رئيس جامعة أسيوط يفتتح المعرض والحفل السنوي للأقسام العلمية بكلية التربية النوعية    البنوك تحقق أرباحا بقيمة 152.7 مليار جنيه خلال 3 أشهر    في أول هجوم نهارا.. إسرائيل تعلن إطلاق إيران صواريخ نحوها وتفعيل حالة التأهب في عدة مناطق    كريم رمزي: مروان عطية نجح في ايقاف خطورة ميسي    توقعات بتأثيرات سلبية على سلاسل الإمداد العالمية بسبب الضربات الإسرائيلية الإيرانية    محافظ المنيا عن امتحانات الثانوية العامة: اليوم الأول مر بلا شكاوى    دينا نبيل عثمان رئيسًا لقناة النيل الدولية Nile TV    لطيفة تؤجل طرح ألبومها الجديد بسبب وفاة شقيقها: الله يرحمك يا روحي    دعاء دخول امتحان الثانوية العامة لراحة القلب وتيسير الإجابة    تجديد تعيين جيهان رمضان مديرا عاما للحسابات والموازنة بجامعة بنها    صحيفة أحوال المعلم 2025 برابط مباشر مع الخطوات    إيران تنفي إرسال أيّ طلب إلى قبرص لنقل «رسائل» إلى إسرائيل    تأجيل نهائي كأس أمير الكويت لأجل غير مسمى بسبب أحداث المنطقة    محافظ الشرقية يستقبل أسقف ميت غمر ودقادوس وبلاد الشرقية والوفد الكنسي المرافق    المصرف المتحد الأفضل للحلول الاستثمارية في مصر خلال 2025    إحالة أوراق المتهم بخطف طفل وقتله لسرقة دراجته في الشرقية إلى المفتي    ضبط 4 أطنان سلع مجهولة المصدر في حملة تموينية مكبرة بمركز ومدينة بسيون    مدبولى: مخطط طرح أول المطارات المصرية للإدارة والتشغيل قبل نهاية العام الجاري    رئيس مجلس الدولة يفتتح فرع توثيق مجمع المحاكم بالأقصر    ما يقرب من 2 مليون.. تعرف على إجمالي إيرادات فيلم "المشروع X"    احذر عند التعامل معهم.. أكثر 3 أبراج غضبًا    تصعيد خطير بين إيران وإسرائيل.. دمار واسع ومخاوف من موجة هجمات جديدة    فيلم "شرق 12" يشارك في الدورة الثامنة من أيام القاهرة السينمائية    مكتبة الإسكندرية تطلق أحدث جوائزها للمبدعين الشباب    استمرار أعمال توريد القمح بتوريد 508 آلاف طن قمح منذ بدء موسم 2025 بالمنيا    لطلبة الثانوية العامة.. تناول الأسماك على الغداء والبيض فى الفطار    طب قصر العيني تُحقق انجازًا في الكشف المبكر عن مضاعفات فقر الدم المنجلي لدى الأطفال    قوافل الأحوال المدنية تواصل تقديم خدماتها للمواطنين بالمحافظات    في عيد ميلاده ال33.. محمد صلاح يخلد اسمه في سجلات المجد    بالأرقام.. كل ما قدمه أحمد زيزو في أول ظهور رسمي له بقميص الأهلي في مونديال الأندية    ماشى بميزان فى سيارته.. محافظ الدقهلية يستوقف سيارة أنابيب للتأكد من الوزن    قرارات إزالة لمخالفات بناء وتعديات بالقاهرة وبورسعيد والساحل الشمالي    شكوك حول مشاركة محمد فضل شاكر بحفل ختام مهرجان موازين.. أواخر يونيو    "لا للملوك": شعار الاحتجاجات الرافضة لترامب بالتزامن مع احتفال ذكرى تأسيس الجيش الأمريكي    النواب يحذر من تنظيم مسيرات أو التوجه للمناطق الحدودية المصرية دون التنسيق المسبق    حزب العدل والمساواة يعقد اجتماعًا لاستطلاع الآراء بشأن الترشح الفردي لمجلس الشيوخ    يسري جبر يوضح تفسير الرؤيا في تعذيب العصاة    "برغوث بلا أنياب".. ميسي يفشل في فك عقدة الأهلي.. ما القصة؟    حسين لبيب يعود إلى نادي الزمالك لأول مرة بعد الوعكة الصحية    جامعة القاهرة تنظم أول ورشة عمل لمنسقي الذكاء الاصطناعى بكليات الجامعة ومعاهدها    محافظ أسيوط: استمرار حملات تطهير الترع لضمان وصول المياه إلى نهاياتها    محافظ أسيوط يشهد فعاليات اليوم العلمي الأول للتوعية بمرض الديمنشيا    «خلافات أسرية».. «الداخلية» تكشف ملابسات مشاجرة بالأسلحة البيضاء في البحيرة    انقلاب ميكروباص يقل 14 من مراقبي الثانوية العامة وإصابة 7 بسوهاج    البابا تواضروس يترأس قداس الأحد الثاني من بؤونة بكنيسة العذراء والشهيدة مارينا بالعلمين (صور)    دراسة: لقاح كوفيد يحمى من تلف الكلى الشديد    الأردن يعلن إعادة فتح مجاله الجوي بعد إجراء تقييم للمخاطر    أخر موعد للتقديم لرياض الأطفال بمحافظة القاهرة.. تفاصيل    التعليم العالى: المؤتمر ال17 لمعهد البحوث الطبية يناقش أحدث القضايا لدعم صحة المجتمع    توافد طلاب الدقهلية لدخول اللجان وانطلاق ماراثون الثانوية العامة.. فيديو    تعرض مقر وزارة الدفاع الإيرانية في طهران لهجوم إسرائيلي    متى تبدأ السنة الهجرية؟ هذا موعد أول أيام شهر محرم 1447 هجريًا    الغارات الإسرائيلية على طهران تستهدف مستودعا للنفط    أصل التقويم الهجري.. لماذا بدأ من الهجرة النبوية؟    لافتة أبو تريكة تظهر في مدرجات ملعب مباراة الأهلي وإنتر ميامي (صورة)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 15-6-2025 في محافظة قنا    هاني رمزي: خبرات لاعبي الأهلي كلمة السر أمام إنتر ميامي    موعد مباراة الأهلي وإنتر ميامي والقنوات الناقلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فوضي الفتاوي.. من يوقفها ؟!
نشر في الأهرام اليومي يوم 22 - 03 - 2013

اختلط الحابل بالنابل في ساحة الفتوي, وكثر المفتون في الفضائيات ووسائل الإعلام. ولم تعد البرامج الدينية والتوك شو وقفا علي الحديث في أمور السياسة والعبادات والأخلاق.
فتجلت ظاهرة الفتاوي العشوائية.
وتصدي الكثير من أهل العلم ممن تتوافر فيهم شروط الفتوي-وغيرهم من الدخلاء إلي- للقضايا الكبري والفتاوي المصيرية التي يناط بيان الرأي الفقهي فيها بمجمع البحوث الإسلامية ودار الإفتاء والمجامع الفقهية المماثلة.
هنا ظهرت الصراعات الحزبية والمذهبية التي تفرق الناس وتشرذمهم ولا تجمعهم. لم يقف الأمر عند ذلك فقد دأب الكثير من الفقهاء علي التقليب بين ثنايا كتب الفقه القديمة, واستخرجوا آراء فقهية شاذة أثارت البلبلة لدي الرأي العام والتي كان آخرها إباحة شرب المسكرات كما جاء في مذهب الأحناف, متذرعين بتتبع رخص المذاهب الفقهية الأربعة تيسيرا علي الناس.
وجاء تحذير الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب, شيخ الأزهر, من واقع الفتوي وبيان خطرها في الدين, ليؤكد حاجتنا الماسة إلي ضبط فوضي الفتاوي التي تطلقها الفضائيات ووسائل الإعلام.
ضوابط وآداب الفتوي
أوضح شيخ الأزهر, أن علماء الأمة وضعوا للفتوي ضوابط وقواعد وآدابا, وأوجبوا علي المفتين مراعاتها عند القيام بالنظر في النوازل والمستجدات, رعاية لمقام الفتوي العالي من الشريعة, وإحاطة له بسياج الحماية من عبث الجهلة والأدعياء. وأن هناك فرقا كبيرا بين فقه التيسير في الشريعة, المبني علي اليسر ورفع الحرج, والمنضبط بضوابط المعقول والمنقول, وبين منهج المبالغة والغلو في التساهل والتيسير واتباع الرخص وشواذ الآراء فلا ينبغي للمفتي تحت ضغط الواقع أن يضحي بالثوابت والمسلمات, أو يتنازل عن الأصول والقطعيات بالتماس التخريجات والتأويلات التي لا تشهد لها أصول الشريعة ومقاصدها.
كما أشار الطيب, إلي أن الرخص الشرعية الثابتة بالقرآن والسنة لا بأس بالعمل بها لقول النبي, صلي الله عليه وسلم, في الحديث الصحيح: إن الله يحب أن تؤتي رخصه كما يحب أن تؤتي عزائمه. ولكن فضيلته يؤكد أن تتبع رخص المذاهب واعتماد الفتاوي الشاذة منهج خاطئ, ولا يصح الترويج للأقوال الضعيفة, والشاذة, والمرجوحة, والمبثوثة في كتب التراث, وطرحها علي الجمهور, لأنه تنكب لمنهج أهل السنة والجماعة الذين أجمعوا علي ترك العمل بالأقوال الشاذة.
وحول الفتوي المنسوبة للأحناف في مسألة المسكر, قال فضيلة شيخ الأزهر إن الفتوي في مذهب السادة الأحناف علي مر العصور هي اتفاق علماء الأمة وإجماعهم علي العمل بالحديث الصحيح: ما أسكر كثيره فقليله حرام, والقول الراجح عند السادة الحنفية موافق لجمهور الأمة, وقد تقرر, كما هو معلوم عند أهل العلم, في مذهب السادة الحنفية أن اتباع المرجوح لا يجوز في الفتوي أو القضاء أو العمل.
توحيد جهة الفتوي
وإذا كانت دار الإفتاء هي المنوط بها بيان الحكم الشرعي,في كل ما يستجد في حياة الناس, فان الدكتور إبراهيم نجم, مستشار مفتي الجمهورية, يؤكد أن دار الإفتاء منذ إنشائها وهي تعني بإصدار الأحكام والفتاوي الشرعية بمنهجية علمية منضبطة, تراعي الواقع والمصالح والمآلات والمقاصد الشرعية. وحول إشكالية فوضي الفتاوي وسبل علاجها, يري أن فوضي الفتاوي تحدث عندما يتصدر غير المتخصصين لإصدار الفتاوي. وشدد مستشار مفتي الجمهورية علي أن هناك ضرورة ملحة الآن لتوحيد جهة الفتوي حتي يتم القضاء علي من يتاجرون بالفتاوي ويفتون بكل ما يحلو لهم في الفضائيات, مؤكدا أن الأزهر الشريف هو المرجعية الرئيسية للشأن الإسلامي في مصر.
وطالب بوضع ميثاق شرف للفتوي لمواجهة فوضي الفتاوي, والتي تصدر من غير المتخصصين في مجال الإفتاء وتشوه صورة الإسلام والمسلمين في العالم. كما طالب وسائل الإعلام بأن تتحمل مسئوليتها الأخلاقية للحد من ظاهرة فوضي الفتاوي, مبديا استعداد الدار للتعاون مع جميع وسائل الإعلام لتحقيق هذا الأمر. كما أعلن عن إستراتيجية جديدة لدار الإفتاء في الفترة المقبلة للحد من العشوائية في إصدار الفتاوي, وأن تكون أكثر قربا من هموم المواطن العادي في الفترة المقبلة.
التزام منهج الوسطية
وإذا كانت المؤسسات الدينية تحذر من الانسياق وراء الآراء الشاذة والغريبة التي حفلت بها كتب التراث والفقه الإسلامي القديمة, فان علماء الدين يطالبون جميع من تتوافر فيهم شروط الفتوي ويتصدون لتلك المهمة الجليلة بالتزام منهج الوسطية ويقول الدكتور محمد السعدي مدرس البلاغة والنقد بجامعة الأزهر, إنه يجب علي الفقهاء ومن يتصدون للفتوي, التزام منهج الوسطية التي توازن بين الثوابت والمتغيرات, فلا إفراط ولا تفريط, فالناس في حاجة إلي تبني منهج التيسير والاعتدال في الفتاوي, فالمفتي الحق هو من وسع علي الناس ما ضاق عليهم دون مساس بالثوابت, وهناك كلمة لسيدنا علي بن أبي طالب, رضي الله عنه, يقول فيها:( ألا أخبركم بالفقيه كل الفقيه؟ من لم ييئس الناس من رحمة الله, ولم يرخص لهم في معاصي الله, ألا لا خير في علم لا فقه فيه, ولا خير في فقه لا ورع فيه, ولا قراءة لا تدبر فيها), ويجب علي من يتصدي للفتوي ألا يقحم ثوابت الدين في خضم الاختلافات الحزبية, والصراعات المذهبية التي تفرق الناس وتشرذمهم ولا تجمعهم, والاتحاد في ديننا واجب, فمن واجب من يتصدون للفتوي السعي الجاد ماديا ومعنويا لتحقيق الوحدة, التي هي فريضة شرعية, وضرورة ملحة لقوة أمتنا.
كما يجب علي المفتي الجديد ومن يتصدون للفتوي الاطلاع علي المستجدات في جميع النواحي سواء السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية, ودراسة النوازل الفقهية واستنباط الحكم الشرعي المناسب لها عن طريق المواءمة بين فقه الدين وفقه الحياة وبيان الحكم الشرعي للناس سواء سئلت عنه أولم تسأل عنه, لأن المفتي كما قال سادتنا من أهل العلم قائم مقام النبي صلي الله عليه وسلم, فهو نائب عن النبي في تبليغ أحكام شريعته لأتباع ديانته, وأن العلماء هم ورثة الأنبياء, وأنهم يبلغون الحق ولا يخشون فيه لومة لائم, قال تعالي:, الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله وكفي بالله حسيبا], الأحزاب:39].
ويقول د. جمال المراكبي عضو مجلس إدارة جماعة أنصار السنة المحمدية والرئيس العام السابق لها: إن التصدي للقضايا المثيرة للجدل ليس دور دار الإفتاء, وإنما دور مجمع البحوث الإسلامية, وهيئة كبار العلماء, موضحا أن دار الإفتاء عليها أن تهتم بإصدار الفتاوي الخاصة بالمواطن البسيط في وقائع حياته, وهذا دور تشاركها فيه لجان الفتوي بالأزهر أو بالجمعيات الدعوية مثل أنصار السنة أو الجمعية الشرعية والدعاة والعلماء بصفة عامة, وأن إعطاء الفتوي المناسبة للفرد دور مهم لا يصح التقليل من أهميته; لأنه يمس مصلحة المواطن, خاصة أمور الزواج والطلاق وغيرها, والمهمة الثانية لدار الإفتاء مهمة قضائية تتعلق بأحكام الإعدام, والمهمة الثالثة هي الإعلان عن دخول وخروج الشهر الهجري, وهو ما نأمل في أن تسهم دار الإفتاء من خلاله في العمل من أجل وحدة الأمة وليس تفريقها, كما يحدث في كثير من الأحيان خاصة عند دخول شهر رمضان, وهذه المهام ملقاة علي عاتق دار الإفتاء, ولا ينبغي أن تشغل نفسها بالقضايا السياسية, مشيدا بوجود مفت منتخب دون قرار سيادي. وأن هذا يجعل المواطن البسيط يشعر أن دار الإفتاء مؤسسة متجردة وليست صاحبة هوي, ولا ينتصر فيها لرأي سياسي أو فقهي أو مذهبي.
أما الدكتور عبد المجيد محمد السوسوه, أستاذ أصول الفقه المشارك بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة الشارقة, فيري أن التيسير في الفتوي لايعني الإتيان بشرع جديد, أو إسقاط ما فرض الله, وإنما المقصود بالتيسير الوسطية في الفتوي, وتقديم الأيسر علي الأحوط, والتيسير فيما تعم به البلوي, ومراعاة الرخص, والتحري, وعدم التوسع في تكليف الناس بالأحكام بدون دليل صريح يقضي بذلك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.