أخطر ما يعانى منه مجتمعنا الآن هو التقليد للآخر دون وعى أو إدراك كأن يردد عبارات قالها أحدهم فى مناسبة ما أو يسلك سلوكا غير مناسب له لأنه رأى أحدهم يسلكه ولذلك هناك كثير من الأشياء نصفها بالعمياء ، لكننا بالتأكيد نقصد بذلك العمى أولئك المقلدين دون وعى أو دراسة. فيُقال التقليد الأعمى، وذلك لأن بعضاً من التقليد يكون دون إدراك للاتجاه الذى نسلكه إثر ذلك. فمثلا عندما نسأل أحدهم إلى أين أنت ذاهب؟ قد يجيبنا بأنه لا يعلم لكنه يقلد فلانا بالسير فى ذلك الطريق دون دراية بالنهاية التى ستواجهه! هنا يجب أن نفرق بين التقليد الأعمى وبين الاستفادة من تجارب الآخرين. ثمة اختلاف بينهما يستلزم منا معرفته حتى لا نفقد فائدة التعلم من خبرات الغير. وكثيرا ما نسمع أحدهم يخبرنا بكل فخر بأنه لا يشبه أحداً أو أنه لا يقلد أحداً. هنا يتبادر إلى ذهننا ماذا يقصد هذا الشخص بعدم إقدامه على تقليد أى شخص فى الدنيا! فلا يزال الالتباس قائما بين أن تقلد شخصاً وبين أن تستقى من حياته ما قد ينفعك فى حياتك. التقليد الأعمى هو أن تأتى بفعل كفعل الآخرين من دون أن تفكر بعواقب ما تفعله ومن دون أن تزن ذلك فى عقلك، بمعنى عندما يسألونك عن سبب فعل ما فعلته تكون إجابتك بأن هذا ما قام به فلان! لكن الاستفادة من تجارب الآخرين لا تكون إلا مع التفكير والاقتناع ومعرفة ما قد تؤول اليه الأمور. أن تستفيد من تجارب الآخرين هو أن تتفادى الوقوع بنفس الأخطاء التى وقعوا بها، أما التقليد الأعمى فهو أن تتعمد أن تقع مثلما وقعوا أو أنك تمشى مغمضاً قلبك وعقلك معاً فتقع! هناك لوحة جديرة بالتأمل لرسام هولندى وأقصد بها لوحة «أعمى يقود أعمى» وهى لوحة توجز معنى التقليد الأعمى. و هنا أجدها تنطبق على ما قالته إحدى الشخصيات فى مسرحية النساء العالمات لموليير، حيث قالت: «عندما نزعم أننا نشبه شخصاً ما ففى الجوانب الحسنة يجب أن نشبهه».