ملامحه مصرية خالصة، تماما كما هى كتابته، تأتى من قلب الريف، من ملح الأرض، تحمل الحكمة والعبرة وخبرة السنوات، يملك بشرة سمراء وضحكة ودودة صافية، وقلبا أبيض ، تماما كما هى روح مصر الطيبة، لا يسكن البروج العاجية، ولا يعانى من عقد التعالى التى يعانى منها أدباء آخرون، حيث يعد الكاتب والأديب يوسف القعيد أحد رواد الرواية العربية فى مرحلة ما بعد نجيب محفوظ الذى ربطته به علاقة صداقة متينة. ■ ■ مساره الروائى يكشف عن فارس، محارب، فمن خلال حوالى ثلاثين عملا نرى «الفلاح الفصيح» وهو يكتب عن مصر بقضاياها، ونرى المحارب الذى قضى فترة تجنيده بداية من من النكسة فى 67 حتى النصر العظيم فى 73 وهو يدافع عن هذا الوطن. أعماله تشبع شغف القارئ الراغب فى التعرف على الواقع المصرى الحقيقي، وعبق حياة الريف، دائما يبحث عن النقاء حتى فى وقت الكتابة، فيكتب فى الصباح الباكر قبل أن يتلوث الجو ومعه النفس، لذا قدم لنا أعمالا دخلت تاريخ الأدب العربى من أوسع أبوابه منها روايات: «يحدث فى مصر الآن، والحرب فى بر مصر التى حازت على المرتبة الرابعة ضمن أفضل مائة رواية عربية، بلد المحبوب، وقسمة الغرماء». كثيرون هم من يسودون صفحات الكتب وقليل هم المبدعون، ومن بينهم القعيد الذى اعادت السينما تقديم أعماله فكانت رقما مهما فى تاريخها كما هى فى تاريخ الأدب ، فلا يمكن لأحد أن يتجاهل فيلم بحجم وقيمة «المواطن مصرى» أو فيلم «زيارة السيد الرئيس». ■ ■ الريف، الحرب، الغربة، ثلاثية تتناولها أعماله، حيث يُظهر للريف براءة تجعلنا نشعر أننا أمام الكثير من الإشكالات والقضايا الاجتماعية، وكأنه كان حريصا ألا يجعل أعماله متخمة بالبلاغيات بقدر ما تحمل من تجارب حياتية، تعبر عن حس عميق بوجدان مصر والمصريين التى لم تغادر روايته، فقد عبّر عن الأحزان وسعى للتفاؤل، فكتب عن الفقراء وكتب عن القلوب البيضاء وبلد المحبوب، تلك الكتابة التى تحرك وجدان من يقرأها، فرهانه الأكبر على القراءة الإيجابية للنص من قبل القراء. ■ ■ واقعة دالة فى مسيرة «ابن الضهرية» ومساره تكشف حربه ضد الجهل والشعوذة، ففى طفولته الأولى ذهب به والده إلى أحد الشيوخ لكى يكتب له حجابا حتى لا يموت مثل أشقائه، وكان تحذيره الأساسى له ألا تقترب منه المياه، لأنه إذا ابتل بالماء سيموت فوراً، وقد حدث بعد هذا أن نزل يستحم فى نهر النيل، وابتل الحجاب بالماء، وعاش أياماً فى انتظار الموت الذى لم يأت، فتحول إلى أحد محاربى الظلام بالكلمة، وتجار الحروب والبشر والشعارات، وهو يفضح هؤلاء بكل ما يملك من طاقة إبداعية. وتماما كما حارب فى شبابه العدو الإسرائيلى، حارب الفاشية الدينية فى العديد من مقالاته، ولم يتوان فى الدفاع عن محبوبته مصر بعد أن استشعر المخاطر الذى يحيط بها، ففضح الإخوان وأشباههم من الجماعات الإرهابية التى اتخذت من الدين ستارا بهدف الوصول إلى الحكم. ■ ■ ولأنه صاحب شخصية وطنية تدرك قيمة مصر ومن يدافعون عنها، يؤمن أن المصريين كسروا جدار الخوف وتخلصوا من السلبية بعد ثورة 30 يونيو، ويرى أن الرئيس عبد الفتاح السيسى هدية من السماء لإنقاذ مصر وشعبها مما كان يدبر لها وأنه القادر على إعادة العظمة والعبقرية لمصر والمصريين فى تلك المرحلة العصيبة. إنه الأديب الوطنى يوسف القعيد عضو مجلس النواب، الذى تظل نصائحه وكلماته للحفاظ على مصر تتردد فى كل مكان يذهب إليه، والذى يحتفل أيضا بذكرى ميلاده يوم 2 إبريل المقبل، ونحتفل معه.. لأجل هذا وأكثر وجدناه يستحق «وسام الاحترام».