كان للتنوع الجغرافي في السودان تأثير إيجابي علي التنوع الموسيقي، فلكل قبيلة موسيقاها الخاصة وآلاتها المميزة لها، وهو ما شكل أهم ملامح الموسيقي السودانية، ومن أشهر الآلات الموسيقية بالسودان آلة "الطنبور" الشبيهة ب"السمسمية" في مصر، وأيضا "الطبول" وهي من الآلات المهمة في السودان، من واقع دلالاتها المتعددة نتيجة لارتباطها بالكثير من مناحي الحياة السودانية، فهي تقرع وقت الحروب والحصاد وغيرها. الموسيقي الحديثة بدأت منذ فترة طويلة، ففي أوائل القرن التاسع عشر بدأ تثبيت دعائم الدولة السودانية الحديثة، حيث شهدت هذه المرحلة كتابات باتجاه بلورة الخصائص القومية والهوية والشخصية، ومنها الموسيقي التي تمثلت في الجداريات واللوحات والنقوش التي يظهر فيها الموسيقيون والمغنون وهم يعزفون مع إشارات عديدة للمهرجانات المصاحبة للطقوس والمراسم، والتي تطورت ببطء لتأثرها بالحضارات التي احتلت مصر من فرس وإغريق ورومان، إلي قدوم الثقافة الموسيقية الأوروبية كما أن الأثر العربي الموسيقي العميق تمثل في التصوف الإسلامي الذي اندمج في الإيقاعات الإفريقية والعربية وألحان الصوفية الخماسية في أدائها، وتغيرت الموسيقي فيما بعد بالتوازي مع التحول الذي حدث في مصر نتيجة للارتباط التاريخي بينهما، فنجد أن موسيقي محمد عبدالوهاب في فيلم "الوردة البيضاء" قد أثرت علي الموسيقيين عثمان حسين وإبراهيم الكاشف اللذين كان لهما الأثر في تطوير الموسيقي الشعبية والكلاسيكية السودانية إلي الحديثة. تأثرت الموسيقي السودانية سلبا بالسلطة الدينية، خاصة بعد حادثة "العجكو" 1968 بجامعة الخرطوم العالمية حين قام طلاب الاتجاه الاسلامي بقيادة الطالب "عبد الرحيم علي"، بمهاجمة مسرح الجامعة الذي تعرض عليه أغنية ورقصة العجكو الفلكلورية من غرب السودان باعتبارها فسادا، وصاح بكلمته الشهيرة وهو يقذف بالكرسي علي المسرح: "أوقفوا هذا العبث"، واستمر هذا التاريخ حتي وصل الي إغلاق معهد الموسيقي والمسرح بعد وصول الاسلاميين للسلطة عام 1989 لمدة اربع سنوات ومنع اذاعة الاغاني التي تتغزل في العيون !.. وأصبح هناك انفصال بين الموسيقي والواقع الاجتماعي نتيجة للمفهوم الشمولي الديني، فالسودان حاليا بمعزل عن الحالة الموسيقية. من الموسيقيين السودانيين الذي قدم إلي مصر منذ ثلاث سنوات، نتيجة تعرض أعماله الموسيقية للحظر من قبل المصنفات الفنية، أباذر عبد الباقي العضو السابق بمجموعة "عقد الجلاء" الغنائية حتي عام 2005، وعمل كفنان منفرد منذ ذلك التاريخ، وشارك في تأسيس شبكة "موسيقيون لأجل الديمقراطية"، واستطاع خلال الثلاث سنوات التواصل مع الفنانين المصريين من خلال حفلات ببعض المراكز الثقافية بمصر، وإن كان ظل بعيدا علي المستوي الإعلامي ومن المؤسسة الثقافية والفنية الرسمية. ويتبني عبد الباقي مشروعا موسيقيا عبارة عن موسيقي "أفروعربية" مزيج من الموسيقي السودانية والإفريقية وما يناسب مزاج المستمع المصري، كما أهدي الشعب المصري وشباب ثورة 25 يناير أغنية خاصة باسم "الورد اللي فتح في جناين مصر"، قام بتلحينها وغنائها في ميدان التحرير وفي تجمعات الشباب المصري والسوداني بالقاهرة وفاءً لشهداء الثورة.