في الوقت الذي تشهد فيه محافظات مصر وربوعها حالة من الفوضي والعشوائية وغياب افكار مثل التعددية وقبول الاخر وظهور العنف والتسلط الفكري وفرض الرأي بالقوه بديلا عنها, تتجه الانظار الي الدور الغائب لقصور الثقافة, اذ ان الدولة تشهد حالة من تردي الاوضاع الثقافية تتمثل في غياب القوافل الثقافية والتي يفترض ان تجوب القري والمحافظات لنشر الوعي الثقافي والمفاهيم الحضارية المتعددة, ناهيك عن قصور وبيوت الثقافة التي تعاني عدم توافر الاعتمادات المالية اللازمة لها, وقصر ثقافة بني سويف يروي ذاكرة الاهمال الثقافي فبينما كان الممثلون يقدمون تحيتهم للمتفرجين من مثقفين ومسرحيين. في نهاية عرض مسرحية من منا تصاعدت ألسنة الدخان بكثافة وتم نسبها فيما بعد إلي الإهمال في التأمين الخاص بالمسرح والذي اسفر عن مقتل 32 شخصا هم اسماء لامعة في المسرح المصري والعربي بينهم كتاب ونقاد ومخرجون وأساتذة متميزون قبيل انطلاقة مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي في 2005, ومحافظة مثل سوهاج نصيبها من الاعتمادات المالية لايتعدي ال200 ألف جنيه سنويا, وهو مايجعل نصيب الفرد من النشاط الثقافي بالمحافظة لايتعدي ال سوهاج: قصر العسيرات يعمل في حجرتين من الطوب والألواح الخشبية في الوقت الذي تحتاج فيه الدولة المصرية صاحبة الحضارة الضاربة في جذور التاريخ لتكاتف جميع الأجهزة وبالذات التي تخاطب العقول لتصحيح المفاهيم الخاطئة لدي البعض بخاصة الشباب للخروج من الظروف الصعبة والأحداث التي تمر بها البلاد منذ ثورة 25 يناير ووقف نزيف الدماء والتخريب المتعمد للمنشآت الحكومية والخاصة ودور العبادة نجد ان قصور وبيوت فرع ثقافة سوهاج بما لها من دور مهم في تثقيف وتوعية المواطنين وتصحيح المفاهيم الخاطئة تعاني عدم توافر الاعتمادات المالية. وتضم المحافظة بين جنباتها 4 قصور للثقافة أقدمها قصر ثقافة سوهاج الذي تعرض لأعمال تخريب في الرابع عشر من أغسطس الماضي, ثم قصر ثقافة محمد عبدالحميد رضوان وزير الثقافة الأسبق بدار السلام, وقصر ثقافة طهطا, ورابعها قصر ثقافة المنشأة الذي لم يتم افتتاحه حتي الآن بالرغم من بدء العمل به منذ حوالي قرن من الزمان و8 مبان للثقافة في طما والمراغة وجهينة وأخميم وساقلتة والعسيرات وجرجا والبلينا عبارة عن حجرات لا تتناسب مع الدور المنوط بها, ونذكر علي سبيل المثال بيت ثقافة العسيرات الذي ارتبط اسمه بفرقة كورال أطفال العسيرات صاحبة الأبجدية المحمدية الشهيرة يعمل داخل حجرتين من الطوب والجريد والعروق والألواح الخشبية رغم تخصيص 1200 متر مربع لإقامة قصر للثقافة عليه بذات الموقع منذ نحو 4 سنوات, إلا أن عدم توافر الاعتمادات من قبل الهيئة العامة لقصور الثقافة أو صندوق التنمية الثقافية حتي الآن يحول دون البدء في التنفيذ الأمر الذي يعوق العمل الثقافي, ناهيك عن ضعف الاعتمادات المالية لتنفيذ الأنشطة ورغم ذلك يحاول اقامة بعض المحاضرات والندوات حول الوضع الحالي في مصر علي حد قول جمال بلوم مدير البيت, أما محمد فقير رضوان مدير قصر ثقافة محمد عبدالحميد رضوان بدار السلام فيقول إن القصر لا يوجد به فرق للمسرح أو الموسيقي والكورال أو الفنون الشعبية ولا يوجد به مسرح, وتتم الاستعانة بفرق قصر ثقافة سوهاج في تنفيذ الأنشطة وننتظر تقرير الإدارة الهندسية بالفرع هل يتحمل المبني اقامة طابق ثان ومسرح للقصر من عدمه!! مشيرا إلي أن آخر نشاط كان خلال شهر رمضان الماضي لعدم ورود ميزانية التي إذا توافرت تكون ضعيفة, وقال عثمان الشريف (موظف) من مركز طما: إن معظم أهالي مركز طما بخاصة القري لا يعلمون أنه يوجد بيت ثقافة بالمدينة ولم نسمع عن أي نشاط ملموس قبل الثورة أو بعدها, وأكد ذلك مصطفي النجار (تاجر) من مركز طهطا بقوله إن قصر ثقافة طهطا مبني رائع وتجهيزه كلف الدول مبالغ مالية كبيرة إلا أن الأنشطة به محدودة ويتساءل أين دوره التثقيفي وما يقدمه من توعية للمواطنين؟! وأضافت أنه بالرغم من أن الاعتمادات المالية لا تتعدي 200 ألف جنيه سنويا, فإننا نقوم بممارسة جميع الأنشطة بالتعاون مع أكاديمية البحث العلمي والمجلس القومي للسكان والتربية والتعليم والجامعة من خلال بروتوكولات وبرامج ثقافية ودورات وندوات تنمية بشرية داخل قصور الثقافة, وبالنظر لاعتمادات الثقافة السنوية نجد أن نصيب الفرد بالمحافظة من العمل الثقافي لا يتعدي5 قروش بل يقل عن ذلك.
جنوبسيناء: ..وثقافة شرم الشيخ بدون مرافق كتب هاني الاسمر: تشهد محافظة جنوبسيناء حالة من تردي الأوضاع الثقافية فغياب القوافل الثقافية التي يفترض أن تجوب القري والوديان والتجمعات البدوية أمر غاب عن مسئولي وزارة الثقافة طيلة السنوات الماضية, فلا يعقل أن تكون ميزانية مسرحية 1500 جنيه فقط, ويرجع السبب في ذلك إلي افتقار فرع ثقافة جنوبسيناء إلي الموارد المالية والعمالة المتخصصة والمدربة لنشر الوعي الثقافي بين أبناء المحافظة, حيث يعمل في كل المواقع الثقافية 80 موظفا فقط, مما كان سببا في انتشار ظاهرة العنف, واللجوء لأساليب تهدد الأمن الداخلي وعدم الاتجاه الحكومي للحد منها. أكد أمل عبدالله متولي مدير عام فرع ثقافة جنوبسيناء أن الفرع يضم 8 مواقع ثقافية يعمل بها 80 موظفا فقط, فجميع المواقع الثقافية تفتقر إلي إمكانات الصحة والسلامة المهنية وجميعها مغلقة من قبل الحماية المدنية لعدم مطابقتها لشروط السلامة المهنية, وهي عبارة عن بيوت ثقافية, ولا يوجد بالمحافظة سوي قصري ثقافة طور سيناء وشرم الشيخ, والفرق بين القصر والبيت هو المبني الإنشائي لوجود مسرح به فيطلق عليه قصر ثقافة, وعند القيام بحفل تتم مخاطبة مديرية الأمن والصحة علي مسئوليتي الخاصة لدعم الحفل بسيارات إطفاء وإسعاف ونجدة لتأمين الاحتفالات في أي موقع, وأشار مدير الثقافة إلي أن قصر ثقافة طور سيناء يضم مسرحين صيفي وشتوي يستوعب الصيفي 3200 مقعد, والشتوي 230 مقعدا, وحول وجود مواقع ثقافية بجنوبسيناء تسكنها الأشباح أوضح مدير الثقافة أن بيت ثقافة سانت كاترين عبارة عن وحدة سكنية قديمة لا تصلح لأن تقدم مادة ثقافية ويضم البيت مكتبة طفل وهناك مكتبة أخري تتبع بيت الثقافة مخزنة داخل مجلس مدينة سانت كاترين ومغلفة دائما ويرجع السبب الرئيسي في ذلك إلي الاتفاق علي الأنشطة, فالموجود بالمكان مدير الموقع ويعمل معه حارس أمن وموظفة إدارية لا يستطيعون القيام بدورهم لضعف القدرة المادية والموارد البشرية. بالإضافة إلي بيت ثقافة نويبع الذي تم تجديده وافتتاحه العام الماضي ويضم مكتبة عامة ومكتبة طفل, ولعب أطفال, ومسرحا متنقلا, وفرقة كورال لكن لم يتم اعتمادها كفرقة فنية لعدم وجود مدرب موسيقي, ويمكننا الاستعانة بمدرس موسيقي من مديرية التربية والتعليم, لكن لا يوجد في مدينة نويبع مدرس موسيقي واحد وكأن الدولة خلال الفترة السابقة أرادت لقاطني هذه المنطقة عدم التوعية ثقافيا لذلك لا يقوم بيت نويبع بدوره نظرا لعدم وجود عمالة متخصصة لادارته ولا يختلف بيت ثقافة دهب عن سابقة حيث يعمل به 3 موظفين إداريين هم المدير الذي يحمل مؤهلا متوسطا, وحارس أمن, وأمين مخزن, وهو عبارة عن مضيفة أشبه بدار المناسبات الصغيرة مقسمة إلي غرف وتساءل كيف تقوم بيوت الثقافة في جنوبسيناء بدورها وهي تفتقر للعمالة المؤهلة لإدارتها. أما قصرا ثقافة طور سيناء وشرم الشيخ فيعملان فترتين صباحية ومسائية ويضمان أنشطة للموسيقي وفرق كورال الأطفال والتلقائيين أطفالا وكبارا ومدربين لهذه الفرق, لكن الأخطر من ذلك ندرة المدربين في كل المواقع الثقافية. وأعلن أن مسرح قصر ثقافة شرم الشيخ مغلق لعدم وجود تكييف مركزي وافتقاره لدورات المياه وأعمال الصرف الصحي, أما المسرح المكشوف التابع لقصر ثقافة طور سيناء مغلق دائما نتيجة توافر وحدة صوت والمسرح بحاجة إلي صيانة كاملة.
أسيوط: موظفون غير مؤهلين لنشر الوعي كتب حمادة السعيد وأسامة صديق: تسود حالة من الدهشة بين صفوف الكثيرين من ابناء اسيوط تجاه الدور الهزيل الذي تلعبه قصور وبيوت ومراكز الثقافة في المحافظة, فرغم اهميتها القصوي كإحدي الركائز الاساسية لتكوين وعي ومعرفة المواطنين بكل القضايا وبشتي صورها, اصبحت تلك المنشآت اسما علي غير مسمي فالمسئولون عنها يبذلون جهدا كبيرا في تنفيذ الكثير من الانشطة الا انها تقتصر احيانا علي فئة من المجتمع دون اخري أو لايتم الاعلان والدعاية عنها مما يفقدها عددا كبيرا من المشاركين. حيث تعاني قصور ثقافة أسيوط كشأن كثير من قصور الثقافة من الهجران الشديد وضعف المقبلين عليها نتيجة لضعف الامكانات الخاصة بالانشطة المختلفة. يقول صبري شارف مدير عام ثقافة اسيوط ان اسيوط تضم نحو 24 موقعا ثقافيا موزعة علي مدن وقري المحافظة بهدف تشكيل وعي ثقافي والحفاظ علي الهوية المصرية ضد محاولات التغريب التي يشهدها العصر وهناك قصور ثقافة للطفل كما ان الهيئة كانت حريصة علي انشاء مواقع لها في القري التي تشهد صراعات ثأرية لرفع الوعي الثقافي لدي المواطنين كما حدث في قرية النخيلة والحوطا والمعابدة ولكن وسائل الميديا المختلفة لاشك انها سحبت الجمهور خصوصا ان عوامل الجذب الموجودة داخل قصور الثقافة لاترقي لمستوي الميديا, واضاف شارف ومع ذلك فإن هناك جهودا تبذل من خلال اربع فرق موجودة بأسيوط للمحافظة علي التراث المصري وتنمية مواهب المصريين والتي تتمثل في ضعف الميزانيات المخصصة للانشطة داخل قصور الثقافة فمثلا نصيب الفرد من الثقافة سنويا لايزيد علي 36 قرشا فقط وهذا ماذكره سعد عبدالرحمن رئيس الهيئة في تصريحاته وهو محق في ذلك تماما فهل ممكن ان نوزع هذا النصيب للفرد علي التذوق الموسيقي أو الاحساس بالجمال في لوحات الفن التشكيلي أو في العروض المسرحية التي تنفذ من خلال الادارة العامة للمسرح بالهيئة وايضا في المشاركة في الوعي الثقافي والاجتماعي لتغيير بعض المفاهيم والسلوكيات الخاطئة بالقري والنجوع من خلال قوافل ثقافية؟ واضاف الاسيوطي ان المشكلة الثانية تكمن في الموظف المسئول عن ادارة العمل الثقافي فمعظم العاملين بقصور الثقافة غير مؤهلين للعمل في نشر الوعي الثقافي وجذب الرواد للمشاركة في اكتشاف المواهب وتنمية مواهبهم سواء كانت فنية أو ادبية, ناهيك عن الاماكن التي تدار من خلالها العملية الثقافية وهي في الغالب شقة صغيرة في عمارة والمطلوب ان الموظف يعمل ويستقبل الرواد لممارسة الانشطة وهذه ليست مشكلة قصور الثقافة لوحدها ولكنها مشكلة دولة لاتريد للانسان ان يتثقف أو يفهم فمتي تنظر الدولة للثقافة والمثقف وتحترم عقله. واضاف الاديب عاطف العزازي عضو مجلس ادارة نادي القصة بأسيوط ان مبدعي وادباء الصعيد عانوا كثيرا من تهميشهم لصالح الشللية التي حرمت كثيرا من المواهب من فرصة الظهور, كما عاني موظفو الثقافة الفساد الاداري والمالي والتمييز ضدهم لصالح المحسوبية مما افسد قدرتهم علي التغيير الثقافي.
دمياط: ..وغياب المشروع القومي يشجع العنف كتب - حسن سعد: تركز مديرية الثقافة بدمياط وفروعها من قصور وبيوت الثقافة علي مستوي مراكز والمدن والقري علي انشطة تقليدية لملء الفراغ الثقافي دون وجود خطة متكاملة لتحقيق اهداف محددة لهذه الانشطة ترتبط ارتباطا وثيقا بالقضايا الاجتماعية المثارة علي ارض الواقع, واذا طبقنا هذا المفهوم علي ما يحدث فإننا نجد هناك قصورا واضحا في التصدي لظاهرة العنف والإرهاب التي تهدد المجتمع المصري وتعمل علي تقويض اركان الدولة المصرية, وإذا كان لقصور وبيوت الثقافة بالمحافظة بعض الجهود في هذا المجال إلا انها تحتاج إلي برنامج متكامل ورؤية واضحة للتصدي لهذه الظاهرة الاجتماعية الخطيرة ليتكامل دورها مع الأجهزة الأخري المعنية. يقول حلمي ياسين رئيس نادي الادب بدمياط ان قصور الثقافة بالمحافظة لاتؤدي دورها في مكافحة العنف السائد حاليا بسبب ان العمل الثقافي حاليا اصبح بعيدا كل البعد عن الطبقة التي يجب مخاطبتها لنبذ العنف فقد طالبنا كثيرا بان يكون العمل الثقافي في الشوارع والحواري ويبدأ بعروض ترفيهية وثقافية لترغيب المواطنين في كل المناطق النائية والحضرية لكي يلتفوا حول الثقافة لان هذا الغياب الثقافي عن هذه المناطق اعطي فرصة كبيرة لتيارات الفكر الديني المتطرف للسيطرة علي هذه المناطق بأفكار غربية عن واقعنا والنتيجة نعاني منها الآن, ومستقبلا اذا لم يعاد النظر في مفهوم وزارة الثقافة وطريقة ادائها وطالبنا ان يقوم الادباء في دمياط بدور الرقابة الفاعلة علي الانشطة الثقافية والاداء الاداري لقصور الثقافة, ومن بين ازمات هيئة قصور الثقافة غياب مشروع ثقافي قومي, يلتف حوله الكتاب والمثقفون والشعب, وغياب هذا المشروع وضعنا في جزر منعزلة, كل له مشروعه الفردي, الذي يظن انه المشروع الأمثل, واخطرت الازمات والمشاكل بدأت منذ ان تم تحويل قصور الثقافة إلي هيئة وتغيير اسم الثقافة الجماهيرية وهو الاسم الحقيقي لها, إلي هيئة قصور الثقافة وهذا القرار حول الثقافة إلي هيئة روتينية, تهتم بنشاط ثقافي هامشي لايؤثر علي المجتمع فعلي سبيل المثال, تنظم الهيئة ندوات في كل المجالات, عدد الحاضرين فيها احيانا لا يتجاوز عدد اصابع اليد الواحدة, وكل مايهم الفرع هو ان يسجل نشاط فقط, وهذا أوجد فجوة كبيرة بين الواقع المصري وقصور الثقافة وإيجاد نوع من الأهمال واللامبالاة وعدم السعي لعمل جاد هذا بالاضافة إلي ضعف الامكانات المادية والإدارية لمن يقودون هذه الفروع. ويشير محمد الشوربجي مدير عام مديرية الثقافة بدمياط إلي ان جميع الانشطة الثقافية منذ شهر رمضان الماضي تعالج القضايا القومية خاصة قضايا نبذ العنف وحرمة الدم والمواطنة وتوحيد صف والانتماء والحفاظ علي الهوية المصرية من خلال المحاضرات والندوات والمقاهي الثقافية واللقاءات الفكرية والادبية والايام الثقافية والامسيات الشعرية والقوافل الثقافية السريعة الانتشار بقري المحافظة المحرومة ثقافيا وفنيا.