أقبل العيد ومضي شهر رمضان.. والأمة العربية والإسلامية تبحث عن البهجة فلا تجدها.. حرب في صعدة بين الحوثيين والحكم في اليمن تشرد أكثر من مائة ألف وضحاياها بالمئات، وأخري في الصومال باتت مزمنة بعد أن صارت الصومال مرتعا لكل من هب ودب من القوي الخارجية.. ووحش الحرب الأهلية في العراق يلتهم الأخضر واليابس.. اضافة للحروب الباردة بين العراق وسوريا، والقبائل اللبنانية الطائفية وبعضها البعض، والجزائر والمغرب .. وكل ذلك بخلاف محاولات مصر المستميتة بين إسرائيل والفرقاء الفلسطينيين لدفع خطوات السلام للإمام ونظرة واحدة إلي لوحة الصراعات سنجد أن القاسم المشترك الأكبر في تأجيجها الأصوليات الإسلامية ما بين تنظيم القاعدة وإيران.. والمستفيد منها بالطبع إسرائيل. كذلك يصعب القول ولكن لابد أن يقال إن الصراع العربي الصهيوني تدني من حيث الأهمية من المستوي الأول إلي المستوي الأخير في أولويات الأمة العربية. ولو أجرينا مقارنة بسيطة بين تكلفة حروبنا الداخلية العربية - العربية .. وتكلفة حروبنا العربية الإسرائيلية سنجد نفس النتيجة أن الصراع العربي الإسرائيلي منذ عام 1948 وحتي الآن.. كلفتنا في كل جولاته حوالي (150) الف ضحية ما بين شهيد وجريح وشرد حوالي 2 مليون فلسطيني في حين أن حروبنا الداخلية وعلي سبيل المثال.. الحروب العراقية - العراقية منذ حكم صدام حسين وحتي الآن كلفتنا مليونا ما بين شهيد وجريح وثلاثة ملايين مشرد، والحرب الأهلية اللبنانية التهمت حوالي 100 ألف شهيد وجريح وشردت حوالي نصف المليون، والحرب الأهلية في الصومال عدد مماثل وغيرها وغيرها.. أي أن حروبنا الداخلية كلفتنا عشرة أمثال صراعنا المركزي مع إسرائيل!! ولو دققنا النظر ورصدنا خسائرنا من جراء التدخلات الإيرانية في الشئون العربية - الداخلية سنجد أن الحرب العراقية الإيرانية 1978 - 1990 كلفتنا حوالي نصف مليون ضحية عراقية ما بين شهيد وجريح كما أن إيران مسئولة عن أكثر من 40٪ من الضحايا خاصة السنة في جنوب العراق وبغداد أي ما يقرب من 300 ألف ما بين شهيد وجريح وحوالي مليون مشرد ولاجئ داخليا وخارجيا اضافة إلي تدخلها المباشر في اليمن ولبنان... وغير ذلك أن إيران الثورة من 1978 حتي الآن كبدتنا من الخسائر اضعاف اضعاف ما كبدنا العدو الصهيوني من 1948 وحتي الآن!! نظرة واقعية علي الرصد السابق سنجد أننا نصرخ من الألم ويرتفع صراخنا ولا نري ولا نسمع ما يدور حولنا.. ويفقد العقل العربي دوره أمام العواطف والشعارات.. وبالمنطق فإن لنا عدوين اساسيين عدو داخلي وهو إيران بدعمها المختلف للاصوليات الإسلامية وعدو خارجي يكمل الصورة وهو إسرائيل.. وكلاهما لا يعبأ بالاتفاقيات ولا بالحوار .. ويستفيدان من الحراك الاجتماعي والسياسي وعجز النظام العربي وربما الدول ممثلا في الأممالمتحدة.. ومن الممكن أن تقوم إسرائيل بضربة عسكرية لإيران لتساعدها علي الخروج من أزمتها الداخلية وليشعلا العالم ويشغلاه بعيدًا عن الاستحقاقات الدولية الخاصة بامتلاك إيران للسلاح النووي وحل الدولتين الإسرائيلية والفلسطينية والله أعلم.