معظم أفكار هذا المقال سبق لنا نشرها في نفس المكان في 25 نوفمبر 2010 تحت عنوان قوانين وقرارات إما أن نحترمها أو ننقيها وما أشبه اليوم بالبارحة أي قبل 25 يناير 2011 فحالياً هناك بعض قرارات من المجلس الأعلي للقوات المسلحة لها ما يبررها بفرض حظر التجول لكن للأسف لا يتم احترامها من قبل البعض مع أن مخالفتها خطيرة بل إنه أثناء حظر التجول فإن أعمال الشغب وحرق الأماكن وترويع الآمنين والسلب تترتب عليها عقوبات مشددة تصل للإعدام والسجن المؤبد. فضلاً عن أنه في ضوء الانفلات الأمني لغياب الشرطة انتشرت أعمال هدم الكثير من المباني الأثرية المحظور المساس بها وأعمال مبان مخالفة علي أراض زراعية وأعمال تعليات مخالفة علي مبان بدون الحصول علي تراخيص فضلاً عن محاولات الاعتداء علي أراض ملك الدولة أو أفراد والاعتداء علي وحدات سكنية وادعاء شغلها وعلي مرافق حكومية من قبل بعض البلطجية وترويع الآمنين. فبلادنا كانت ومازالت مليئة بالقوانين والقرارات والممارسات المفترض الالتزام بها ولكن الأمور لا تسير علي النحو الواجب دائماً. فمثلاً في مجال البناء والاستثمار فمعظم عقود البيع أو التخصيص أو أوامر الإسناد بإرساء بيع قطع أراض بالمزايدة بها بنود وملزمة ولكن معظمها يتم مخالفتها بحيث أصبحت المخالفة عرفاً والالتزام استثناء ويصدر قرار باعتماد تخطيط وتقسيم قطعة أرض ما لإقامة مشروع محدد بعينه غرضاً وصفاً طبقاً لضوابط خاصة بالمشروع وشروط طرحت للتصرف علي أساسها هذه الأرض وضمن عقد مبرم بين الجهة الحكومية المتصرفة في الأرض والشركة المنتفعة طالبة الاعتماد وهذه جميعها أمور ملزمة فضلاً عن إلزام الشركة المستثمرة بتنفيذ المشروع خلال مدة محددة في عقود البيع وشروط المزايدة.. وأنه يحظر استخدام الأرض في غير الغرض المتفق عليه كاملاً وطبقاً للاشتراطات البنائية وفي حالة المخالفة يلغي القرار كما تلتزم الشركة بالحصول علي موافقة المجمعة العشرية للتأمين علي المباني وباستخراج التراخيص اللازمة وفقاً لقانون البناء ولائحته التنفيذية. ويلاحظ شروط الزام الشركة المستثمرة بعدم البدء في تسويق العقارات إلا بعد اكتمال الإنشاءات بالكامل وأنه لا يحق لها الإعلان عن بيع قطع أراض فقط دون إقامة الوحدات السكنية داخل القطع وأنه في حالة المخالفة يتم الغاء التصرف وهو ما لا يحدث. بل وتلزم الشركة بتقديم برنامج زمني تفصيلي لتنفيذ المرافق يعتمد قبل بدء التنفيذ وفي حالة عدم الالتزام بالجدول الزمني يتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ولكن هل يتم ذلك؟ والطبيعي الالتزام بالرسومات المعتمدة إلا أنه كثيراً ما يتم مخالفتها بل أحياناً سحبها من ملف المشروع بالحي وإخفاؤها بحيث لا تصبح هناك مرجعية للمقارنة. ويأتي الأهم وهو متابعة الالتزام بهذه الضوابط تباعاً وأولاً بأول وقبل أن تتفاقم الأمور وتصبح المخالفات أمراً واقعاً يصعب التعامل معه وتتدخل مؤثرات أخري في كيفية وأسلوب التعامل من ظروف المواءمة أو الظروف العملية أو الاقتصادية أو الإنسانية أو ضغط المنتفعين بالمشروع. ويتكرر الأمر كأن من لا يلتزمون يعرفون مسبقاً أن هناك عوامل أخري ستتدخل لحمايتهم ومنع تطبيق الضوابط القانونية حيالهم ومشروعاتهم وأن الوضع مآله الاعتراف وغايته قرار أو حكم لا ينفذ أو تعويض مالي بسيط يتضاءل أمام المكاسب الخيالية المحققة من المخالفات.. ويزداد المنضمون إلي فريق المخالفين وتضيع الحقوق والأخلاقيات. ومن أسف أننا كلنا نعلم أن هذه المخلفات لا تتم في ليلة وضحاها بل عبر شهور، وهي لا تتم سراً بل علناً وبعد ذلك نتحسر علي عدم الالتزام بالقانون وعلي المكاسب التي ضاعت علي الدولة ونتندر علي حالة المجتمع. فإما أن نحترم القانون واللوائح والقرارات والأوامر وإما نغيرها أو ننقيها أو حتي نلغيها إن كانت غير عملية أو معوقة ولكن يجب أن تكون الأمور واضحة ومحققة لهيبة الدولة وآمال المجتمع وأفراده فلماذا لا نسارع بالتطبيق وماذا ننتظر. كلية الهندسة جامعة الإسكندرية