«اشترى المصرى وشجع منتج بلدك» يجلسون على جانبى الطريق فى صمت تام، يعرضون السلعة بثمن بخس للمستهلك.. طرق البيع كثيرة، فى المحال وعلى الأرض، منهم من يفترش الطرقات لا حول لهم ولا قوة.. لكن ما يشغلهم هو إنهاء يومهم ببيع أكبر عدد ممكن من الأحذية الموجودة معهم.. وبمجرد أن يتوسط الزبون البضاعة أثناء سيره.. ينهال عليه بائع الأحذية بكلمات معسولة.. ومن كثرتها أمامه، لا يفرق بين أجود الأحذية التى تختلف فى خامتها وحقيقة أسعارها.. بل الكثير منهم لا يدرى هل الصناعة مصرية أم مستوردة؟، وجودتها عالية أم أقل؟. «روزاليوسف» تجولت فى عدد من الأسواق الشعبية بميدان الجيزة، وبولاق الدكرور، والعتبة، ووسط البلد، لرصد حالة الإقبال على المنتج المصرى منخفض السعر، خاصة فى ظل تحرير سعر الصرف وتعويم الجنيه. يقول سعد حمزة - بائع متجول بالجيزة - إن الأحذية الصينى تباع بسعر أقل من المصرى، والباعة يفترشون الرصيف بأحذية تباع بأسعار لا تتجاوز 70 جنيهاً كحد أقصى، وأضاف: أن أغلب الأحذية المصرية يتم تقليدها فى الصين، وآخرها «البوت» خاصة مع قدوم فصل الشتاء، والغالبية يشترون لأولادهم من الأسعار الرخيصة لقضاء الموسم، ولا تعنى معه نوعها وجودتها تناسب الغلابة، والطبقة الفقيرة، متابعاً: كثيراً ما تحدث مشاجرات مع أصحاب المحال لو افترشنا بالقرب منهم خاصة، وأنهم يعتبرونا من خاطفى الزبائن لأن أغلب أسعارهم مرتفعة. ويقول جلال فاروق – بائع متجول – إن أسعار المنتج الذى يتم عرضه فى المحال التجارية باهظ الثمن، ويضاهى المنتج الذى يتم عرضه فى قارعة الطريق بثمن بخس، مشيرًا إلى أن الصنف واحد والسعر مختلف، لافتًا إلى أن طبيعة المكان هى التى تفرض السعر، فالمحال تدفع كهرباء، وضريبة سنوية، إضافة إلى إيجار للمكان، ومرتبًا شهريًا للعمال، يجعل المنتج دورًا رئيسيًا أن يكون عالى الثمن. أما عم محمد حنفى – 60 عامًا بائع بأحد شوارع العتبة – يوضح أن أغلب الزبائن من الطبقة المتوسطة، مشيرًا إلى أنه لا يوجد فرق فى الأصناف بين ما يبيعونه وبين المحال التجارية التى تعرض سلعتها بأرقام فلكية، مبينًا أن أصلها واحد، وأن البضاعة المعروضة بين 20 و50 جنيهًا للحذاء. ويتحكم بالمهنة تجار السوق السوداء، والبعض يستغل أزمة الدولار فى غلاء الأسعار مسبباً الغلاء والغالبية يضطرون للشراء، وأوضح أن ارتفاع الأسعار سيجعل المنتج المصرى يظهر مرة أخرى فى الأسواق، وسنرى إحياء للصناعة المصرية وتعود ورش تصنيع الأحذية إلى عملها من جديد. واستكمل سيد سعفان – بائع أحذية – أن الجلود المصرية ملائمة للظروف وتتحمل الكثير، مشيرًا إلى أننا لو قمنا بالمقارنة من حيث الشكل العام للمنتج المصرى والصينى، لوجدنا أن هناك فرقًا شاسعًا حيث جودة المصرى. وأضاف محمد يحيى - بائع فى محل بوسط القاهرة - أن الزبون «اللى فاهم عارف نوع الحذاء الجيد، والخامة النظيفة كويس وعارف المحل اللى بيشترى منه لكن الأغلبية غلبانة وبسيطة وبتروح على الرخيص»، وطالب بضرورة ضبط الأسعار. أما حسين السلامونى – بائع – فقال إن البضاعة لديه تتراوح بين 25 و200 جنيه للحذاء وفقًا للخامة، مشيرًا إلى أن كل الفئات تأتى إليهم فى السوق، وبالتالى يوجد لديه ما يرضى الجميع. ووافقه الرأى صبحى خضير – 50 عامًا أحد الباعة بمنطقة العتبة – والذى أوضح أنه لا يوجد فرق بين المنتجات المعروضة فى الشوارع والمحال، مشيرًا إلى أن بعض أصحاب المحال والباعة الجائلين يذهبون إلى تجار الجملة الذين تأتى إليهم البضاعة، ويقومون بشرائها، متابعًا أن الباعة الجائلين يعرضونها للبيع بسعر أقل، أما أصحاب المحال يبيعونها بأرقام فلكية. والتقط أطراف الحوار سامى عبدالعزيز – بائع – قائلا: ليس معنى أننا نبيع على الأرصفة أن بضاعتنا رديئة الصًنع، أو أنها مستعملة قبل ذلك، مشيرًا إلى أنها نفس البضاعة المعروضة فى المحال الكبرى. وعن المستهلكين، قال «حسن عاشور» – 18 سنة – والذى حضر لوسط القاهرة لشراء حذاء، بأن شراء الأحذية من المحال أفضل لأنه أضمن من ناحية الخامة ونعل الحذاء ونوع الجلد، كما أن ثمنها قد يكون مرتفعاً، لكن شراءها من على الرصيف تكون بخامات رديئة وتتمزق بسرعة، مضيفاً: أغلبها بواقى مصانع وبها عيوب تصنيع، ويقومون ببيعها بسعر رخيص بدلاً من التخلص منها فى القمامة. وقالت « نهى عز - 28سنة - إن بائعى الأرصفة دائما مبيعاتهم مضروبة، وأشارت إلى أن هناك اختلافاً فى بضائع الباعة على الأرصفة ومحال الأحذية، حيث إن معظم خاماتها صينى وعمرها الافتراضى شهر فقط ثم تعود لشراء حذاء مرة أخرى. وأضافت أنها لم تقم ذات مرة بشراء أى حذاء من على الأرصفة، مشيرة إلى أن جميع الأحذية أسعارها دائما مرتفعة، فالأحذية الأطفالى بين 60 و110 جنيهات، والرجالى 220 جنيهاً. ويقول سعد اللمونى - 35 سنة - إن الأحذية والملابس الشعبية لم تنخفض سعرها نهائياً، والأسعار فى المحال مرتفعة، وهو نفس الحال فى المعارض، ويضيف: الأحذية المستوردة الموجودة بالسوق الآن، كلها قديمة ومخزنة والتجار رفعوا أسعارها. من جانبه قال الدكتور خالد الشافعى - الخبير الاقتصادى مؤسس حملة صُنع فى مصر – إن الهدف من الصناعة المصرية هو وجود منتجات تنافس سواء داخليًا وخارجيًا، إضافة إلى سد العجز فى الميزان التجارى الذى يقترب من 40 مليار دولار، ويثقل الموازنة العامة للدولة والخزانة العامة والاحتياطى النقدى التى يتآكل يومًا تلو الآخر، وأن الهدف من صنع فى مصر، تقوية المنتج المصرى وجعله ذا مواصفات قياسية لينال ثقة الكثيرين فى الداخل والخارج. وأضاف: نفتخر جميعًا أن يكون المنتج المصرى على قدر المساواة وله الأفضلية على المستورد، وطالب بتشكيل مجلس أعلى للصناعة، يقوم بوضع المعايير والإشراف على الصناعات الصغيرة والمتوسطة، مضيفًا إلى أنه يجب على الشباب خريجى الجامعات سرعة الاندماج فى سوق العمل، والبحث عن فرص عمل تناسب مؤهلاتهم ومواهبهم، موضحًا أن الأمم لا تقوم إلا بسواعد الشباب، وعددهم يتجاوزال 50% من إجمالى عدد سكان مصر.