الإقلاع عن التدخين قرار صعب يحتاج تنفيذه إلى إرادة قوية وربما تشجيع ودعم نفسى من شخص أو مجموعة وربما من جهة، ومن أجل ذلك قررت حملة «ارميها ودوس عليها» مساندة الشباب وتشجيعهم للإقلاع عن التدخين ودعوة من أقلعوا عن التدخين مشاركة تجربتهم من خلال تصوير أنفسهم سيلفى مع لافتة مكتوبًا عليها عدد الأيام التى مرت عليهم دون تدخين لتحفيز غيرهم من الشباب المدخنين ومترددين فى الإقبال على هذه الخطوة التى تعتبر بكل المقاييس خطوة «جريئة». يروى ميسرة محمد صلاح «26 عامًا – مصور فوتوغرافى ومصمم جرافيك» تجربته مع الإقلاع عن التدخين قائلًا: نجحت فى الإقلاع عن التدخين بعدما تعاملت مع السيجارة باعتبارها نوعًا من أنواع الإدمان يجب التعافى منه بالتدريج، وقال:» بدأت أدخن من سن إعدادى وكنت أقبل على شرب كل من السجائر والشيشة، وفى هذا السن كانت صحتى جيدة فلم أشعر بأى تعب مهما بذلت من مجهود ورغم اكتشاف أسرتى هذا الموضوع ومحاولاتهم العديدة لترك السجائر لكنى استمريت عدة سنوات كمدخن وبالطبع كان لى أصدقائ كانوا يشاركوننى نفس المشوار وكانت تأتى علينا أوقات نفكر أن نقلع عن هذه العادة ونأخذ القرار لفترة بسيطة قد تمتد لأسابيع أو شهور ولكن نعودة مرة أخرى لتدخين السجائر ثم نتركها وندخن الشيشة وهى بالطبع أسوأ من السيجارة بعدة مراحل». ويتابع:» ظللت على هذا الحال قرابة تسع سنوات وكنت أدخن علبتى سجائر يوميًا حتى جاء وقت شعرت فيه برغبتى فى الإقلاع وقرأت عن كل طرق الإقلاع الممكنة ولكنها لم تجد أى نفع معي، فاخترعت طريقتى بنفسى للإقلاع لاسيما وأننى كنت أحب التدخين جدًا ومن هنا تعاملت مع الموضوع على أنه إدمان عادة سيئة وابتعدت عنها بالتدريج ثم قررت اختبر نفسى هل أنا بالفعل أقلعت أو العكس فأخدت سيجارة من أحد أصدقائى ومع أول نفس انتابتنى كحة شديدة وكأنى أول مرة أدخن وهنا تأكدت أنى أقلعت عن التدخين بشكل نهائي. وتحكى منى أحمد «29 عامًا - تعمل فى مجال الخياطة ومتزوجة» تجربتها مع الإقلاع عن التدخين قائلة: «أقلعت عن التدخين منذ عام بالتمام والكمال بعد علاقة استمرت 4 سنوات مع السجائر، فمنذ عام قررت الاقلاع من أجل نفسى لأنها تستحق، وبعد مرور أول شهر عانيت جدًا وتعبت لكننى تحملت وقررت أن أكمل هذا الطريق لأنى قررت ولأن النتيجة بالفعل تستاهل أن نتعب حتى نصل إلى تحقيقها.. وأضافت:»كنت أدخن أمام الناس بشكل عادى وكنت أشعر أنهم يتضايقون من رائحة الدخان وبالطبع أهلى كانوا معارضين لفكرة أنى مدخنة ولأنى قرأت كثيرًا عن أضرار التدخين ومع تأثرى بعض الشيء ببعض الأضرار، إذ تأثرت نفسى كثيرًا، مع عصبيتى الزائدة وعدم إحساسى بطعم أى شيء سوى السيجارة، قررت الإقبال على هذه الخطوة بتشجيع ودعم من زوجي، ومشاركتى فى الحملة زاد من تشجيعى لأنى كنت كل فترة أقوم بتصوير نفسى سيلفى مع لافتة مكتوباً عليها الفترة التى ابتعدت فيها عن السيجارة، واعتبر أن التوقف عن التدخين إنجاز افتخر به وكلما تضيق بى الدنيا أعرف أنى أستطيع أن أكون أفضل وأتغلب على أى مشاكل لأنى قوية». رامى عبد التواب يقول: «بعد أكثر من 11 سنة تدخين سجائر وشيشة وبايب وخلاصة تجربة 3 سنوات بدون نيكوتين حدثت زيادة 15 كيلو فى وزنى بعد أن كنت شديد النحافة، ورجعت لى حاسة كنت افتقدها بشكل كبير وهى حاسة الشم، كما أننى اكتشفت أن المدخنين لهم رائحة كريهة، بخلاف أننى لم أعد أشعر بالتعب بشكل سريع، ولم يعد ضغط الدم منخفضًا وأصبحت الميزانية بها فائض لا بأس به، وليس شرطًا أن تنتظر حتى تتعب لكى تتوقف عن التدخين «ارميها أحسن بمزاجك». الحملة، التى انطلقت فى مايو من العام الماضي، على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، تتبناها مؤسسة «صحة مصر» بالتعاون مع فرع «الاتحاد الدولى لجمعيات طلاب الطب IFMSA « بهدف توعية الشباب والأطفال من مخاطر التدخين، وجهت نصيحة للمدخنين لتحفيزهم على التوقف عن التدخين جاء فيها «التدخين سجن بتدّخل نفسك فيه بإيديك وفاكر دى الحرية أو الرجولة أو حتى الروشنة، وبيه بتعدم كل حاجة حلوة جواك وبتقضى على شبابك بإيديك عشان بس أفكار ملهاش معنى وبمبررات زى «خلاص اتعودت» و«مفيش حد بيبطل» .. أنت بتضحك على نفسك ودول ناس كانوا زيك وشبهك!، خد خطوة وقرر إنك تخرج من سجنك هتلاقى حياة تانية أفضل ليك وللناس اللى بيحبوك، واحميهم من التدخين السلبى بسببك». من جانبه يؤكد دكتور وائل صفوت، استشارى باطنة عامة وعلاج التدخين ورئيس اللجنة الدولية لعلاج إدمان التبغ، أن الحملة فى غضون عام حققت حوالى 2 مليون مشاهدة و300 ألف تفاعل و40 ألف مشترك فى صفحة الحملة على «فيس بوك» و400 شخص كتبوا تجربتهم وقصصهم مع الإقلاع عن التدخين،. وبلغة الأرقام تحدث صفوت قائلًا: 20% من البالغين فوق 18 سنة مدخنون أى حوالى 12 مليون مدخن وذلك بحسب آخر إحصائيات وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية فى عام 2010، ورغم وجود إحصائيات أخرى من عدة جهات إلا أن هذه هذه الإحصائية هى الأقرب إلى الصحة لأن الدراسة شملت عينة كبيرة مكونة من 25 ألف أسرة فى 10 محافظات.. وأضاف أن ما يهمنا هنا نسبة ال80% غير المدخنين بينهم مدخنين بشكل سلبى إضافة إلى أن التدخين يكلف الدولة ميزانية طائلة فهؤلاء المدخنون يحتاجون إلى أموال لعلاج الأمراض التى تصيبهم جراء التدخين مما يؤثر على منظومة الصحة وبدلًا من وجود إمكانية للدولة لتعالج الحالات غير القادرة تتحمل عبأ الإنفاق على علاج السرطان بسبب التدخين، فالدولة تنفق 300 مليون دولار على استيراد التبغ من الخارج بالإضافة إلى انفاقها على أدوية العلاج الكيماوى والقلب وبالتالى فإن التدخين له مردود اقتصادى غير مرئى له تأثير سلبى بطبيعة الحال. ووفقا لأخر إحصاءات وزارة الصحة عام 2003 فإن مصر تنفق 300 مليون دولار أى ما يوازى 6 مليارات جنيه على علاج الأمراض الناجمة من التدخين، ويؤكد صفوت أن الرقم أكبر من ذلك بكثير، فيكفى أن مصر تنتج 80 مليار سيجارة سنويًا أى 4 مليارات علبة سجائر، يحرقها المصريون فى الهواء دون أى فائدة كان من الممكن أن تفيد فى بناء مدارس ومستشفيات.. ويقتل التدخين نحو 200 ألف شخص فى مصر، حيث تعد مصر من أكبر عشر دول استهلاكًا للتبغ فى العالم، فيما يعد التدخين المسبب الأول للوفيات بالسرطان على الإطلاق لاسيما سرطان الرئة والمثانة، كما يسبب أمراض القلب والصدر والجلطات وضعف القدرة الجنسية عند الرجل والمرأة والعقم وتأخر الإنجاب ونقص عام فى أكسجين الجسم مما يؤدى إلى شيخوخة مبكرة للمخ الإيجابى والسلبى على السواء.