في الوقت الذي سقطت فيه الأقنعة عن مبارك وعائلته، وتباري الجميع في الكشف والتفتيش عن فضائحه وخباياه، لازالت الإذاعة المصرية تخشي الاقتراب من صنم مبارك أو أي محاولة لهدمه ولو بفأس الدراما مما تسبب في حالة من الغليان بين مخرجي ومؤلفي شبكة البرنامج العام بعد قيام إسماعيل الششتاوي رئيس الإذاعة المصرية ومجدي سليمان رئيس الشبكة برفض مسلسلاتهم التي تناولت خفايا عائلة الرئيس المخلوع، ورموز النظام السابق، وحوادث اختفاء المتظاهرين، وحقيقة قناصة ميدان التحرير. قائمة الأعمال الإذاعية المرفوضة تضم مسلسلين هما «العائلة والقصر» و«مجهول»، والآن علي مكتب أسامة هيكل وزير الإعلام شكوي من كلا المؤلفين ضد تعنت الإذاعة المصرية وخوفها من انتاج أي عمل درامي يمس النظام السابق ولو بفضح حقائقه وأسراره، فماذا قال المؤلفان عن ذلك؟ في البداية يقول باسم عادل مؤلف المسلسل الإذاعي «العائلة والقصر»: تم تكليفي من شبكة «البرنامج العام» بكتابة مسلسل عن الثورة فاخترت أسرار ما حدث داخل القصر الجمهوري والكواليس التي سبقت خطاب التنحي الذي قرأه عمر سليمان، واعتمدت في الكتابة علي ما نشر في وسائل الإعلام والأحاديث التليفزيونية التي أدلي بها الدكتور حسام بدراوي، ومقالات صلاح منتصر، بجانب تصريحات الرجال الذين عملوا داخل القصر الجمهوري، ووضعت خطا دراميا للمسلسل الذي تبدأ أحداثه بدخول مبارك المستشفي في ألمانيا لإجراء العملية الجراحية، وحالة الغليان التي كانت تعم المجتمع المصري وتزوير الانتخابات وبطش جهاز أمن الدولة حتي قيام الثورة والخطابات المتتالية لمبارك بعد 25 يناير وكان من المفترض أن يظهر عدد من رموز النظام السابق منهم زكريا عزمي وصفوت الشريف بجانب عائلة مبارك ومبارك نفسه، وبعد أن انتهيت من كتابة الملخص والخمس حلقات الأولي قدمته للجنة قراءة النصوص الإذاعية ووافقت بالفعل وبدأت أنا والمخرجة هانم عزب في ترشيح الفنانين لكننا فوجئنا قبل تسجيل المسلسل بيومين برفض الإذاعة للمسلسل لأنها لازالت تتعامل مع مبارك وعائلته بأيد مرتعشة، وقد تقدمت بشكوي لوزير الإعلام أسامة هيكل بخصوص المسلسل.. وأضافت هانم عزب مخرجة العمل أنها فور موافقة لجنة النصوص الدرامية علي ملخص الحلقات تم وضع ميزانية 75 ألف جنيه للمسلسل وتم ترشيح فاروق الفيشاوي لدور مبارك وبالفعل وافق ورحب بالفكرة كما وافقت الفنانة دلال عبدالعزيز علي أداء دور سوزان مبارك وطلبت قراءة السيناريو بدقة لكنها اعتذرت وحلت محلها معالي زايد بجانب إسماعيل محمود وعبدالرحمن أبوزهرة، وبعد أن تم حجز استديو التسجيل أخبرني المسئولون برفض المسلسل دون إبداء أي أسباب. أما فايز رشوان الذي كتب المعالجة الدرامية لرواية «مجهول» فأكد أنه عالج الرواية الأصلية التي كتبها يوسف القعيد بما يتناسب مع المتغيرات السياسية والاجتماعية التي شهدتها مصر حيث تدور الأحداث حول فتاة صعيدية تأتي للقاهرة للبحث عن حبيبها بعد أن اختفي في مظاهرات التحرير يوم 25 يناير ويتم التركيز من خلال المسلسل علي قضية اختفاء المتظاهرين أثناء الثورة ووصول عددهم لأكثر من 100 مختفي كما تناولنا أيضًا قتل القناصة للمتظاهرين في ميدان التحرير من فوق أسطح العمارات، وأعتقد أن هذه الخطوط الدرامية هي التي جعلت رئيس الإذاعة يرفض المسلسل رغم أنه الذي طالبنا بكتابة أعمال عن الثورة وتحججوا أن قضية القناصة لم تحسم بعد. وأشار وليد السمالوطي مخرج مسلسل «مجهول» إلي أنه عندما وافقت لجنة القراءة علي المعالجة الدرامية للمسلسل ثم ترشيح ممثلين منهم منة شلبي وصابرين وأحمد ماهر وحنان مطاوع وأحمد خليل وأضاف عندما كنت أسأل رئيس شبكة البرنامج العام عن بداية التسجيل كان لا يعطيني ردا مفيدا وقبل رمضان بأسبوع فوجئت بهم يطلبون مني اختصار المسلسل في 15 حلقة فرفضت لأن الرواية طويلة ولا يمكن اختصارها بجانب أن هذا أول عمل يقدم عن الثورة ولا يليق بها أن نقدم مسلسلا عنها في 15 حلقة لأن هذا استهانة بالحدث وكان الهدف من ذلك أن نفسح الطريق لمسلسل آخر وهو «الكاميليا والرمان» التي كتبها عمرو عبدالسميع وأخرجها إسماعيل عبدالفتاح مدير عام الدراما في الشبكة. وردًا علي هذه الاتهامات أكد إسماعيل الششتاوي رئيس الإذاعة أن مهمته الاجتماع برؤساء الشبكات لمناقشة خطة الدراما وتكامل نوعيتها بحيث يكون هناك كافة الألوان الدرامية التي تناسب كل شبكة سواء الكوميدي أو الاجتماعي أو السياسي أو التاريخي وبالفعل تقدم كل مخرج بفكرة مسلسل لرئيس كل شبكة وبعد أن وافقوا عليها تم طلب الملخصات لعرضها علي لجنة اختيار النصوص الدرامية الإذاعية التي يرأسها مجدي سليمان بمشاركة مجموعة من الأعضاء لقراءة الأعمال المقدمة والموافقة عليها أو رفضها وفقًا للمعايير التي تتبعها الإذاعة وبعد أن تكتب اللجنة رأيها ويتم رفعها لمكتبي علي أساسها أوافق أو أرفض المسلسل المقدم وبالتالي فإن مسلسلي «العائلة والقصر» و«مجهول» تم رفضهما من اللجنة. وأضاف الششتاوي أنه يرحب بأي عمل عن ثورة 25 يناير وليس صحيحا أنه يرفض أعمالا تتناول رموز النظام السابق بدليل أن الإذاعة المصرية قدمت في رمضان الماضي 20 عملا دراميا معظمها تعرضت للثورة. أما مجدي سليمان رئيس لجنة قراءة النصوص الإذاعية ورئيس شبكة البرنامج العام فأشار إلي أسباب رفض المسلسلين قائلا: بالنسبة لمسلسل «العائلة والقصر» تم رفضه لأن به تمجيدا لمبارك وسوزان والنظام السابق وبه نوع من الاستعطاف وهذا سوف يستفز الجمهور بجانب أن هناك عيوبا فنية في السيناريو وعلي المؤلف أن يحمد ربه أن المسلسل لم يخرج للنور لأنه كان سيعرضنا لمشاكل، أما مسلسل «مجهول» فلم ترفضه اللجنة ولكن عندما طلبت من مخرجه وليد السمالوطي اختصاره في 15 حلقة رفض لأنه كانت هناك نسبة بطالة من مخرجي الشبكة وكنا نحاول أن نجد فرصة لكل مخرج في رمضان.