بدلا من أن تكون السياسة مجموعة من الآليات والبرامج والجهود، هدفها صالح البلاد ومصالح العباد، أصبحت ممارسات ممقوتة سلبية، بل يعمد معظم من يمارسها إلي خلطها بالدين تارة، وبالمال تارة اخري، واعتبارها حصان طروادة متعدد الاستخدام، فمرة يقتحم المدارس والجامعات، وأخري يتسلل إلي مؤسسات العمل الخيري و.. و.. والأسوأ أن ثمة فئة لا يعنيها إلا مصالحها المباشرة والضيقة. زمان كان هناك من يمارس العمل السياسي بمعزل عن الأخلاق والقيم، ويستبيح كل شيء في سبيل تحقيق أهدافه، حتي وإن كانت غير مشروعة، لكن إلي جانب هؤلاء كنا نري ونلمس جهدا مخلصا يؤاخي بين السياسة والوطنية، وبينها وبين الأهداف القومية، والغايات السامية، أما اليوم فإن صورة السياسة الملعونة تطغي علي المشهد، وتلون الساحة بالقتامة! السياسة باتت مثل الڤيروس القاتل، والمجتمع يفتقر إلي أي نوع من اللقاحات والأمصال الواقية، ومن يملكها إما أنه عاجز عن إيصالها إلي حيث يجب أن تُستخدم، أو ينتمي إلي تلك الفئة التي لا تعرف معني الإيثار، ولا تخفي نواياها السيئة تجاه الجميع! وفي ظل حالة الوهن وضعف المناعة فإن الخطر يتفاقم. بالطبع شطب كلمة السياسة من قاموس المجتمع مستحيل، ولا بديل عن إنقاذ الوطن ممن أساءوا للعمل السياسي، وانتهكوا كل قيمه الايجابية، وحولوا مصر إلي ساحة للصراع والفوضي والعنف دون ضابط، وسط إصرار مقيت علي دفع مصر نحو الهاوية. متي يصبح مفهوم السياسة قرينا للوطنية؟ متي يعود للساسة ضمائرهم؟