داخل قصر ثقافة محطة الرمل تربيت.. قرأت ودرست وعشت على الأدب والفن والموسيقى.. كان بيتًا حقيقيًا.. كان يعج بكل جديد.. القصص والكتب والروايات والمجلات العلمية والترفيهية وكل شىء.. كانت مدرستى تحض على الذهاب لبيت الثقافة أسبوعيًا وكنت أذهب يوميًا.. كنت أذاكر وأتحصل واجباتى الدراسية وأزيد داخل قصر الثقافة.. كل سهرة خميس يعرض القصر أحد الأفلام القيمة.. كان القصر متعة حقيقية أهلنى لتحصيل العديد من المكاسب العلمية والأدبية التى أثرت حياتى.. لقد كان قصر الثقافة ملاذًا حقيقيًا لى ولأبناء جيلى من التطرف أولًا.. والتحصن بالثقافة والفنون ثانيًا وثالثًا. داخل هذه القصور تكتشف المواهب الجديدة وتنمى المواهب المهملة، وتنشط المواهب الراكدة.. لسنا أمام نشاط ترفيهى.. بل أمام مشروع متكامل لتحويل تلك القصور إلى مراكز قومية لحفظ الهوية المصرية! فى مواجهة طيور الظلام تنتشر داخل ربوع مصر قواعد جاهزة لنشر الثقافة.. فقط تحتاج لإعادة تأهيل ولخطة تشغيل مستدامة. بمفهوم بناء الإنسان المصرى، استقبل الرئيس عبدالفتاح السيسى ولايته الثانية مرتكزًا على الثقافة كأهم أدوات هذا البناء. فى مفهومه لأهمية نشر الوعى باستخدام الثقافة، استحدث الرئيس مصطلح «العدالة الثقافية» والتى قصد بها وصول الثقافة لمستحقيها فى كل مكان. عملية «الانتشار» كهدف رئاسى لن تجد أهم من «قصور الثقافة» مكانًا لتنفيذها تحت إشراف الدولة.. ومن خلال عطاءاتها التى تتسق مع مستهدفات أمنها القومى. ومن منطلق إدراك الرئيس بأهمية تلك القصور كجزء من منظومة الأمن القومى فإن إعادة النظرة الشاملة لها أصبحت فرض عين قوميا. من داخل هذه القصور يمكن دمج التراث فى محيطه المجتمعى.. ومن داخل تلك «القصور» يمكن إعادة إحياء المشاعر الوطنية لسكان المحافظات الحدودية ليس لغيابها فى وجدانهم.. وإنما لغياب خصوصية مفهومها لديهم عن سكان الوادى! من على خشبات مسارح قصور الثقافة يمكن أن تصل أصوات الشباب إلى دولتهم.. ومن أعماق لوحاتهم الفنية يمكن أن تتعدد الرسائل.. ومن تفاصيل ألحانهم يمكن جدًا إعلاء لغة الحوار.