في أول ظهور لعبداللطيف المناوي بعد عام كامل من الثورة يبوح بكواليس ما حدث أثناء الثمانية عشر يوما للثورة في لقاء له مع الكاتب الصحفي الكبير عادل حمودة علي قناة ال«CBC» الفضائية. أكد المناوي انه انتهي في الفترة الأخيرة من كتابه «آخر 18 يوم في حكم مبارك» ونشرت عنه جريدة التايمز الأمريكية، وخرج الكتاب باللغتين العربية والانجليزية. وقال المناوي أن الكتاب هو بمثابة شهادة موضوعية إلي أقصي حد وبدأ يسرد تفاصيل نقطة التنحي الذي بدأ العمل به قبل 48 ساعة من إعلان التنحي حيث اتصل مبارك تليفونيا بأنس الفقي سائلا عن وضع البلد وكان رد مبارك أنه لابد من عمل حوار أحكي به للناس ماذا فعلت في ال30 عاما المسبقة، وهو ما فاجأني، حيث إنه ضد ما يحدث. وكان لدي حالة من حالات اليأس نتيجة للتطورات السريعة التي حدثت فطلب لقاء في صباح اليوم التالي مع أحد المسئولين في وقت بدأت فيه الدولة تحديد أطرافها فمثلا مؤسسة الجيش كانت في منطقة ومؤسسة الرئاسة كانت في طرف آخر. وكنت دائم التدوين لما يحدث وقال أحد المثقفين للطرف الآخر «مؤسسة الجيش» إنه قضي الأمر الذي كنتم فيه تستفون. وأحسست في هذه المسألة أن من كان يدير هذه المرحلة هو جمال مبارك في الجانب الرئاسي وكان مديرا للمرحلة بشكل كامل ومعه مجموعة من المعاونين مثل زكريا عزمي ووزير الإعلام ووزير الداخلية وكانت هناك محاولة ليكون وزيرا في الحكومة الجديدة. وبعد أن سمع الرئيس ما حدث يوم 9 فبراير فلم يرد سوي شكرا فأحسست أن ما يمكنه إيصال الوضع لمؤسسة الرئاسة هو أنس الفقي فقط وكانت وجهة نظري التي قدمتها من يوم 31 يناير هو تسليم الرئيسي للسلطة لنائب رئيس الجمهورية وأن يعلن أنه لن يرشح نفسه ويذهب لمكان يعيش فيه لحين تسليم السلطة، أما التفكير الشخصي لأنس الفقي فقال يوم 1 فبراير لي أن ما فعله هؤلاء الأولاد في الشوارع هو ما كنا نحلم به في يوم من الأيام ولكن الخطأ الرئيسي له في هذا الوقت هو تنفيذه التعليمات بشكل به قدر عال من الاخلاص والارتباط الشخصي لرئيس الجمهورية. وعندما سألني في اليوم التالي عن الأخبار قالت له إن الوضع سيئ جدا وأن البلد منهارة ولدي معلومات أن الناس ستدخل علي القصر. وسألوني عن رأيي في هذا الخطاب قلت أن ابني سألني هو ليه بيكلمنا كده. ويتضح أن اليد العليا في كتابة الخطاب لجمال مبارك ومن ضمن الأشياء التي أخبرتها لأنس الفقي أن الجيش لن يتعرض لأي أحد يدخل الرئاسة فنصحوه بالسفر إلي شرم الشيخ لأنهم لن يستطيعوا حمايته ولحظة وصوله إلي شرم الشيخ هي اللحظة الوحيدة التي رفع فيها السماعة ويأخذ فيها الرئيس قراراً منفرداً وأخبر المشير طنطاوي إنه قرر أن يسلم السلطة للجيش. سؤال من عادل حمودة هل صحيح أنه كان هناك بيان بإقالة المشير طنطاوي؟ لم يحدث هذا أبدًا ولم يصدر الرئيس قراراً بذلك ولكن ما علمته أنه حدث شكل من أشكال الاختلاف ما بين الرئيس والمشير وموقفه وموقف الجيش ولم يصلني في أي مرحلة من المراحل أنه كان هناك أوامر بإطلاق النار من الزاوية الموجودة منها سواء من القوات المسلحة أو من الشرطة في ذلك الوقت وعندما نزل المشير إلي الشارع ميدان التحرير يوم 30 يناير كان يريد التأكيد أنه من يقود القوات المسلحة وأن القوات المسلحة لن تفعل سوي الوقوف بالشارع وأنه لن يحدث أي اعتداء من جانبها علي أحد وأنها شكل من أشكال المصالحة بين الشعب والجيش. - وما أعلمه أن الرئيس طلب في كتابة بيان التنحي هو أن يكون مكتوباً بشكل قانوني أو دستوري حتي لا تحدث مشاكل بعدها. واللحظة التي تم إذاعة البيان الخاص بالتنحي هي اللحظة التي تم تسجيلها لأنني كنت من المؤمنين بفكرة التوثيق لأنها ستكون للتاريخ ولم يكن القصد أن تخرج مثلما خرجت. سؤال من عادل حمودة: كيف كتبت أن سوزان مبارك ذهبت لتحضر شيء فضة أو ذهب؟ - إنما كان علي سبيل الدعابة وطلب تأجيل إذاعة البيان لحين إقلاع طائرة الرئيس. وما السبب في تأخير البيان هو ذهاب سوزان مرة ثانية إلي مقر مسكنها لتحضر شيئاً ولكني لا أعلم ما هو وما حدث أو ما قيل علي سبيل الدعابة. أما عن حالة الرئيس وأبنائه كان علاء دائماً يأخذ باله من والده ومن مظهره ولكنه لم يحاول التدخل بأي حال من الأحوال حتي أنه لم يمسك ورقة ولم يظهر صوته أبدًا. واقترح علي أ.حمدي قنديل أن أترك هذا المكان أما أنا أخذت المسئولين حيث إننا لازم نكمل المسئولية. لدي تسجيل الهوي ل18 يوماً بما فيها القصة الشهيرة قصة كنتاكي. يوم 28 يناير مررنا بلحظات سيئة جداً فعندما دخل عليا ضابط القوات المسلحة ليسألني هل الوضع تحت السيطرة فانهار حلمي بأن يكون الإعلام مستقللاً وأحسست فعلاً أن الدولة قد انهارت فعلاً ووقت إذاعة البيان كلمت ما أعرفهم في الميدان لسحب الناس الموجودين لأنني وصلت لي معلومات أن هناك كرات من اللهب ستقذف عليهم. سؤال من عادل حمودة: كم عدد الكاميرات الموجودة في التحرير وقتها. ولم أكن استطع أن أكمل في المكان سوي بإذاعة الأغاني الوطنية والقرآن. أوضح عبداللطيف المناوي رئيس قطاع الأخبار الأسبق بالتليفزيون المصري أن بيان المجلس العسكري أحدث مفاجأة كبيرة لدي أركان الرئاسة وأنه تلقي اتصالاً من أنس الفقي والدكتور زكريا عزمي رئيس ديوان رئيس الجمهورية في ذلك الوقت يستفسر منه علي البيان وكيفية إذاعته دون الرجوع للرئاسة وطالبا منه عدم إذاعة أي بيانات أخري دون الرجوع إلي الرئاسة، إلا أنه أوضح لزكريا عزمي أن بيانات الجيش يتم إذاعتها بشكل تلقائي ودون أن تعرض عليه، منوهًا بأن ذلك علي خلاف ما كان يحدث لأنه المناوي كان يطلع علي كل شيء. كما قال إن حالة الغباء السياسي الشديد سيطرت علي إدارة الأزمة في أحداث 25 يناير، بالإضافة إلي حالة التأخر الشديد في اتخاذ القرار، إلي جانب حالة الإنكار الشديد من أن هذا الكيان - الشعب المصري - غير قادر علي تغيير الأوضاع السائدة بصورة كاملة.