«يا عرقسوس شفا وخمير» هذا هو النداء الذى اعتاد بائع العرقسوس أن يردده ليجذب زبائنه مرتديًا زيه الشهير حاملا معه الإبريق الزجاجى أو النحاسى كبير الحجم الذى صنع خصيصا ليحافظ على برودة العرقسوس طوال اليوم، بينما يمسك بيده اليمنى صاجين من النحاس يصدران صوتا مميزا، هذه هى الصورة التقليدية لبائع العرقسوس الذى يزدهر نشاطه فى رمضان لمواجهة المشروبات الغازية. إلا أن هذا البائع بزيه التقليدى لم يعد فقط موجودا بالشوارع والأماكن الشعبية لكنه أصبح بمثابة موضة جديدة حيث تستعين به أغلب الفنادق الخمس نجوم والخيام الرمضانية ويلقى قبولا من روادها لما له من طابع مميز. ويعتبر مشروب العرقسوس من المشروبات الرمضانية الشهيرة التى لا تكاد تفارق أى مائدة رمضانية، وعن أصل العرقسوس وسر ارتباطه بالمائدة الرمضانية يحدثنا د.صلاح الراوى أستاذ الأدب الشعبى بأكاديمية الفنون قائلا: «تعود معرفة المصريين بنبات العرقسوس إلى مصر القديمة، حيث عرفه الفراعنة كعنصر مقوٍ لمناعة الجسم، فكانوا يعدون العصير من جذوره ويطحنونها ويضيفونها إلى الأدوية لإخفاء طعم المرارة منها علاوة على قدرتها على علاج أمراض الكبد والأمعاء، كما أن بذوره وجدت فى مقبرة توت عنخ آمون». يكمل قائلا: «كالطريف أن الاسم الأصلى لهذا المشروب هو «السوس» الذى مازال يطلق عليه فى دول المغرب العربى، كما أنه عرف فى مصر والشام فى توقيت متقارب ثم انتقل منها إلى تركيا وبلاد المغرب العربى. أما عن فوائد مشروب العرقسوس فتحدثنا د.عفاف عزت عباس أستاذ التغذية بالمركز القومى للبحوث قائلة: «عرف مشروب العرقسوس منذ زمن طويل حيث ورد وصفه فى كثير من المراجع القديمة، وقد أثبتت الدراسات فاعلية هذا النبات وقيمته العلاجية للكثير من الأمراض، فهو فعال فى علاج حالات قرحة المعدة كما أنه يحتوى على مادة الجلسرين التى تساعد على التئام قرحة المعدة والأمعاء». لكنها تحذر من استخدامه من قبل الأشخاص المصابين بارتفاع فى ضغط الدم وتشير إلى إمكانية استخدامه لعلاج الصدفية من خلال خلط مسحوق العرقسوس الناعم مع الفازلين ودهن المناطق المصابة، كما تؤكد د.عفاف أن نقع العرقسوس وغليه بالطريقة التقليدية أكثر نفعا ويحافظ على فوائده وهو أفضل من المشروب الجاهز سريع التحضير فى شكل بودرة.