تمر الذكرى العاشرة للشاعر عبد الوهاب البياتي لنتذكر واحد من أهم أعمدة الشعر العربي الحديث، وهو شاعر عراقي ولد عام 1926 ببغداد، مارس العمل الصحفي عام 1954 بمجلة الثقافة الجديدة ولكنها مالبثت أن أغلقت وتم اعتقاله بسبب مواقفه الوطنية، تنقل بين عدد من العواصم العربية كما زار الاتحاد السوفيتي في الفترة ما بين 1959- 1964 وعمل أستاذا بجامعة موسكو ثم باحثاً علمياً في معهد شعوب آسيا، وزار معظم أقطار أوروبا الشرقية والغربية. أسقطت عنه الجنسية العراقية عام 1963 وعاد مرة أخرى للقاهرة وأقام بها حتى عام 1970 م، أعقبها بالسفر إلى أسبانيا ومكث بها عشر سنوات، وقد أثر سفره إلى هناك على شعره حتى أطلق عليها المرحلة الأسبانية في شعره، وترجمت عدد من دواوينه إلى الأسبانية. عقب حرب الخليج 1991م توجه إلى الأردن وأقام بعمان فترة من الزمن شارك فيها بعدد من الأمسيات والمؤتمرات، ثم سافر إلى بغداد ومنها إلى دمشق التي أقام بها أقام بها حتى وفاته عام 1999م. ويكمل البياتي ثالوث الشعر العربي الحديث إلى جانب كل من بدر شاكر السياب ونازك الملائكة، فكان احد المساهمين في تطوير الشعر العربي الحديث خاصة في فترة الخمسينات، ثم انطلق محلقاً في تجربته الشعرية عقب احتكاكه بحركة الشعر العالمي وتأثره بها وسفره لأكثر من دولة، وتعرفه على اللغة الشعرية لشعراء عالميين مثل ناظم حكمت، بابلو نيرودا، أكتافيو باث، ورافائيل ألبرتي وغيرهم من مثقفي اليسار وثوّاره وعلى رأسهم تشي جيفارا، بالإضافة لعلاقته بالروائي جابرييل غارسيا ماركيز حائز نوبل. وقد ارتبط البياتي بالشعر الصوفي من خلال الحلاج وابن الفارض وابن عربي وجلال الدين الرومي وحافظ الشيرازي منذ نعومة أظفاره، وقد اختلفت اللغة الشعرية عند البياتي حيث تمحورت حول الهم الإنساني متحرراً من القيود الرومانسية والذاتية التي خضع لها السياب. قدم البياتي العديد من الأعمال والدواوين الشعرية نذكر منها "ملائكة وشياطين، أباريق مهشمة، المجد للأطفال والزيتون، رسالة إلى ناظم حكمت، أشعار في المنفى 1957م،عشرون قصيدة من برلين، كلمات لا تموت، طريق الحرية، تجربتي الشعرية، بكائية إلى شمس حزيران والمرتزقة 1969م، يوميات سياسي محترف 1970م، سيرة ذاتية لسارق النار، خمسون قصيدة حب، ومن أعماله الإبداعية الأخرى مسرحية محاكمة في نيسابور، ومن مؤلفاته بول اليوار، وأراجون، وتجربتي الشعرية و مدن ورجال ومتاهات وجمعت حواراته في كتاب كنت أشكو إلى الحجر" وغيرها. نقرأ له قصيدة "سارق النار" داروا مع الشمس فانهارت عزائمهم وعاد أولهم ينعي على الثاني وسارق النارِ لم يبرح كعادته يسابق الريح من حان إلى حان ولم تزل لعنةُ الآباء تتبعه وتحجب الأرض عن مصباحه القاني ولم تزل في السجون السود رائحة وفي الملاجئ من تاريخه العاني مشاعل كلما الطافوت أطفأها عادت تضيء على أشلاء إنسان عصر البطولات قد ولى وها أنذا أعود من عالم الموتى بخذلان وحدي احترقت! أنا وحدي! وكم عبرت بي الشموس ولم تحفل بأحزاني إني غفرت لهم إني رثيت لهم! إني تركت لهم يا رب أكفاني! فلتلعب الصدفة العيماء لعبتها فقد بصقت على قيدي وسجاني وما علي إذا عادوا بخيبتهم وعاد أولهم ينعى على الثاني