شهدنا هذا الأسبوع انطلاق دورة جديدة من مهرجان إيزيس الدولى لمسرح المرأة فى القاهرة، ذلك المهرجان الذى يثير فى الوجدان الكثير من المعانى والحنين، بدءًا من اسمه الذى يحمل اسم الملكة المصرية باعثة الحياة فى جسد أوزوريس، وائدة المؤامرات على بلدها، مانحة الحياة لابنها حورس بطل التحرير، محفزة شعب مصر على البناء والزرع والنماء. من كل تلك القيم الأصيلة التى تربط الماضى بالحاضر وتهدف لإحيائها ولا شك، يحتل المهرجان مكانًا فريدًا فى خريطة المهرجانات المصرية بل العربية إضافة لاهتمامه بمسرح المرأة أى المسرح الذى تبدعه فنانة المسرح فى مصر والعالم. والحقيقة أن دور المرأة هو دور مؤسس ومؤثر فلو انطلقنا من حقيقة أن الفن مرآة للحياة فلا بد من وجود المرأة به إلى جانب الرجل، من هنا تقوم الدراما وتنطلق تفاصيلها. عرف مسرحنا دورًا مهمًا للمرأة منذ مطلع القرن العشرين وما زال، فمع كل المعطيات الاجتماعية والتاريخية، كانت الفنانة فى طليعة من أسسوا لفن المسرح والسينما بالعمل والدأب مع جيلها من الفنانين. فذكر الرائد يوسف وهبى فى مذكراته تحت عنوان (لوحة الشرف) لاحظ بلاغة العنوان، أسماء السيدات ممن عملن معه فى تأسيس فرقة رمسيس ومنهن روزاليوسف وسيرينا إبراهيم وزينب صدقى وفاطمة رشدى وفردوس حسن وغيرهن. كما سجل لنا التاريخ أسماء فرق مسرحية حملت أسماء صاحباتهن من الفنانات مثل فرقة منيرة المهدية 1917 وفرقة فاطمة رشدى وفرقة فيكتوريا موسى، وهن بمساعدة أزواجهن أنشأن الفرقة بأموالهن الخاصة وقدمن أهم المسرحيات العالمية بل ساهمن فى تطور المسرح المصرى بتقديم النص المسرحى الأول، فقدمت منيرة المهدية وكانت مطربة ذائعة الصيت فى الأساس، أوبريت (العشرة الطيبة) لسيد درويش ومحمد تيمور، وقدمت فيكتوريا وزوجها عكاشة أول مسرحية لتوفيق الحكيم (الضيف الثقيل) قدحا فى الاحتلال الإنجليزى، وقدمت فاطمة رشدى أول نص شعرى فى المسرح المصرى أى (مصرع كليوباترا) الذى كتبه أمير الشعراء شوقى خصيصا لها، هذا التاريخ الحافل بالكثير مما يدعو للفخر تم البناء عليه من أجيال لاحقة وحالية كثيرة وحتى اليوم، تشابه عملهن مع الرائدات فكن صاحبات فرق مثل عفت يحيى ونورا أمين وعبير على، وكن مخرجات وكاتبات ودراماتورجيا لنصوص عربية وأجنبية، وكن أيضا منتجات بجنيهات قليلة لانتمائهن للمسرح المستقل الباحث دائما عمن يدعمه. لذا يتخذ مهرجان إيزيس مكانه الأصيل فى هذا المكان الإنارة على تجارب الفنانات المستقلات ممن يتوسلن للمسرح كوسيلة سامية للتعبير عن رؤية مميزة بروح المرأة لكل مسرح يهتم بالإنسان ككل وليس قضايا المرأة فقط، فهذا أحد اهتمامات مسرح المرأة وليس كلها. أما الاتجاه الأعم والأشمل فهو طرح منظور مغاير للعالم غير ما يطرحه مسرح الرجل وهذا على مستوى كل فنيات العمل المسرحى. والحقيقة من خلال متابعتى النقدية للتاريخ والحاضر فى مسرحنا المصرى والعربى، أجد جهودا كبيرة ومخلصة لكنها منفصلة ومتقطعة لظروف كثيرة ذكرت بعضاً وهناك الكثير منها غير معلن ولا واضح، لذا أقترح على صديقاتى مؤسسات المهرجان عبير وعبير ورشا، أن يخصصن مساحة لتوثيق حاضر نشاط الفنانة من عروض مسرحية وفرق ونصوص، أيضا يوفرن وقتا لمناقشة معوقات عملهن وسبل حلول تلك المعوقات، لنستفيد من عزم إيزيس التاريخ فى حل مشكلات إيزيس الحاضر، لمستقبل أفضل أكيد.