكتور صبري عبدالرءوف أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر الشريف، أن وظيفة المأذون لها مكانتها الخاصة لأن المأذون يكون القاضي بين الطرفين في فض المنازعات والطلاق بخلاف عقد القران ولذلك يجب أن يكون المأذون علي علم بأحكام الشريعة الإسلامية وأصولها وما جاء بها خاصة وأن الزواج تقابله بعض المشاكل وقد يصدر من الزوج كلمة تؤدي إلي الطلاق طلقة بائنة أو طلقة أولي أو ثانية ولم يرجع الزوج زوجته إلا بعد انتهاء العدة أو يكون الطلاق بائنا أو لا رجعة فيه، أو قد يصدر من الزوج كلمة لا يترتب عليها طلاق وإنما يترتب عليها الظهار وهو أن يقول الزوج لزوجته أنت محرمة علي كظهر أمي أو أنتِِ محرمة علي مثل أمي واختي فهذه العبارة يترتب عليها تحريم وكفارتها صيام شهرين متتالين من قبل أن يتماسا، فإذا لم يستطع الصيام فعليه اطعام 60 مسكينًا. ولا تحل له الزوجة حتي ينتهي من الكفارة. فكل هذه الأمور لا يعلمها إلا عالم درس العلوم الشرعية وأضاف أنه لذلك ظهرت المشاكل حينما وجد بعض المأذونين الشرعيين لا يحملون مؤهلات شرعية ويفتون فتاوي باطلة لأنهم نالوا هذه الوظيفة عن طريق الوراثة وإن كان هذا الأمر مخالفا لقانون المهنة إلا أن كل قانون له ثغراته ومن خلال هذه الثغرات نجد أن البعض من غير المؤهلين أصبحوا مأذونين. وطالب د. صبري وزير العدل والمسئولين في مصر أن تتم إعادة النظر فيمن عينوا بمهنة المأذونية وأن يمنعوا كل من لا يحمل تأهيلا شرعيا من ممارسة المأذونية، مشيرًا إلي أنه وجد مأذونًا من غير حاملي المؤهلات الشرعية أفتي لزوج وزوجته تم العقد بينهما ولم يتم الدخول وطلق الزوج زوجته أنه يجوز المراجعة بينهما دون مهر وعقد جديدين وقال للزوج ضع يدك في يدها وقل زوجيني نفسك، وقال للزوجة قولي قبلت وقال لهما لا شيء عليكما الآن ودخل الزوج بزوجته وأنجب منها أولاد، بعدها علم أن عقده بهذه الكيفية باطل لأن الأمر كان يتطلب عقدًا جديدًا وليس مراجعة بدون شهود.