هل تقايض أمريكا روسيا.. لا تنشر الدرع الصاروخية في كل من بولندا والتشيك مقابل الموافقة الروسية علي تشديد العقوبات علي إيران؟ حتي الآن.. مازالت روسيا تعترض علي تشديد العقوبات علي ايران، خاصة وان الذي تقترحه بعض الدول الاوروبية ومعها واشنطن في هذا الصدد سوف يكون مؤلما لايران لأنه سيتضمن وقف تصدير البنزين وبعض المنتجات البترولية، التي تعاني ايران منها نقصا شديداً، رغم أنها دولة منتجة للنفط الخام.. وأمريكا تحتاج لموافقة روسيا علي هذه العقوبات اكثر مما تحتاج لموافقة الصين، لأن روسيا التي لها حق الفيتو في مجلس الأمن قد تعرقل صدور قرار جديد في هذا الصدد من المجلس، إذا ما استخدمت هذا الحق ولكن روسيا تطالب الادارة الامريكيةالجديدة باعادة النظر في قرار الادارة السابقة العام الماضي بنشر الدرع الصاروخية الامريكية في كل من بولندا والتشيك واذا ما استجابت واشنطن لهذا الطلب الروسي سوف يساعد ذلك علي تليين موقفه تجاه تشديد العقوبات علي ايران. ورغم نفي المتحدث باسم الخارجية الامريكية فيليب كراولي الانباء التي ترددت مؤخرا حول عزم واشنطن التراجع عن نشر الدرع الصاروخية في بولندا والتشيك، إلا ان المتحدث الرسمي قال ايضا نحن لا نزال بصدد اعادة دراسة استراتيجيتنا في مجال الصواريخ المضادة، وذلك يعني ان الموضوع قيد التفكير والدراسة الآن.. أي ان احتمال مراجعة واشنطن قرارها في نشر الدرع الصاروخية في بولندا والتشيك هو احتمال وارد، وبالتالي المقابضة بين أمريكا علي ذلك مع روسيا مقابل موافقتها علي تشديد العقوبات علي ايران هو ايضا احتمال وارد. فالإدارة الأمريكية التي لم تتلق حتي الآن ردا من ايران علي دعوتها للحوار والتفاوض حول ملفها النووي، قد تري ان تشديد العقوبات علي ايران ربما يساعد علي دفعها للقبول بدعوة الحوار والتفاوض. وهذا ذات الشيء الذي فعلته مع سوريا مدت جسورا من الحوار معها وأوفدت العديد من المبعوثين الي دمشق، ولكنها اتخذت في ذات الوقت قراراً بتجديد العقوبات الأمريكية المفروضة عليها، وان كانت خفت بعضها عمليا عليها مقابل الاستجابة السورية خلال الاتصالات الامريكية معها. وعلي الجانب الآخر.. فان روسيا التي تربطها علاقات تجارية واقتصادية وثيقة ومتزايدة مع ايران فانها لا تتعامل معها باعتبارها مجرد شريك تجاري واقتصادي مهم فقط، انما باعتبارها ايضا عنصرا مهما في استراتيجيتها في المنطقة والعالم.. اي تستخدم روسيا هذه العلاقة مع ايران في اطار لعبة الشطرنج الدولية التي تخوضها اساسا مع امريكا وحلفائها الأوروبيين، وهذا يفتح الباب امام امكانية ابرام مقايضة علي تشديد العقوبات علي ايران مقابل تراجع أمريكا عن نشر الدرع الصاروخية في بولندا والتشيك الذي يراه الكرملين تحديا أمريكيا للنفوذ الروسي في منطقة الفضاء السوفيتي. ولعل ذلك هو سبب ان واشنطن مازالت تدرس ذلك كما قال المتحدث باسم الخارجية الامريكية.. ففي الوقت الذي تحتاج فيه الادارة الامريكية لفعل شيء بعد انتهاء المهلة التي منحها الرئيس أوباما لطهران للرد علي دعوته للحوار والتفاوض، فانه يحتاج ايضا الا يثير شكوك وضيق حلفائه من دول شرق أوروبا كما ان اتخاذ مثل هذه الخطوة كاف لاقناع روسيا بتأييد تشديد العقوبات علي ايران، الذي تتحمس له فرنسا وبريطانيا والمانيا، خاصة بعد صدور تقرير د. البرادعي حول الملف النووي الايراني، والذي تضمن حديثا عن موشرات ولكن بلا دليل علي وجود جانب عسكري للبرنامج النووي الايراني، وإن كان رصد مزيدا من التعاون بين ايران والمنظمة الدولية للطاقة الذرية.