شهدت الليلة الختامية لمولد الإمام علي زين العابدين بن الحسين رضي الله عنهما إقبالاً كبيرًا من الصوفية وأتباع الطرق و«الدراويش» المحبين لآل البيت. وانتشرت الخيام في منطقة السيدة زينب والمدبح لتقديم الطعام إضافة إلي خيام الذكر والإنشاد حتي الفجر حيث يتميز مولد الإمام علي بطقوس خاصة مثل وضع «الحنة» علي أيدي السيدات والفتيات المقبلين علي الزواج وتمتلئ مقصورة الضريح بطلبات وصور للعشاق تقدم من الزائرين طمعًا في تحقيق أمنية أو طلب للشفاء وغير ذلك مما رصدته «روزاليوسف». والإمام علي زين العابدين حملته عمته السيدة زينب رضي الله عنها وهو صغير السن بعد موقعة «كربلاء»، وجاءت إلي مصر محبة في أرضها وأهلها. وأكد أحد دراويش المولد أن مصر ستظل بخير ما دام فيها آل البيت لافتًا إلي أن الإخوان والسلفية والوهابية لايجرأون علي الاقتراب من الموالد لأن دماء الصوفية فداء لمحبة الإمام زين العابدين خاصة أن أهل المدبح علي استعداد تام لحمل السواطير دفاعًا عن المقام وقال إن حبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق وفتحي سرور رئيس مجلس الشعب وغيرهما كانوا وراء منع إقامة المولد العام الماضي وهم الآن في السجون. وداخل المسجد تجولت «روزاليوسف» لترصد حلقات الذكر والإنشاد التي استمرت حتي الساعة الثالثة صباحًا كما زين البعض الضريح بالورد والمسك والعطور المختلفة. كما زين المسجد من الخارج بأكثر من 20 ألف لمبة كهربائية كست القبة الخارجية وجميع أركان المسجد ويقف معظم من يدخلون إلي مقام زين العابدين لمدة دقائق لقراءة اشهر قصائد الفرزدق حيث يذكر علماء السيرة والتاريخ عن الإمام علي زين العابدين رضي الله عنه أنه لما حج هشام بن عبدالملك ابن مروان أيام خلافة أبيه وطاف بالبيت العتيق تعذر عليه لمس الحجر الأسود لكثرة الناس لكن الناس تغاضت عنه كأنهم لا يعرفونه رغم أنه كان من أعيان الشام وهو الأمير ابن الأمير. ثم أقبل الإمام علي زين العابدين رضي الله عنه فأفسح الناس له الطريق حبا في عترة رسول الله صلي الله عليه وسلم فتعجب هشام ابن عبدالملك وسأل عن هذا الشاب. فقال: من هذا تهكما منه وإنكارا لفضل عترة رسول الله. فرد الفرزدق الشاعر العربي المعروف قائلاً: أنا أعرفه فنظر هشام إلي الفرزدق نظرة المحتقر. ثم أنشد الفرزدق في الكعبة المشرفة قصيدته الشهيرة المعلقة علي باب المقام فقال: هذا الذي تعرف البطحاء وطأته والبيت يعرفه والحل والحرم هذا ابن خير عباد الله كلهم هذا التقي النقي الطاهر العلم هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله بجده أنبياء الله قد ختموا وليس قولك من هذا بضائره العرب تعرف من أنكرت والعجم كلتا يديه غياث عم نفعهما يستوكفان ولا يعروهما عدم سهل الخليقة لا تخشي بوادره يزينه اثنان حسن الخلق والشيم حمال أثقال أقوام إذا افتدحوا حلو الشمائل تحلو عنده نعم ما قال لا قط إلا في تشهده لولا التشهد كانت لاءه نعم عم البرية بالإحسان فانقشعت عنها الغياهب والإملاق والعدم إذا رأته قريش قال قائلها إلي مكارم هذا ينتهي الكرم يغضي حياء ويغضي من مهابته فما يكلم إلا حين يبتسم بكفه خيزران ريحه عبق من كف أروع في عرينه شمم يكاد يمسكه عرفان راحته ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم الله شرفه قدما وعظمه جري بذاك له في لوحه القلم أي الخلائق ليست في رقابهم لأولية هذا أوله نعم من يشكر الله يشكر أولية ذا فالدين من بيت هذا ناله الأمم ينمي إلي ذروة الدين التي قصرت عنها الأكف وعن إدراكها القدم من جده دان فضل الأنبياء له وفضل أمته دانت له الأمم. ينشق ثوب الدجي عن نور غرته كالشمس تنجاب عن إشراقها الظلم من معشر حبهم دين وبغضهم كفر وقربهم منجي ومعتصم مقدم بعد ذكر الله ذكرهم في كل بدء ومختوم به الكلم إن عد أهل التقي كانوا أئمتهم أو قيل من خير أهل الأرض قيل هم لا يستطيع جواد بعد جودهم ولا يدانيهم قوم وإن كرما هو الغيوث إذا ما أزمة أزمت والأسد أسد الشري والبأس محتدم لا ينقص العسر بسطا من أكفهم سيان ذلك ان أثروا وإن عدموا يستدفع الشر والبلوي بحبهم ويسترب به الإحسان والنعم فلما سمع هشام ابن عبدالملك القصيدة غضب غضبا شديدًا وسجن شاعر العرب الفرزدق لأنه تكلم في فضل عترة رسول الله صلي الله عليه وسلم فلما علم الإمام علي زين العابدين رضي الله عنه أرسل إليه بأربعة آلاف درهم وقيل أرسل مع الدراهم عباءته فرد الفرزدق الدراهم وقبل العباءة. قائلاً: إنما امتدحتك يا ابن رسول الله بما أنت أهله فرد الإمام زين العابدين رضي الله عنه الدراهم إلي الفرزدق قائلاً: خذها وتعاون بها علي دهرك فإننا آل البيت إذا وهبنا شيئًا لا نستعيده. عند ذلك قبل شاعر العرب الفرزدق الدراهم. وأوصي الفرزدق عند موته أن يكفن في عباءة الإمام زين العابدين رضي الله عن أهل بيت رسول الله الطيبين الطاهرين. ورضي الله عن صحابة رسول الله الهداة المهديين.