جرت الدماء سريعا بعد شهور من التصلب في شرايين إيران وملفها النووي.. وشهدت الأيام القليلة الماضية مباحثات سياسية ذات طابع دولي، وهي تلك التي جرت في جنيف بين الدول الخمس الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن ومعها ألمانيا وبين إيران.. وتبعها زيارة قام بها المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية الدكتور محمد البرادعي إلي طهران. واستبقت هذه وتلك رسالة مصرية شديدة القوة والوضوح أطلقها وزير الخارجية أحمد أبوالغيط.. ويبدو أنها كانت موجهة إلي المجتمعين في جنيف دون أن يسمهم واكتفي بترديد مصطلح الغرب، وهي ليست الرسالة الأولي، فمنذ بضعة أشهر كانت هناك رسالة مصرية أخري مضمونها أن مصر ترصد تغيراً في المعالجة الدولية للملف النووي الإيراني وأن أي ترتيبات من أي نوع لابد أن تتم بتنسيق وبمشاركة مصرية وعربية. والربط بين الرسالتين منطقي ويأتي في سياقه.. كما يفرض الربط نفسه بين المعالجة النووية الجارية لإيران وبين التسريبات الإعلامية الأمريكية التي تقول إن الرئيس الأمريكي بارك أوباما وعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بتوفير مظلة أمريكية تحمي منشآت إسرائيل النووية من الخضوع للتفتيش وللرقابة الدولية، من هنا كانت الرسالة المصرية التي يمكن استخلاصها في سبع نقاط محددة وفق تصريحات وزير الخارجية أحمد أبوالغيط خلال المؤتمر الصحفي الذي جمعه بوزير خارجية بولندا وكذلك أيضا لما دار في لقاء أبوالغيط مع رئيسي المفوضية الدولية لعدم الانتشار ونزع السلاح النووي. أولا: أن مصر ليست دولة معادية لإيران لأن إيران دولة صديقة وإسلامية ولكن مصر لها مسائل محددة فيما يتعلق بالموضوع النووي عنوانها الرئيس خلق منطقة منزوع من السلاح النووي في الشرق الأوسط وفق مبادرة الرئيس مبارك عام 1995 . ثانيا: أنه يجب معالجة الملف النووي الإسرائيلي كما تتم معالجة الملف النووي الإيراني، وأن الغرب يتحمل مسئولية ما يحدث الآن لأنه أغفل الملف النوي الإسرائيلي لعقود ممتدة. ثالثا: دخول إيران إلي العالم النووي سيعطي إسرائيل الشرعية في امتلاك السلاح النووي لأنها ستحتج بامتلاك إيران له. رابعا: في هذه الحالة فإن القدرات النووية الإيرانية والإسرائيلية ستفرضان أنفسهما علي القرار السياسي العربي وسيجد العرب أنفسهم عرايا وتحت سيفين، السيف الإيراني والسيف الإسرائيلي. خامسا: في هذا الوقت سيتحتاج الدول العربية إلي درع واقية. سادساً: أن هذه الدرع لن تكون غربية ولن تقبل مصر ولا الدول العربية مظله من الحلف الأطلس أو أي مظلة غربية. سابعاً: أن مصر ترفض الحديث عن أي التزامات إضافية علي الدول العربية غير النووية لحين انضمام إسرائيل إلي معاهدة منع الانتشار النووي. وواقع الأمر ورغم وضوح الرسالة المصرية بنقاطها السبع ووضوح سطورها ومفرداتها إلا أن ما بين السطور يحمل الكثير منها أن الوزير أبوالغيط وصف إيران بالصديقة والشقيقة ولكن عند الحديث عن النووي قال السيف الإيراني وهو جرس إنذار لكل من يظن أن القنبلة الإيرانية ستكون قنبلة إسلامية، فالسلاح النووي السيف هويته إيرانية وأن إيران نووية مثلها مثل إسرائيل النووية.. كلاهما سيكونان سيوفاً علي العرب الذين لن يقفوا عرايا وسيسعون إلي درع واقية أي أن عدم تخلي إسرائيل عن ترسانتها النووية ووصول إيران للسلاح النووي سيفتح الباب أمام تسابق في التسلح النووي بالمنطقة خاصة أن مصر والعرب لن يسمحوا بمظلة أطلسية أو غربية لكي تحميهم. الصورة بمجملها سواء بما حملته السطور أو بما بين هذه السطور توحي بأن صفقه إيرانية - إسرائيلية غربية تجري بدأت رائحتها تزكم الأنوف هدفها خلق خريطة سياسية جديدة في الشرق الأوسط.