بالرغم من المكاسب التي بدأت تحققها المرأة في مجالات كثيرة إلا أنها لازالت تواجه العقبات في مجالات مختلفة ومنها عملها في الإخراج المسرحي، فحتي الآن هناك ممثلون رجال يرفضون وبشدة العمل مع مخرجة ليس لأي شيء سوي لأنها امرأة وهو لا يقبل "أوامر من امرأة". في البداية يقول أحمد راسم أحد مخرجي المسرح بقصر ثقافة التذوق بمدينة الإسكندرية للأسف المشكلة بالفعل لازالت في العقول لأن الرجال قد تتغلب عليهم شرقيتهم في التعامل مع النساء لذلك لا تستمر المرأة كثيرا في مجال الإخراج علي وجه التحديد وأتذكر أن هناك بروفات لعروض توقفت بسبب أزمة التعامل بين الشباب والفتيات، فالإخراج المسرحي عمل شاق ومتعب ولا يتقبله المجتمع بسهولة من المرأة ومن الممكن أيضا لأن أهل اسكندرية مثلهم مثل الأقاليم في طريقة التفكير تجاه عمل المرأة بعكس القاهرة لذلك نواجه أزمة وهذا لمسته بشكل شخصي في تعاملاتي مع الفتيات فمثلا عندما نقوم بعمل عروض يشارك بها نساء دائما أواجه أزمة تأخرهن عن المنزل حيث لا يسمح لهن بالتأخير بعد العاشرة مساء لذلك نبدأ البروفات مبكرا حتي ننتهي في هذا التوقيت وفي كل الأحوال ليس لدينا مخرجات في اسكندرية علي وجه التحديد سوي سميرة أحمد وريهام عبد الرازق والأخيرة مهتمة بالعروض التي تناقش قضايا المرأة فقط أما الباقيات فيعملن كممثلات فقط ، وأنا حاليا أعد لعرض مسرحي تابع لقصر ثقافة التذوق بعنوان "قعدة حريم" جميع أبطاله من النساء وهو يناقش كل ما يخص المرأة. المخرجة سميرة أحمد نفت ندرة المخرجات بالإسكندرية حيث قالت: لدينا مخرجات وليس أنا وريهام فقط بل هناك رانيا زكريا أيضا وهناك مهرجان للمخرجة أقيم في قصر التذوق بالإسكندرية وشارك به العديد من الفتيات لكن بالنسبة لأزمة العمل كمخرجة في المجتمع بالطبع نحن نواجه أزمة فالبيت المصري من الصعب عليه تقبل الفكرة لذلك لابد أن نبذل مجهودا حتي نخرج للعمل بهذا المجال فهناك من يخشون من مسألة الاختلاط والاحتكاك لأن معاملتنا دائما تكون بين الرجال والحمد لله أنا وريهام استطعنا التغلب علي هذه المشكلة حتي الآن والتي تحتاج إلي صبر وصمود من جانبنا، أما بالنسبة لأزمة التعامل مع الرجال أعتقد أنها لم تصادفني في عملي بشكل واضح لأننا نعمل دائما من أجل مصلحة العمل نفسه وكل شخص يعلم اختصاصاته جيدا ولكن الأزمة التي تواجهني هي تسوية ميزانيات العرض أيضًا في انتقال العرض من مكان لآخر وضرورة سفري معه لكن في التعامل مع الرجال لم أواجهها حتي الآن وحاليا انتهيت من إخراج عرض "في انتظار توم هانكس" وهو مونودراما وبطله رجل "محمد منصور" وسوف يفتتح العرض في مهرجان نوادي المسرح بعد العيد مباشرة. وتقول المخرجة ريهام عبدالرازق: ليست هناك مشكلة حقيقية أواجهها في التعامل مع زملائي الشباب علي العكس جميعهم يتمنون العمل معي ويدعمونني طوال الوقت ويساندون عملي لكن المسألة تحتاج فقط إلي صبر وجهد لأنها مهنة شاقة ، والفتيات في الإسكندرية يملن للتمثيل اكثر من الإخراج وأضافت: بالفعل عدد المخرجات قليل ويبدو أن السبب في ذلك يرجع للتعقيدات الإدارية والمشقة في إخراج العروض لكن كتعامل مع الرجال أعتقد أن هذا غير موجود وأنا لم أصادفه وعن تركيزها فقط علي قضايا المرأة في كل عروضها المسرحية قالت عبد الرازق: أنا أحب المرأة وتستهويني موضوعاتها للغاية ودائما أناقشها بشكل أعمق من أي رجل، ففي عرض "كلام في سري" قدمت أسرار ومشاكل المرأة مع نفسها ورغم ذلك أتمني أن أقدم عرضا أيضا عن الشباب فقط لكنني حاليا مهتمة أكثر بالمرأة وبالفعل انتهيت مؤخرا من عرض "الطريقة المضمونة للتخلص من البقع" للمؤلفة رشا عبد المنعم وهو عرض مونودراما من تمثيلي وإخراجي ومرشح للمشاركة بالمهرجان التجريبي القادم. ويؤكد المخرج محمد الطايع أن المسألة لا تتعلق بأزمة تعامل بين الرجل والمرأة لكن ندرة مخرجات المسرح في رأيي قد تتعلق بمشقة العمل فيه وصعوبة الأمور الإدارية الخاصة به مما قد يحبط نساء كثيرات ويجعلهن غير قادرات علي الاستمرار. المخرجة دعاء طعيمة التي انتهت مؤخرا من عرض "سكتم بكتم" بمسرح الغد اختلفت مع الآراء السابقة حيث قالت: للأسف في البداية تواجه الفتاة أزمة في التعامل مع الرجال حتي تستطيع إثبات وجودها وهذا حدث معي في البداية لكن عندما تثبت الفتاة أنها بمائة رجل يحترمها الجميع ويعملون معها دون مشاكل وحاليا أنا لا أواجه هذه المشكلة حيث أستطيع العمل بلا أزمات وفي النهاية الفتاة هي التي تحدد أسلوب التعامل معها من أول تجربة. وتتفق معها في هذا الرأي المخرجة المسرحية عبير علي والتي تقول مؤكدة: تواجد المرأة في مجال الإخراج المسرحي مرهون بجودة شغلها علي وجه التحديد فمن لديها القدرة علي الصبر وتحمل أعباء مهنة الإخراج الشاقة جدا أعتقد أنها هي التي تستمر، لأننا حاليا نعاني أيضا من أزمة كساد مسرحي فالنجوم هجروا المسرح لأن إمكانياته المادية ضعيفة فبالتالي الرجال أصبحوا يعملون بجهد حتي يحصلون علي فرصة للتواجد والمرأة تدخل لتزاحمهم لذلك قد ينظر إليها بشكل به نوع من التهميش لأنه دائما في رأيي عندما تحدث حالة كساد بالمجتمع في أي مجال يدفع ثمنها الطرف الأضعف والنساء هن الأضعف فهن من يتحمل عبء المشقة في الحصول علي فرصة وأعتقد أن هناك نساء يواجهن نفس الأزمة في قطاعات عمل أخري مثل المهندسة والطبيبة فقد يفضل البعض الطبيب الرجل عن المرأة. أما المخرج المسرحي جمال ياقوت ومدير المسرح بقصر ثقافة التذوق بالإسكندرية فقد أكد علي وجود رجال متخلفين في التعامل مع هذه النقطة بالتحديد ولا يتقبلون بسهولة فكرة عمل المرأة وتواجدها بمجال الإخراج المسرحي و ينكرون عليها حقها في هذا المجال مما قد يجعل الفتاة تحجم عن خوض هذه التجربة وتتردد قبل الدخول فيها لكن هذا لا يمنع أننا لدينا عدد غير قليل من المخرجات بالإسكندرية فعندما أعلنا بالهيئة عن ورشة المخرجة منذ أربع سنوات تقدم لها 46 فتاة ودخلن بالفعل الورشة وقسمناهن إلي مجموعتين وجعلناهن يعملن معا واستمرت الورشة حوالي سنة كاملة وكان هناك نتاج لها حيث أخرج هؤلاء الفتيات تسعة عروض مسرحية تم تقديمها علي مسرح ليسيه الحرية بالإسكندرية. رغم تنوع الآراء حول هذه الأزمة إلا أنه بالفعل المرأة لازالت تواجه أزمة في التواجد علي الساحة كمخرجة مسرحية بدليل ان السيدة سميحة أيوب كانت آخر إمراة أخرجت عرض علي المسرح القومي منذ 25 عاما، وهناك عدد غير قليل من المخرجات لا يعملن بالمسرح إلا نادرا ومعظمهن يعملن بالفرق المستقلة فقط منهن علي سبيل المثال المخرجة نورا أمين وريم حجاب وعفت يحيي وعبير علي وعبير لطفي وعزة الحسيني وبتول عرفة.