نعيش الآن بعد أن قرر شعب مصر بديمقراطية حقيقية طريقه للمستقبل، في استفتاء تحدث عنه العالم الحر وأيضًا النامي فيه، والأكثر من ذلك تحدث عنه المصريون جميعًا لم يسبق لنا أبدًا المرور بهذا الإحساس من الوطنية، ومن الإحساس بالمسئولية، وأيضًا عاد لشعب مصر لونه وأصله وكيانه الحقيقي، هذا هو شعب مصر يختلف تمامًا عما كان يشاع عنه بأنه شعب (متواكل)، شعب متباطئ (خنوع)، شعب رضي بالأمر الواقع. عشرات المقالات من أصحاب الرأي، قالوا عن مصر والمصريين ما يشفي القلوب والعقول، فالمصريون أبدًا ما انصاعوا لاستعمار عثماني أو فرنسي أو إنجليزي، أبدًا ما استطاع غاز أن يصبغ شعب مصر بثقافته أو ينتزع أصالته يمحو تميزه. فالشعب المصري صبغ كل الغازين له بصبغته هو، وسبق أن كتبت عن المصريين المحدثين «لجان دي شابرول» عالم الحملة الفرنسية ووصفه المصريين وأسلوب حياتهم. وكيف حينما جاء «الإسكندر الأكبر» غازِ لمصر وأخذوه الكهنة إلي بيت الله ومعبده في واحة سيوة لكي يتمصر، ويتعبد لآلهة المصريين، وكيف حينما غزا «نابليون بونابرت» مصر عام 1798 وقام المصريون بمكافحة الحملة ثم بعد أن استطاعت الحملة الفرنسية الوصول إلي القاهرة دعوا «نابليون ونائبه كليبر» بالشيخ «نابليون» والشيخ «كليبر» تيمنًا بالاجتماع الشهير الذي حدث للمصالحة مع الأزهر الشريف، بعد أن داست خيولهم المسجد عند اقتحامهم للقاهرة الفاطمية. وحينما جاءت بوادر الجيوش الألمانية والإيطالية إلي الحدود المصرية في السلوم، وحتي مدينة «العلمين» حيث الموقعة بين الغزاة المحتلين لمصر والغزاة الألمان بقيادة «روميل» ثعلب الصحراء، إلا وأن استعد المصريون بإشاعة انتصار (الحاج هتلر) في تلك الموقعة وذلك لإحساسهم بأن وصول الألمان إلي القاهرة سوف يخلصهم من الإنجليز، فاستعدوا لذلك بإطلاق أسماء أبنائهم علي أسماء قادة الحرب الألمان «هتلر وروميل» وغيرهما، وأشهر من سموا بهذا الاسم رئيس جهاز الرقابة الإدارية السابق (هتلر طنطاوي) حيث من مواليد تلك الفترة (الحرب العالمية الثانية) ظلت مصر منارة لأمتها العربية، وظلت مصر رغم كل ما حل بها من أزمات ومن نكبات تعود أقوي وتحدد طريقها بأسلوبها الذي تراكم تاريخه لآلاف السنين. لم يتعلم المصريون الذين قادهم الحظ لتولي شئون هذا الوطن، لم يتحلوا بميزة القراءة في تاريخ هذا البلد. حيث من يقرأ يتعلم ومن لا يتعلم من تجاربه أو من الصادقين حوله فلا لوم إلا علي نفسه، والمصريون منتصرون دائمًا كما جاء في التاريخ القديم والمعاصر ومحدثون ومجددون، وهم غير خانعين كما شُبِهَّ للبعض من المتشائمين!!