ويواصل فيسبوك قدرته الجبارة على كشف عوراتنا النفسية، وإظهار أسوأ ما فينا لا أتحدث عن فريق أباطرة الفيسبوك، الذى يفهم فى كل شىء، فيكتب ويحلل ويستنتج ويطلق أحكامه ، وكأنه العليم بالأسرار وبواطن الأمور. بل أتحدث عن فيروس الغل والحقد الذى أصاب قلوبنا وعقولنا، وأصحاب هذا الفريق هم من فئة الحاقدين على الجميع، وبالذات الأثرياء،يستكثرون عليهم ملايينهم وملياراتهم، ويطالبون الدولة بالتدخل لمحاسبتهم، وعقابهم، بل وانتزاع ثرواتهم «المشبوهة» من وجهة نظرهم. قضية د.نوال الدجوى كانت أكبر مثال على ما أصابنا، من غل وحقد . آلاف التعليقات تناولت القضية بأحكام حاسمة، وسيناريوهات جاهزة، وكأن أصحابها من «عائلة الدجوى»، ويعرفون كل خباياها وأسرارها، حتى قصة مصرع الحفيد، وضعوا لها سيناريو محكم،كجريمة قتل، بل وحددوا شخصية القاتل،وتفاصيل القتل، رغم أن النيابة نفسها لم تصل للحقيقة حتى الآن!. أما المؤسف فهو الفريق الذى لم يشغله فى هذه المأساة، سوى حجم «الفلوس»، التى تداولتها الأخبار منذ بداية القصة، وكل ما يهم هذا الفريق أن يعرف من أين لهم هذا، وكيف تتركهم الجهات الرقابية، ولماذا لا تتدخل الدولة لمحاسبة «نوال» وأمثالها، ووصل الأمر ببعضهم للمطالبة بتوزيع ثروة الدجوى على الفقراء أمثالهم، وكأنها أموال مسروقة، أو أنها هبطت على السيدة نوال من السماء، رغم أننا جميعاً نعرف قصة هذه السيدة كرائدة للتعليم الخاص ومدارس اللغات فى مصر، ونعرف قصة كفاحها الطويلة التى تمتد إلى 70 عاماً،حينما أقدمت الشابة الصغيرة نوال صاحبة ال 21 عاماً، بمنتهى الجرأة على تأسيس أول مدرسة لغات مصرية خاصة فى القاهرة عام 1958، وكانت خطوة رائدة وجريئة، تحدت فيها سيطرة المدارس الأجنبية على التعليم الخاص وقتها، ثم واصلت الشابة المميزة رحلتها، ونجحت بجهدها وإصرارها، فى تحويل المدرسة إلى مؤسسة تعليمية تضم عدة فروع، ثم واصلت الرحلة لتصبح رائدة أيضا فى تأسيس واحدة من أوائل الجامعات الخاصة فى مصر عام 1996. ثروة واضحة المصدر، ونموذج فريد و مشرف،وسيدة ناجحة تستحق أن نجنى ثمار تعبها بعد كل هذا العمل والجهد والإصرار والنجاح . المشكلة ليست فيها، بل فى أنفسنا ، لابد أن نعترف أن هناك ظاهرة خطيرة تهدد المجتمع، وهى وجود عداء مسبق مع الناجحين والأثرياء، ففى مجتمعات التواصل الاجتماعى، يتم إلقاء التهم على البشر بلا وازع ولا ضمير، فالناجح متهم، ورجل الأعمال فاسد أو على الأقل موضع شك أدعو مراكز البحوث الاجتماعية والجامعات، لدراسة هذا التحول العجيب فى السلوك العام، وفهم أسبابه ودوافعه، وتقديم رؤى تساعدنا على مواجهته نريد أن نعرف ببساطة، وفوراً: «ليه بقينا كده».