لم يطلق عليها الناس عفويا لقب «أم المصريين» وانما بعد احساس منهم بهذا المعنى فهى السيدة القوية فى العمل الخيرى الحنونة على الناس، تشعر بأوجاعهم وتعمل على مساعدتهم وتتحرك لتقربهم الى الله وتلامس مشاعرهم وهمومهم اليومية من خلال برامجها ومؤتمراتها وعملها العام الذى استمر أكثر من 30 عاما بلغة لا تعرف الا الوحدة وقبول الآخر والعمل المشترك من أجل مصلحة مصر انها الأستاذة الدكتورة عبلة الكحلاوى العميدة السابقة بجامعة الأزهر والداعية الشهيرة. أخذت ماما عبلة «كما يحب أن يناديها أحبابها» على عاتقها دق نواقيس الخطر فى المجتمع المصرى والتنبيه إلى مواطن الخطورة من أطفال الشوارع والأمية والعشوائيات وغيرها فمزجت الدين بالواقع وتحركت من منطلق انه لا يجب أن ينفصل المفكر وعالم الدين عن مجتمعه. د.عبلة التى تشعر فى صوتها بهموم الوطن وتلامس قلبك بصدق كلامها أكدت فى حوارها ل«روزاليوسف» أنه لا حل الا التوافق والرجوع إلى نهج النبى وصحابته فى هذا الشهر الكريم وتأكيده على حرمة الدم كما اجابت الداعية الشهيرة على عدد من الأسئلة الشائكة حول ما يحدث فى مصر والموقف من الجماعات المتشددة وما يحدث فى سيناء وإلى نص الحوار. ■ كيف ترى «أم المصريين» الوضع الحالى فى مصر؟ والله يا ابنى أشعر مع كل قطرة دم بحزن شديد ويجب أن يعلم الجميع أن مصر أكبر من الجميع الأمر يحتاج منا جميعا ان نبتهل إلى الله ان يرأب الصدع ونجتمع على كلمة سواء وان لا يكون الخاسر الأكبر مكانة العقيدة فى قلوب الناس والدم المصرى الطاهر. ■ متفائلة بمستقبل مصر؟ أنا على يقين بأن الله لن يضيعنا ان كنا نؤمن بالله خاصة اننا أصحاب رسالة تعلم العالم ان الإسلام دين الوسطية وأنا أراهن على المصرى الذى يرفض الدم ويقدم مصر على مصالحه الشخصية الضيقة . ■ هل ما يحدث يؤثر على صورة الإسلام فى الخارج؟ بانفعال شديد تقول بالطبع وهذا مايريدونه تشويه الاسلام باعتباره دينًا دمويًا والاحرى بنا ان نعود إلى إسلامنا الواحد الذى نشهد أن لا اله الا الله نمزج بين الأمس واليوم ونأخذ من موروثنا ما نستفيد به فى وقتنا المعاصر ولحظة الآن المتحركة التى تقود موقفنا الحالى وهو ما يحتاج معرفة فقه الفتن واخشى ان نكون فى الزمن الذى تنبأ فيه النبى «صلى الله عليه وسلم» انها ستكون فتن كَقِطَعِ الّليْلِ المُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرّجُلُ مُؤْمِناً ويُمْسِي كَافِراً، ويُمْسِي مُؤْمِناً ويُصْبِحُ كَافِراً، يَبِيعُ أَحَدُهُمْ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدّنْيَا» ■ استخدام دور العبادة فى الصراعات السياسية؟ أشعر بالحزن مما يحدث من اشتباكات داخل المساجد وأقول للجميع ان لم ترعوا حرمة وقدسية المسجد فبيوتكم أولى بكم، ولا يجب ان يتخذ الإمام من منبر رسول الله مكانًا لفرض رأيه على المصلين فالمساجد تجمع ولا تفرق وتبنى ولا تهدم. ■ ما رأيك فى الفتاوى التى تخرج عن البعض، والتى تُحدث الكثير من البلبلة، وسط ما نعانى منه اليوم من فتاوى متضاربة؟ - نحن اليوم نعيش ما يمكن أن نطلق عليها فوضى فى الخطاب الدينى، وقد أحدثها بعض الأشخاص الذين لا يعبرون إلا عن أنفسهم، ولم يفهموا النصوص كما ينبغى. وفى هذا الوقت الذى اعتبره زمن فتنة يجب أن تكون هناك إدارة حازمة وقوية لتوحيد جهة الفتوى حتى لايهان الدين باسم الدين وحتى لايفتن الناس فى دينهم ولدينا الأزهر ودار الإفتاء وعلماؤهم الذين قادوا العالم وظلوا منبر الوسطية على مدى التاريخ وأصبح لزاما عليهم الآن ان يستعيدوا لياقتهم. فالفتوى أمانة لا يقوم بها إلا من عرف حقها وتعلم علمها..... وأقول للناس لا تأخذوا الفتوى إلا من العلماء الثقات. وحضرة النبى «صلى الله عليه وسلم» يقول «حدثوا الناس بما يعرفون أتحبون أن يكذب الله ورسوله». ■ هل من الممكن أن يؤسس المفتى فى أى دولة فتواه على ضوء اعتبارات سياسية خدمة لهذا الاتجاه أو ذاك؟ هذا حرام ولا يجوز واستهانة بالفتوى لابد ان يعلى المصلحة العامة والاحكام تدور مع المصالح وجودا وعدما - المفتى يؤسس فتواه وفقًا للشرع ومصالح الناس. ■ هل هناك صفات خاصة ينبغى أن تتوافر فى الفقيه أو من يتولى الإفتاء؟ لابد ان يكون لديه العلم الشرعى بالاضافة الى فقه الواقع وما يحدث على الساحة العالمية من تداعيات الاحداث التى تلقى بظلالها على كل شىء فعلى الفقيه ان يكون لديه دراية بذلك وايضا فقه البصيرة لكى يعرف فى زمن الفتنة مايقال ومالايقال فليس كل مايعرف يقال وليس كل مايقال جاء أوانه وليس كل ماجاء أوانه حضر رجاله، فالفقيه شخص عالم فى الفقه والأصول، ماهر فى الصنعة. ■ هل الخطاب الدينى المضطرب يؤثر فى الأحداث التى تمر بها الأمة الإسلامية؟ الخطاب الدينى الذى يحدث الفتنة لابد ان يواجه بحزم لأن تبعاته لايحمد عقباه ويجب ان يكون هناك خطاب دينى يتسم بالوسطية لابراز سماحة وحقيقة هذا الدين. ■ كيف نستغل ماتبقى من الشهر الكريم افضل استغلال؟ أقول لاحبابى إن رمضان «أوكازيون الطاعات»، إذ إن كل عمل فيه مضاعف من صلاة وتراويح وقيام الليل الذى يشعرك بقربك بربك، وهو ما يجب ان نتوقف عنده كثيرا لأن الله يقول:{إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً}. ومن واجبنا ان ندرك ان أيام الشهر الكريم تسرق منا ونستنفذ فكرنا وطاقتنا فى متابعة الاحداث الدامية وتركنا فضيلة التفكر والتدبر الى التدبير والتخطيط من أجل مزيد من الدماء وكلها تمزق أوصال مصر الأم أرجوكم ارحموا الكبار الذين يتساقطون منا الآن وارحموا المرضى. وأهم شىء الآن يجب ان نكرس أنفسنا للعبادة والاعتكاف والخلوة مع الله وتذكروا «عليكم أنفسكم لايضركم من ضل إذا اهتديتم ، أرجوكم خاصموا الخلافات السياسية. ■ حاجة المجتمع إلى العمل الخيرى والأهلى والتطوعى؟ تتأكد اليوم حاجة المجتمع للعمل الخيرى فالدول بمؤسساتها وحدها لا تكفى لسد هذه الفجوة التى اتسعت مؤخرا بشكل يدعو للقلق فقد ازداد تعداد الفقراء إلى أكثر من 50% وفقا لبعض الاحصائيات ونسبة الامية 26% وفقا للاحصائيات الرسمية و40% وفقا لاحصائيات أخرى وهذا نذير بانفجار قنبلة لا ندرى ابعادها ناهيك عن المرض الذى تفشى فى المجتمع. إذن لابد من المشاركة الفعلية وأن تمتد اليد الخيرية لرفع المعاناة عن مصر فالحكومات لن تستطع ان تقف أمام هذا البركان المتصاعد. ■ هل البرامج الرمضانية للداعية عبلة الكحلاوى تؤثر على العمل الخيرى بجمعية الباقيات الصالحات؟ برامجى اعتبرها كلمة خير وتذكير بنعم الله على العبد فى هذا الشهر الكريم ولكن كل هذا لا يؤثر على عمل الجمعية فقد ارسالنا قوافل جمعية الباقيات الصالحات الى الصعيد ونخرج شنط رمضان مثل كل عام وايضا نجهز مئات الوجبات يوميا لافطار الصائمين والدعم الشهرى للأسر الفقيرة والاعانات الدراسية وحملات محو الأمية وغيره من النشاطات تعمل كما هى لا يوجد أى تاثير وجار التجهيز فى مجمع الباقيات الذى يضم دار أمى وأبى لمرضى الزهايمر ودار ضنايا لاستضافة أطفال مرضى السرطان ودار المصطفى لاستقبال المطلقات والأرامل وايضا بنك الحرف بالإضافة لمعهد ال ياسين للنشاط الثقافى ومركز الوسطية. وجار أيضا العمل فى مستشفى الصالحات وهى من سبعة طوابق وبها 3 وحدات غسيل بالاضافة لقسم لمرضى الزهايمر. ■ متى ينتهى العمل من هذه المشاريع؟ والله العمل جار وأنا بطلب من حبايبى وكل المحبين لهذا البلد انه يأتوا لزيارة المرضى عندنا فى الباقيات الصالحات للتخفيف عنهم ■ لو اردت ارسال رسائل إلى المجتمع المصرى فماذا تقولين؟ تتنهد ثم تقول: رسالة الى الشباب: لاتغركم الدنيا فانها مزرعة الآخرة وعليكم بصدق النية واخلاص الطوية بان تكون دعوتكم دعوة توافق لا انفصال وعودوا إلى ما كنتم إليه فى ميدان التحرير صفا واحدا مدوا ايديكم الى اخوانكم المسالمين لتذهلوا العالم . رسالة الإعلام.. أرجوكم ضعوا مصر أمام اعينكم وليكن لدينا فكرا موحدا يتوافق مع المجتمع. وأرجو من الإعلام الالتزام بالحرفية المهنية والأخلاقيات الحاكمة للعمل الإعلامى والالتزام بضوابط المسئولية الاجتماعية.