يحيي عبد الله أظلم المعبد.. وإيزيس ورعيتها فى ركن المعبد الشرقى وهبط الليل بغموضه وخوفه، وهى تبكى واجمة وجدران المعبد لا دماء فيها ويكاد الصمت يصرخ.. وإيزيس والرعية يغطيهم جلال حزن نبيل. قتلوا أوزوريس وألقى القتلة فى كل بقعة فى البلاد جزءاً من جسده، وتبرأ الكهنة من قتله وقالوا: إن القتلة قلة منحرفة وسيلاحقوهم. وخارج المعبد التف حول كهنة المعبد فرسانهم الطامعون فى الذهب والغلال، يخططون كيف يحكمون البلاد وكيف يسيطرون ويتمكنون ليكون كل الخير لهم، هذا الخير الذى زرعه أوزوريس والرعية بعرقهم وصبرهم الطويل. نظرت إيزيس إلى العبيد فى قلق ولم تجد فى الأفق فرجا قريبا أو نقطة ضوء فى نهاية النفق، فكهنة المعبد وفرسانهم سيطروا على المعبد وأطلقوا عليه وعلى مخازن الغلال فى طيبة الحزينة وعلى الذهب الموجود فى قباب المعابد، وانتشروا على مداخل البلاد شرقا وغربا ليفرضوا حصصا وإتاوات على قوافل التجار وجباية ضرائب على سفن الصيد والبخور بل استولوا على السفن التى لا تخضع لهم. خدع الكهنة الرعية البسطاء من أهل طيبة بأنهم ينفذون رغبة الرب وأن الرب أعطى الكهنة خدم الآلهة تفويضا وأنهم وحدهم الذين لديهم صولجان الرب وإرادته ومن لا يطيع أوامر خدم الرب وأبناءه ستحل عليه اللعنة ويصيبه غضب الرب فى الدنيا والحياة الآخرة، وأن كل من يعترض فقد كفر يقينا ومن ليس معهم كافر أيضا ومن يعصى الكهنة سيحل عليه بؤس شديد يعميهم ويختم على أفواهم فلا ينطقون.. وصدقهم البسطاء خوفا من غضب الآلهة وعقاب الصولجان وأبناء الآلهة. وتتساءل إيزيس فى استغراب أين كانت كل هذه الكراهية وكيف قسموا البلاد والعباد وكيف خلقوا العداء بين طوائف الرعية فأصبحوا فى شقاق يتقاتلون ويتلاسنون ويكره الأخ أخاه والابن والده، وكيف أصبح السباب والتكفير لغة سائدة فى مجتمع كان طيبا متسامحا. وتجول إيزيس فى البلاد على قدميها ومعها المخلصون تنادى فى الخلق أن الرب لم يأمر بهذا وأن الكهنة كاذبون وأنهم يخدعونهم ويشترون صمتهم وخوفهم ببعض الشعير.. وتنادى إيزيس فى الرعية أن أجمعوا أشلاء أوزوريس لكى يعود ببركة الرب وقدرته. أجمعوا جسد البطل الذى أحبكم ومات من أجلكم.. سيعود أوزوريس للحياة ومعه تأييد الرب وحبه ورضاه.. اصرخوا فى ظلمة الليل ليأتى النهار.. ثوروا فى وجه الكهنة ولا تتركوهم وإذا كانوا قد سرقوا الذهب والغلال فلا تتركوهم يسرقون دينكم أيضا.. سيأتى البطل على عجلة حربية وسيعبر ورجاله إلينا ويعرج من السماء إلى أرضنا ويولد حورس الصقر القوى.. ويولد معه ألف بطل جديد يقاتلون من أجل أمهم طيبة.. أجمعوا أجزاء البطل التى فى قلوبكم ليعيده الرب لكم.. وسيعود.. حتما.. حتما.. سيعود..