مر التليفون المحمول فى مصر طيلة مشوار حياته البالغ 23 عاما حتى نوفمبر 2019 بالعديد من المحطات على مستوى الشكل والحجم والخصائص والإمكانيات...يمكن أن يتم تناول كل جزئية فى مقال أو فى عدة مقالات بحسب حجم التنوع والاختلاف فى كل جزئية ولكن هنا وجدت أن مشوار النغمات والرنات كان مشوارا حافلا على الرغم من تفاهة الأمر وقلة أهميته. بدأ التليفون بمجموعة من الرنات الجاهزة لا تزيد على 20 نغمة ثابتة...فى هذه المرحلة المبكرة من دخول تلك التكنولوجيا إلى مصر كان الأمر يدعو إلى الفخر...أن تحمل تليفونا محمولا...تتركه يرن عددا كبيرا من الرنات ليستمع الجميع إليها ولكى يلتفت كل من بالمطعم أو المقهى أو حتى دار السينما ليرى من هذا الشخص «المميز» الذى يحمل هاتفا محمولا...البعض كان يحلو له مشاهدة صاحب التليفون وهو يتكلم ..يتابعه حتى نهاية المكالمة تقريبا. ثم جاء عصر تال..ربما بعد سنوات قليلة...يمكن أن تضيف نغمات جديدة...مجموعة من الأكواد الغريبة...حروف وأرقام تمثل السلم الموسيقى...بدأ الأمر بعدد من الألحان الغربية ثم سرعان ما دخل خبراء الموسيقى العربية على الخط...فانتشرت النغمات العربية...بين نغمات الرقص والأغانى القديمة الشهيرة...استمر الأمر كذلك لمدة حتى وصل الأمر إلى وجود من يبيع تلك الرنات-خمسة جنيهات كاملة للحصول على رنة مميزة-ثم جاء عصر النغمات المجسمة...أصوات مجسمة تدل على أن الهاتف حديث...تراجع إدخال الرنات وبقى الجميع يتفنن فى تغيير الرنات المجسمة...أتى بعد ذلك العصر التالى وهو عصر تحميل الأصوات الطبيعية للأغانى والموسيقى....بين مقدمة موسيقية لأم كلثوم أو فريد الأطرش...إلى المقطوعات الكوميدية مثل الفنان مقطع للفنان محمد شوقى قائلا: «يا ساتر يا رب...يا رب خرجنى من دار البلا بلا بلا».....يتم وضعها للشخص السخيف...مدير...زوج...زوجة...عدو...إلخ. انتشرت أيضا الأدعية الدينية وبعض مقاطع من القرآن الكريم... بين الجدل وفتاوى التحريم والكراهة...ثم بعد فترة خفتت هستيريا النغمات حتى صار أغلب المستخدمين يضعون أى نغمة بلا اكتراث....البعض عاد إلى صوت التليفون القديم-أبو قرص- والبعض الآخر يحن إلى20 نغمة التى جاءت فى أول تليفون محمول جاء إلى مصر فى نوفمبر 1996...البعض يضع التليفون على وضع الصامت أو على وضع الهزاز بدون نغمات على الإطلاق...اليوم اكتشفت أن هاتفى على وضع الهزاز منذ عدة سنوات بلا نغمات على الإطلاق ...تذكرت كم أضعنا من أوقات ثمينة فى موضوع تافه مثل موضوع النغمات وسرحت بذهنى إلى المستقبل...ترى كم موضوع سيخفت تماما مثل موضوع النغمات بعد أن يكون قد استهلك من أعمارنا وأعصابنا الكثير.