تمر علينا هذه الأيام ذكرى رحيل الشاعر العراقى المستنير عبدالوهاب البياتى (1926 - 1999)، وهو الشاعر العراقى الجوال الذى عاش حرا طليقا بين المدينة والقرية العربية والغربية تجليات الشعر والإبداع. فكان سندباد عصره، إذ: «يرتبط تعدد المدن فى شعر البياتي، بتعدد صفاتها، ويتحقق هذا التعدد فى لوازم شعرية تبرز طبيعة الشاعر السندبادية المرتحلة أبدا» فارتحاله جال بفكره وجعله يعيش الحاضر كما يعيش المستقبل ويحضر ليكون الفارس العربى والشاعر الجوال. ولد الشاعر عبد الوهاب البياتى متميزا عن غيره، وهذا ما جعل الشعر بالنسبة إليه ولادة حقيقية وإخلاصا له، يقول: «فلقد جعلت شعرى وسيلتى وغايتى وأخلصت للشعر لا على أنه رسالة إنسانية فقط، بل على أنه رسالة إنسانية فقط، بل على أنه فن صعب أيضا». تخرج بشهادة اللغة العربية وآدابها 1950 م، واشتغل مدرسا من عام 1950-1953م. مارس الصحافة عام 1954م مع مجلة الثقافة الجديدة لكنها أغلقت، وفصل عن وظيفته، واعتقل بسبب مواقفه الوطنية. فسافر إلى سورية ثم بيروت ثم القاهرة. وزار الاتحاد السوفيتى ما بين عامى 1959 و1964 م، واشتغل أستاذاً فى جامعة موسكو، ثم باحثاً علمياً فى معهد شعوب آسيا، وزار معظم أقطار أوروبا الشرقية والغربية. وفى سنة 1963 م أسقطت عنه الجنسية العراقية، ورجع إلى القاهرة 1964 م وأقام فيها إلى عام 1970 م. وفى الفترة (1970-1980م) أقام الشاعر فى إسبانيا, وهذه الفترة يمكن تسميتها المرحلة الإسبانية فى شعره, صار وكأنه أحد الأدباء الأسبان البارزين، إذ أصبح معروفا على مستوى رسمى وشعبى واسع، وترجمت دواوينه إلى الإسبانية، بعد حرب الخليج 1991م توجه إلى الأردن وأقام بعمان فترة من الزمن شارك فيها بعدد من الأمسيات والمؤتمرات ثم سافر إلى بغداد حيث أقام فيها 3 أشهر ثم غادرها إلى دمشق وأقام فيها حتى وفاته عام 1999م. وهو شاعرٌ مؤسسٌ فى حركة شعرنا المعاصر أسهم، منذُ بواكير انطلاقةِ ما يعرف ب (الحداثة الشعرية) اليوم، فى فتح النصّ الشعرى على آفاق أوسع مدًى وأكثر احتواءً لمضامين الفكر والتراث والأسطورة. أصدر عام 1950 ديوانه الأول (ملائكة وشياطين). تَبِعَهُ عام 1954 ب (أباريقَ مهشمة) الذى وسم حضوره الشعرى وفرض اسمه كشاعر متميز، بين الروّاد الأوائل الذين خرجوا على (الشعر العمودي) وكتبوا ما عُرف فيما بعد ب (الشعر الحر). وترك عبد الوهاب البياتى فى حاضرتنا الشعرية ألوانًا منافيه ورموز التُراث والأساطير فاتحًا القصيدة العربية الحديثة على ألوان وأصقاع لم تَعرفها من قبل. تَنقَّل بين موسكو حيث أقام بين عامى 1959 و 1964، وإسبانيا حيث عمل فى المركز الثقافى العراقى فى مدريد فى سنوات الثمانينيات، مُرورًا بالقاهرة والرباط وعمّان والعديد من العواصم العربية، عاد خلالها فترة وجيزة إلى بغداد، ثم استقرَّ فى الأشهر الأخيرة من حياته فى دمشق، ليموت فيها ويُدفن حسب وصيته فى ضريح الشيخ مُحيى الدين بن عربي، وذلك فى 3 آب / أغسطس 1999. يمتاز شعر عبد الوهاب البياتى بنزوعه نحو عالمية معاصرة مُتأنية من حياته الموزعة فى عواصم مُتعددة وعلاقاته الواسعة مع أدباء وشعراء العالم الكبار، مثل الشاعر التركى ناظم حكمت والشاعر الإسبانى رفائيل ألبرتى والشاعر الروسى يفتشنكو، وكذلك بامتزاجه مع التُراث والرموز الصوفية والأسطورية التى شكلت أحد الملامح الأهمّ فى حضوره الشعرى وحداثته. ويستمد البياتى شعره من التراث بكل مكوناته: «وربما يكون أكثر شاعر عربى صلة بالتاريخ والتراث العربى والإنساني، وأعمقهم إحساسا باتجاهات الثورة والتمرد فيه». فالبياتى أبدع شعره انطلاقا من قراءاته المتنوعة والمتعددة، وقد لخصها بنفسه فى مجالات منها: المكتبة الدينية التى كان يمتلكها، الأغانى الشعبية لقريته، استلهامه الثقافات المتنوعة، دراسة التاريخ، قراءة الشعر القديم، إذ تأثر بطرفة وأبى نواس والمعرى والشريف الرضي. من دواوينه وأعماله: ديوان ملائكة وشياطين 1950م.أباريق مهشمة 1955م.المجد للأطفال والزيتون 1956م رسالة إلى ناظم حكمت 1956م. أشعار فى المنفى 1957م.عشرون قصيدة من برلين 1959م.كلمات لا تموت 1960م.طريق الحرية (بالروسية) 1962م.سفر الفقر والثورة.النار والكلمات 1964.الذى يأتى ولا يأتى 1966م.الموت فى الحياة 1968م.تجربتى الشعرية 1968م.عيون الكلاب الميتة 1969م.بكائية إلى شمس حزيران والمرتزقة 1969م.الكتابة على الطين 1970م.يوميات سياسى محترف 1970م. وقد صدر له ديوان عبد الوهاب البياتى الذى ضم دواوينه المذكورة فى 3 أجزاء نشْر دار العودة ببيروت 1972م قصائد حب على بوابات العالم السبع 1971م سيرة ذاتية لسارق النار 1974م.كتاب البحر 1975م.قمر شيراز 1975م.صوت السنوات الضوئية 1979م.بستان عائشة 1989م.كتاب المراثى 1995الحريق 1996خمسون قصيدة حب 1997البحر بعيد أسمعه يتنهد 1998ينابيع الشمس - السيرة الشعرية 1999.