ورث الرئيس السادات عادات رمضانية عن والده، الذى كان يتناول طعام الإفطار فى رمضان مع جميع أفراد العائلة فى جو عائلي.. ثم يُصلى المغرب فى البيت جماعة، وبعدها يخرج لصلاة العشاء والتراويح فى مسجد القرية مع الأهل والأقرباء.. وكان يداوم على صلة الأرحام.. والتواصل مع أقاربه، حتى آخر لحظة فى حياته.. لم يمنعه التحاقه بالكلية الحربية، ولا مشاركته فى الثورة، من زيارة قريته فى رمضان فكان دائم الزيارة لقريته ميت أبوالكوم حتى وهو رئيس للبلاد. وكان الرئيس السادات طوال عمره معتدلاً فى أكله سواء فى رمضان أو فى غيره.. وكان يعتمد على الطعام المسلوق المبسط مع قليل من الأصناف. وكان يقضى معظم نهاره وليله فى رمضان فى تلاوة القرآن من مصحفه المفضل. وكان يتلو بصوت رخيم جميل رصين.. وكان الرئيس السادات يحب لدرجة العشق صوت الشيخ سيد النقشبندى المنشد الدينى المعروف، وكان يستدعيه لينشد له فى ميت أبوالكوم مساء فى ليال رمضان، وكان السادات يتجاوب ويتمايل طرباً، من صوت النقشبندى، حتى إنه عندما عَلِمَ بوفاة النقشبندى اتصل بأسرته ليعزيها وتكفل بكل مصاريف الجنازة ومتطلبات أسرته. وكان جليس السادات على الدوام شيخه عبدالحميد عيسى الذى كان يحفظ القرآن على يديه، ويذكر له أنه كان يضربه على يديه وقدميه عندما كان يقصر فى الحفظ.. وكان السادات وهو رئيس يجلس مع شيخه ويتناول طعام الإفطار معه، ويطول الحديث بينهما حول ذكرياتهما.. وكان الرئيس يؤدى صلاة الجمعة بمسجد القرية، وبعد الصلاة يقف على باب المسجد ليصافح المصلين فرداً فرداً.. وكان يستمع لمشكلاتهم، ويلبى فى الحال طلباتهم بحب وسماحة.. وكان السادات فى زياراته لقريته يرتدى جلبابه الفضفاض وعباءته ويمسك بعصاه الشهيرة فى يده. .وعندما علم السادات بوفاة شيخه عبدالحميد عيسي، كان فى اجتماع مع الرئيس جيسكار ديستان رئيس فرنسا فى مباحثات سياسية بقصر عابدين، فاعتذر له وحضر إلى ميت أبوالكوم فى طائرة هليكوبتر وبصحبته رئيس الوزراء والوزراء وصلى على شيخه واشترك فى الجنازة التى تكفل بكل مصاريفها وتوابعها. وكان الرئيس السادات فى كل عام فى رمضان يقيم مأدبة إفطار جماعية كبيرة فى استراحة الرئاسة بالمعمورة فى الاسكندرية، وكان يدعو لها لفيف من القيادات السياسية والشعبية، وبعد تناول الإفطار يظل الرئيس يتنقل بين المدعوين ويجالسهم ويتسامر معهم ببساطة ومحبة.. وفى ليلة القدر كل عام كان يقيم مأدبة إفطار شاملة لإخوته وأخواته وأبنائهم.. وكان يستمع إلى مشكلاتهم وطلباتهم ويتسامر معهم ويحنو عليهم، وكان يؤدى الصلوات جميعها معهم، وكان يختلى ليقرأ القرآن، وتمتد جلستهم حتى الفجر.. وكان يبدو فى هذه الليلة فى قمة سعادته وانشراحه بأهله.. وكان يتمشى فى بلدته ميت أبوالكوم على قدميه ويزور السهرات التى تنظمها الاسر فى القرية فى رمضان.. وقد تسوقه قدماه إلى أحد منازل أحد الفلاحين فى القرية فيطرق بابه ويجلس عنده لتناول الشاى ويسعد أهله بكل بساطة ومحبة وتراحم.. وكان الرئيس السادات يعتكف فى الأسبوع الأخير من رمضان فى «وادى الراحة» فى طورسيناء، متعبدا قارئاً للقرآن ومصلياً ومتهجداً ومتعبداً بكل شفافية وإيمان. وكان السادات يتفاءل كثيراً، برؤية الشيخ محمد خليل الخطيب، فى مسجد السيد البدوي، وكان كلما زار طنطا، أصر على أن يزوره وأن يطلب منه الدعاء والبركة.. والسادات يعرفه منذ كان نائباً للرئيس، وبعد أن أصبح السادات رئيسا للجمهورية حضر إلى طنطا فى زيارة للمدينة، وزار السيد البدوى ، وطلب من الشيخ الخطيب أن يدعو له، فأخبره الشيخ أن الله سينصره على المتآمرين عليه، ممن حوله، وسينصره أيضا على أعدائه من الصهاينة، وسيعينه الله على استرداد الأرض المحتلة.. وقام السادات، وطبع قبلة على جبين الشيخ الخطيب، الذى تفاءل بدعوته له وكان مقبلاً على خوض الحرب ضد إسرائيل فى رمضان. وكان السادات قبل إقدامه على أى قرار مصيرى خطير، يزور سيدى السيد البدوى تبركا.. وقد فعل ذلك قبل ثورة التصحيح، وقبل العبور، وقبل زيارة القدس، وقبل مباحثات كامب ديفيد.