نظم مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء جلسة نقاشية حول تحديات تحقيق أمن الطاقة فى مصر، وذلك فى إطار تكليفات الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، بأهمية الإعداد لمشروع بحثى متكامل لصياغة السيناريوهات اللازمة للتعامل مع الوضع الاقتصادى العالمى خلال عامى 2023 و2024، بمشاركة 20 خبيراً من الجهات المعنية وعدد من الشركات الممثلة للقطاع الخاص. وفى مستهل الجلسة، قدم أسامة الجوهرى، مساعد رئيس الوزراء، رئيس مركز المعلومات، عرضاً حول الاتجاهات العالمية لأمن الطاقة أشار من خلاله إلى أن العالم يشهد أزمة أمن طاقة حقيقية، تتخطى أزمة الغاز الطبيعى فى أوروبا، مع وجود آثار من المتوقع أن تمتد لسنوات قادمة، موضحاً أن عام 2022 كان بمثابة نقطة تحول فى تعزيز الجهود الدولية للوصول إلى صافى انبعاثات صفرية بحلول عام 2050، حيث يتوقع لأول مرة أن تبلغ الاستثمارات الخضراء نحو 1.3 تريليون دولار بما يقارب الاستثمارات فى إنتاج الوقود الأحفورى. وخلال العرض، تم التنويه إلى أن العالم شهد تراجع مؤشرات أمن الطاقة فى أغلب الدول التى كانت تعتمد بشكل كبير على مصادر الامدادات الروسية مثل بريطانيا وفرنسا والتى بدأت فى تعزيز التوجه نحو الطاقة المستدامة، كما أصبح أمن الطاقة المحرك الأساسى للتحول نحو الطاقة المتجددة، فى ظل توقع ارتفاع فجوة فى استثمارات الطاقة بين مستويات الإنفاق الحالى والمستويات المطلوبة فى عام 2030 إلى ما يقدر بنحو 22 تريليون دولار. وعلى المدى القصير، من المتوقع أن يتضاعف إجمالى نمو الطاقة المتجددة عالميًا خلال السنوات الخمس المقبلة، فى ظل التوقعات بارتفاع الاستهلاك العالمى للطاقة المتجددة بنحو 11٪ خلال عام 2023، مع مجيء منطقة آسيا فى الصدارة العالمية فى هذا السياق، فيما يتوقع اعتماد 33% من إنتاج الكهرباء عالميًا على الطاقة المتجددة بحلول عام 2024. وفى هذا السياق، تضمنت الورشة العديد من التوصيات المهمة على صعيد تعزيز أمن الطاقة فى مصر، حيث أشار الخبراء إلى أن مصر ليس لديها فائض طاقة وإنما فائض قدرة، حيث إن الكهرباء هى مصدر ثانوى وليس أولى للطاقة، وأن الفائض المحقق والمعلن عنه هو فائض غير مستدام مع تنبؤات بحدوث عجز فى الغاز الطبيعى للوفاء باحتياجات الدولة، وبالتالى لابد من عدم التركيز على تصدير مصادر الطاقة بصورتها الخام بل تحديد الأولويات والاحتياجات المحلية أولا، ومن ثم وفى حال وجود فائض طاقة يتم تصديره فى شكل منتجات مصنعة ذات قيمة مضافة، وبالتالى لا بد من التخطيط الجيد لكيفية استخدام الطاقة ما بين الاحتياج المحلى وتصدير الطاقة فى شكل منتجات ذات قيمة مضافة صناعية مثل الحديد والصلب والأسمدة والألومنيوم والأمونيا، والميثانول وغيرها من المنتجات. وخلال الجلسة، أكدت الدكتورة يسرا محمد عساكر، كبير إخصائى الطاقة بالبنك الدولي، الفرص التى تخلقها التحديات الراهنة لأمن الطاقة العالمى وخاصة ضرورة التوجه نحو التوسع فى إنتاج الطاقات المتجددة، وفى السياق ذاته أكد كل من الخبيرة الاقتصادية الدكتورة ريهام الدسوقي، والدكتور محمد أحمد حسن، أستاذ متفرغ بجامعة القاهرة، أهمية جذب الاستثمارات الخاصة فى إنتاج الطاقة من مصادرها المتجددة، وخاصة الطاقة الشمسية، وتصديرها إلى أوروبا. من جانب آخر، انصب جزء كبير من نقاشات الورشة على تفعيل استراتيجية مصر للهيدروجين الأخضر؛ حيث أكد الخبراء أهمية التعجيل بالإعلان والترويج عن استراتيجية الهيدروجين، فمصر حتى الآن اكتفت بالإعلان عن الإطار العام فقط لتلك الاستراتيجية، فى حين سبقت العديد من الدول مصر فى ذلك الأمر، مع ضرورة إنشاء هيئة تشرف على تنفيذ البرنامج المصرى الخاص ب«الهيدروجين الأخضر»، من أجل مواكبة «ثورة الهيدروجين الأخضر» فى العالم، خاصًة أن مصر تمتلك العديد من المميزات التنافسية فى إنتاج الهيدروجين ومشتقاته المختلفة، مثل الأمونيا، والميثانول، وغيرها. كما أكد الخبراء أن أهم معوقات صناعة وتصدير الهيدروجين الأخضر تتمثل فى النقل؛ حيث إنه من الصعب فنيًا وماديًا نقل الهيدروجين الأخضر، سواء فى شكله الأصلى الغازى أو المسال، ومن الأفضل حل مشكلات النقل عن طريق إبقاء سلاسل التوريد قصيرة قدر الإمكان، علاوة على أنه من الأفضل تصدير المنتجات الخضراء المشتقة من الهيدروجين مثل الأسمدة والألومنيوم والأمونيا، والميثانول، وغيرها، وإنشاء خط أنابيب يصل إلى أوروبا. كما تطرق الخبراء إلى أهمية تأمين العقود خاصة بشراء الهيدروجين الأخضر قابلة للتمويل بشروط تنافسية من قبل بعض جهات التمويل التنموية، والبدء فى انشاء أكاديمية الهيدروجين دون تأخير لإعداد الكوادر الفنية المطلوبة لمواكبة التقدم فى مجال الطاقة النظيفة وتبادل الخبرات مع الدول المجاورة فى هذا المجال.