كتب : محمد القدوس من يقدر علي تحدي أوباما من المتنافسين علي خطف بطاقة الترشيح باسم الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأمريكية؟ الإجابة حتي الآن لا أحد. حسنا، فمن يجرؤ علي شتم مواطنيه المسلمين؟ الإجابة: معظمهم! ثم إنهم لا يفعلون ذلك كرد فعل، بل من باب استعراض العضلات الإعلامي، والانتهازية السياسية! الانتخابات الأمريكية "دخلت في الجد" وهناك سبعة مرشحين علي الأقل يتصارعون للفوز بفرصة خوض السباق نحو البيت الأبيض، ضد الرئيس "باراك أوباما" الذي يدافع عن منصبه، ساعيا للفوز بولاية ثانية، وأخيرة، وفي هذا السبيل فإنه يتفوق علي مجموع منافسيه بفرق واضح، عبرت عنه مجلة "ذي إيكونوميست" البريطانية في عددها الصادر بتاريخ 11 من يونيو الجاري، حيث صورت باراك أوباما عملاقا يضع يده علي خده منتظرا، وهو يراقب "صراع الأقزام" تحت لافتة تقول "الجمهوريون 2012". بينما عبرت مجلة "تايم" الأمريكية في عددها الأخير عن المعني نفسه بعنوان يقول "باراكيتولوجي" أي "الباراكية" أو "الحالة باراك"، والطريف أن المجلة لم تكتب تحت هذا العنوان عن الرئيس "باراك أوباما" بل عن منافسيه الجمهوريين، الذين قالت إنهم يفتقرون إلي "نجم" يضاهي "أوباما" ويواكب "الباراكيتولوجي". وفي الخلاصة قالت المجلة إن هذا النجم لا هو موجود ولا من المرجح ظهوره. حتي "ميت رومني" المنافس القوي للحصول علي بطاقة ترشيح الجمهوري في انتخابات 2008، والحاصل علي أعلي نسبة تأييد بين الجمهوريين في استطلاعات الرأي (24%) ليس جديرا بمنافسة "أوباما" من وجهة نظر المحللين الأمريكيين. صحيح أنه مخضرم، وأنه حاكم جمهوري سبق أن مرر في ولايته قانونا يشبه قانون "أوباما" للرعاية الصحية، لكنه من طائفة "المورمون" التي تعد نفسها من طوائف المسيحية، والتي تراها الطوائف الأخري حتي مواطنيهم البروتستانت مجرد بدعة، وربما "هرطقة". الدين إذا يحكم ذهنية الناخب الأمريكي، ولنتذكر أن هناك 44 رئيسا حكموا أمريكا، بينهم 42 يدينون بالبروتستانتية ديانة الأغلبية واثنان فقط يدينان بالكاثوليكية ثانية الديانات انتشارا هما "جون كيندي" الذي تم اغتياله، و"باراك أوباما" الذي دفع دفعا للتصريح بأنه "ملحد" ليغفر له الناخبون أصوله الكاثوليكية الإسلامية، خصوصا الإسلامية، التي تحولت إلي "تهمة" رددها "جوق" واسع، ولخصتها الناقدة السياسية المحافظة "ديبي شليسال" في مقال كتبته أثناء الانتخابات الرئاسية المنتهية قالت فيه: "إن أوباما مسلم وسيبقي مسلما حتي وإن صرح بأنه كاثوليكي، فهل يريد الأمريكيون رئيسا من هذا النوع في هذه الظروف التي نخوض فيها حربا ضد الإسلام؟". الرؤية العنصرية للإسلام كتهمة، لم تتوقف عند "باراك أوباما" بل امتدت إلي كل مسلم أمريكي، ولم يقتصر توظيفها علي "الدفاع" ومحاولة عرقلة تقدم "أوباما" بل استغلت أيضا في سياق "الهجوم" ومحاولة كسب أرض عبر "استعراض العضلات العنصرية" في مواجهة المسلمين، وهو "تكتيك" يتداوله المرشحون الجمهوريون، بعدما ثبتت جدواه بالنسبة لهم! المرشح "هيرمان كين" مدير شركة لصناعة البيتزا قال إنه لن يرتاح إذا تم تعيين مسلم في إدارته، وإنه يخشي رغبة المسلمين في فرض الشريعة الإسلامية علي النظام القضائي الأمريكي، متعهدا بوضع ضمانات للحيلولة دون ذلك! منها إدخال تعديلات علي الدستور!! مع أن الشريعة لم تطبق أبدا في أمريكا، ولو في حدود زواج المسلمين وطلاقهم! المكاسب التي حققها "بتاع البيتزا" أغرت منافسه "نيوت جنجريتش" بالمزايدة عليه، حيث قال: إنه لن يقبل بتعيين مسلم في إدارته ما لم يتأكد من ولائه للبلاد، مؤكدا أن المسلمين يجب أن يحلفوا قسم الولاء للولايات المتحدة! وهو اتهام صريح يفترض أن الخيانة في المسلمين هي الأصل، اتهام تزداد خطورته حين نعلم أن معظم المسلمين في الولاياتالمتحدة هم أمريكيون بالميلاد لا بالتجنس، وأن "جنجريتش" ليس مجرد سياسي مخضرم (67 عاما) كان أول جمهوري بارز يرشح نفسه للرئاسة المقبلة، لكنه أيضا رئيس مجلس النواب الأمريكي في عهد الرئيس الأسبق بيل كلينتون، يعني قيادة برلمانية.. تاريخية!