حققت مصر فى الآونة الأخيرة طفرة عظيمة فى جميع المجالات وأصبحت مثلًا يحتذى به للدول التى تتطلع إلى تحقيق مؤشرات طموحة بمعدلات التنمية-خاصة دول الجوار-وما كان ذلك ليتحقق لولا وعى الشعب المصرى ورؤيته المستقبلية التى تعدت حدود الآفاق؛ فضلًا عن إرادته الصلبة وتطلعه إلى استعادة دوره الريادى. بالإضافة إلى قدرته على تحمل الصعاب، وكذلك تمتع قيادته الرشيدة برؤية ثاقبة أبهرت العالم بخطاها الواثقة.. وأصبح تحقيق آمال وأحلام وتطلعات الملايين من أبناء شعبنا واقعًا بعد أن كان خيالًا، ولكن هذه الطفرة التى لاقت تقدير واستحسان العالم؛ يجب ألا تثنينا عن المضى فى التصدى للمشكلات التى تمكنت الحكومة من تذليل الكثير منها، ولعل من أهم هذه المشكلات استشراء الكثير من الظواهر الدخيلة على المجتمع المصرى كتغليب المصالح المادية على الاعتبارات الأخلاقية وما يتولد عنها من آفات يعانى منها المجتمع أهمها اندثار ظاهرة الطلاق، والغش والانحلال الأخلاقى، وقطع الأرحام، وانحطاط القيم؛ و استمراء حقوق الآخرين، والجهر بالخطأ والتباهى به، واعتياد الكذب، واقتراف الأفعال الشاذة التى يندى لها الجبين، وتحول قيمة الاستحياء من الفضيلة إلى الرذيلة.. وغيرها من الظواهر الممقوتة التى نقف أمامها مشدوهين مذهولين، والتى باتت تنتشر كالسرطان فى جسد الأمة على الرغم من محاولات الدولة الدءوبة للحد من انتشارها فهى تمثل ثقلًا ثقيلًا يؤثر على انطلاق الدولة، التى لا تألو جهدًا فى سبيل نهضة وطننا وعزته ورفاهية أبنائه، فظاهرة تغليب المصالح المادية - التى عانى من آثارها مجتمعنا لعشرات السنين – يعنى أن العديد استسلم لها، والأهم من ذلك أنه يعنى وقوع الكثير فى مستنقع البلادة والتواكل وتكريس منطق القوة على العقل ويعنى أيضًا أن هناك من يتبع النجوى – عن هوى أو قصد – ويدعو إلى تثبيط الهمم وتراجع القيم والتسبب فى تمزق عُرى المجتمع، وذيوع المتلونين والمتسلقين واستفحال أمرهم.. إذًا الدولة تسير فى طريق تسعى فيه للتخلص من كل هذه الظواهر التى تمثل إرثًا ثقيلًا ينبغى التخلص منه فى ظل قيام الجمهورية الجديدة وتحاول جاهدة نثر غبار الماضى فى الوقت الذى يكرس فيه البعض إلى الإبقاء على هذه الظواهر إما بجهل منه وإما بغرض تحقيق مصالح وقتية. لذا يجب أن يتكاتف المجتمع على نبذ ذلك الاستغراق فى الفكر المادى الذى بات يهيمن على العقول ويمنيها بالكسب السريع بلا جهد أو مثابرة مقابل التخلى عن القيم الأخلاقية... فالدولة الآن أصبحت أكثر قدرة مما مضى، ولكنها مازالت فى مرحلة إعادة بناء وتحتاج إلى كل حبة عرق تبذل فى سبيل الارتقاء بالوطن وكل جهد صادق ومبادرة بارة لنثر بذور المحبة والتآلف والقيم النبيلة وبسط ثقافة التسامح، كما تحتاج إلى كل إرادة حقيقية مخلصة تسعى إلى تحقيق الإنجازات دون كلل أو ملل فى مناخ من التعاون والمشاركة، ففى المرحلة المقبلة والتى تكثف الدولة فيها جهودها لدعم عملية التحول الرقمى لا بديل عن العمل الجاد ولا مجال للكسالى والمتواكلين والانتهازيين ولا سبيل إلا للعمل الجاد. إننا ونحن نتطلع إلى عالم أفضل -تحت قيادتنا الرشيدة- يجب أن نكون على يقين من أنه لن يتحقق ذلك إلا إذا أعملنا عقولنا وشحذنا همننا وتركنا وراء ظهورنا كل ما تبقى من مظاهر الغوغائية والاستخفاف بالقواعد الأخلاقية والقانونية.