تشكيل لجنة عاجلة للتحقيق في واقعة اعتداء مدير مدرسة بالإسكندرية على طالب بالركل    أمين البحوث الإسلامية يتفقد منطقة وعظ أسيوط لمتابعة الأداء الدعوي    المالية تُعلن عن أكبر مزاد علني لبيع سيارات وبضائع حكومية 19 نوفمبر    مصر تتجاوز مليار دولار في الأمن السيبراني وتستعد لقيادة الحماية الرقمية    وزير الاستثمار: مصر تتطلع للتعاون مع تشاد في تنفيذ اتفاقية منطقة التجارة الحرة    القاهرة الإخبارية: إصابة 3 فلسطينيين برصاص الاحتلال في مخيم الفارعة جنوبي طوباس بالضفة الغربية    السودان.. نيران الحرب ومخاطر التقسيم!    ألبانيا ضد إنجلترا.. شوط سلبى بتصفيات كأس العالم    وزير دفاع الاحتلال: قوات دولية ستتولى تفكيك قدرات حماس في غزة    تصفيات كأس العالم، إنجلترا تتعادل سلبيًا مع ألبانيا في الشوط الأول    وزارة الرياضة تشيد بالثورة الإنشائية بمركز التنمية الشبابية بزايد    بسبب وجبة الإفطار.. خلاف أسري يتحول إلى جريمة مروعة تهز حي أبو يوسف بالإسكندرية    تجديد حبس تشكيل عصابي بتهمة سرقة السيارات وتزوير أوراق ملكيتها    رئيس قطاع الفنون التشكيلية يفتتح "كادرات موازية" ضمن فعاليات القاهرة السينمائي    اعرفى عدد الوجبات التى يحب أن يتناولها الأبناء يوميا    منتخب مصر بالقميص الأحمر والأسود أمام كاب فيردي غداً    هاني تمام: برنامج دولة التلاوة أعاد الريادة لمصر وجمع المصريين حول القرآن    ما حكم الامتناع عن الإنفاق على الزوجة والأولاد؟.. أمينة الفتوى تجيب    هاني تمام: برنامج «دولة التلاوة» جمع المصريين حول كتاب الله    "علوم" القاهرة الأهلية تنظم ندوة توعوية بعنوان "أنت أقوى من المخدرات" غدا الإثنين.    محافظ الغربية : تنفيذ 66% من أعمال تطوير كورنيش محور محلة منوف    مصطفى كامل يطمئن جمهور الموسيقار عمر خيرت: حالته مستقرة ويجري فحوصات على الصدر    ميلان يدرس خطوة مبكرة لتمديد عقد مودريتش    حصر وجمع طيور البجع بطريق السخنة    لجنة التحقيق السورية في أحداث السويداء: أوقفنا عناصر من الدفاع والداخلية وأحيلوا للقضاء    طريقة عمل الدجاج المشوي المسحب بتتبيلة لا تقاوم    تعليم دمياط يواصل لقاءات مبادرة صوتك مسموع    محافظ الجيزة: الشعار الجديد للمحافظة يجسد إرثها الحضاري والعلمي    وزير الثقافة: المبنى الجديد لأكاديمية الفنون فرصة لتطوير مهارات الموهوبين    فارس الرواية المعاصرة    بعد 3 أسابيع.. مبيعات فيلم السادة الأفاضل تصل إلى 350 ألف تذكرة    وزارة التعليم الفلسطينية تشكر مصر على استيعاب عدد كبير من الطلبة الفلسطينيين    نجل محمد صبري: والدي لم يكن يعاني من أي أمراض.. وطريقة لعبه تشبهه في كل شئ    الأهلي يستعد لتجديد عقد أحمد عابدين حال عدم تلقي عرض من فاماليكاو البرتغالي    محافظ أسوان يستقبل المشرف العام على المجلس القومي للأشخاص ذوى الإعاقة    انطلاق حملة التطعيم ضد الحصبة للأطفال حتى 12 سنة بأسوان.. صور    بتوجيهات شيخ الأزهر .. دخول قافلة «بيت الزكاة والصدقات» الإغاثية الثانية عشر إلى غزة    حلا شيحة : دينا الشربينى جدعة ونيتها طيبة ومش خرابة بيوت ولكل من خاض فى عرضها اتقوا الله    الطقس: استمرار تأثير المنخفض الجوي وزخات متفرقة من الأمطار في فلسطين    زراعة بنى سويف تعاين مزرعتى ماشية و4 للدواجن وتصدر 6 تراخيص لمحال أعلاف    وزير الصحة يكشف مفاجأة عن متوسط أعمار المصريين    القاهرة الإخبارية: الاحتلال يمنع عبور شاحنات المساعدات المحملة بالخيام والبطاطين إلى غزة    تشمل إمدادات الغاز.. زيلينسكي يعلن عن اتفاقيات جديدة مع شركاء أوكرانيا    10 محظورات خلال الدعاية الانتخابية لمرشحي مجلس النواب 2025.. تعرف عليها    مواعيد وضوابط امتحانات شهر نوفمبر لطلاب صفوف النقل    وزارة «التضامن» تقر قيد 5 جمعيات في 4 محافظات    جهاز مستقبل مصر يقود سوق القمح نحو الاكتفاء الذاتى عبر زيادة المساحات الزراعية    "الداخلية" تصدر 3 قرارات بإبعاد أجانب خارج البلاد لدواعٍ تتعلق بالصالح العام    انطلاق أسبوع الصحة النفسية لصقل خبرات الطلاب في التعامل مع ضغوط الحياة    الإفتاء تواصل مجالسها الإفتائية الأسبوعية وتجيب عن أسئلة الجمهور الشرعية    الأوقاف تعلن عن المقابلات الشفوية للراغبين في الحصول على تصريح خطابة بنظام المكافأة    الفسطاط من تلال القمامة إلى قمم الجمال    إخماد حريق نشب داخل شقة سكنية دون إصابات في الهرم    منافسات التارجت سبرنت تشعل اليوم الحادي عشر ببطولة العالم للرماية    تقرير: أرسنال قلق بسبب إصابتي جابريال وكالافيوري قبل مواجهة توتنام    وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية للمشروع التكتيكي بالذخيرة الحية في المنطقة الغربية    30 دقيقة تأخرًا في حركة قطارات «القاهرة - الإسكندرية».. الأحد 16 نوفمبر    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 16نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا..... اعرف مواقيت صلاتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ذا النون المصرى(10)

مع مرور الأيام وتعاقب الزمان يظل التاريخ يحمل لمصر فكرها وفقهها الوسطى الذى أنارت به الدنيا فكانت مهدا للوسطية من خلال فقائها الذين حملوا صحيح الدين ونشروا وسطيته، حتى أصبحت مصر مهدا لتلك الوسطية، رغم المحاولات التى تتم من قبل جماعات وتيارات لتشويه الفكر الدينى المصرى إلا أن جميعها تبوء بالفشل بفضل فقهاء الوسطية المصريين الذين جعلوا من بلدهم أبية على التشدد والتطرف

لقد تحدث القرآن الكريم عن الحكمة وبين سبحانه أنه «يوتى الحكمة من يشاء»

«ومن يؤت الحكمة فقد أوتى خيرا كثيرا»

ولقد آتى الله الحكمة داود عليه السلام: «وأتاه الله الملك ولاحكمة وعلمه مما يشاء»

وأتى الله الحكمة آل إبراهيم.. وأتى الله سبحانه محمدا صلى الله عليه وسلم الحكمة، وجعل شطر رسالته تعليم الحكمة:

«لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفى ضلال مبين».

ولقد ذكر الله سبحانه أمثلة للحكمة منها بعض ما أوحاه الله إلى محمد صلى الله عليه وسلم وقال فى نهايته: «ذلك مما أوحى إليك ربك من الحكمة».

«يا بنى أقم الصلاة وأمر بالمعروف إن تك مثقال حبة من خردل فتكن فى صخرة أو فى السموات أو فى الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبير»

«يا بنى أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور»

«ولا تصعر خدك للناس ولا تمش فى الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور وأقصد فى مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير»

وإننا إذا تروينا فيما ذكره الله سبحانه من الحكمة وجدنا أنها مبادئ فى العقيدة أصفى ما تكون العقيدة ومبادئ فى الأخلاق أكرم ما تكون الأخلاق.

تتضمن الحكمة إذن الصدق عقيدة وأخلاقا وأن كل ما يساير الدين الصحيح فى العقيدة والأخلاق هو من الحكمة.

وكلما استغرق الإنسان فى الجو القرآنى وفى الجو السلوكى للرسول صلى الله عليه وسلم ثم تحدث فى العقائد وفى الأخلاق مستمدا من القرآن والسنة وملتزما لأنوارهما فإنه ينطق فى إطار الحكمة.

والصوفية لما لهم من صحبة طويلة للقرآن واقتداء مستمر برسول الله صلى الله عليه وسلم ولما فى قلوبهم من نور القرآن وهدى السنة فإن كلماتهم تشتمل على كثير من ألوان الحكمة.

ونذكر لذى النون ما يأتي:

قال ذا النون: قال الحسن: «ما أخاف عليكم منع الإجابة وإنما أخاف عليكم منع الدعاء».

وقال ذا النون: «ليس بعاقل من لم ينصف من نفسه وطلب الإنصاف من الناس».

وقال: «كل مطيع مستأنس ولك عاص مستوحش وكل محب ذليل ولك خائف هارب وكل راج طالب».

وسئل ذو النون: ما سبب الذنب؟

قال: اعقل ويحك ما تقول فإنها من مسائل الصديقين سبب الذهب النظرة ومن النظرة الخطرة فإن تداركت الخطرة بالرجوع إلى الله ذهبت وإن لم تتداركها امتزجت بالوساوس فتتولد منها الشهوة وكل ذلك بعد ذلك باطن لم يظهر على الجوارح فإن تداركت الشهوة وإلا تولد منها الطلب فإن تداركت الطلب وإلا تولد منه الفعل.

وقال: من عرف قدر الدنيا كلها لم يكن للدنيا عنده قدر.

وقال: لم يزل المنافقون يسخرون بالفقراء فى كل عصر.

وقال سعيد بن الحكم: سئل ذو النون: من أدوم الناس عناء؟

قال: «أسوأهم خلقا».

قيل: وما علامة سوء الخلق؟

قال: كثرة الخلاف.

قال: وسمعت ذا النون يقول:

سئل جعفر بن محمد عن السفلة فقال: من لا يبالى ما قال ولا ما قيل فيه.

وقال يوسف بن الحسين: سمعت ذا النون يقول: من تزين بعمله كانت حسناته سيئات.

قال: وسمعت ذا النون يقول: أدنى منازل الأنس أن يلقى فى النار فلا يغيب همه عنم مأموله.

وقال نصر بن أبى نصر: قال ذو النون: الخوف رقيب العمل والرجاء شفيع المحن.

وسئل ذو النون: ما أخفى الحجاب وأشده؟

قال: رؤية النفس وتدبيرها.

وقال إسحاق بن إبراهيم الخواص: سمعت ذا النون يقول: من أدرك طريق الآخرة فليكثر مساءلة الحكماء ومشاورتهم وليكن أول شىء يسأل عنه: العقل لأن جميع الأشياء لا تدرك إلا بالعقل ومتى أردت الخدمة لله فاعقل لم تخدم؟ ثم أخدم.

وقال ذا النون: حرم الله الزيادة فى الذوق والإلهام فى القلب والفراسة فى الخلق على ثلاثة نفر على بخيل بدنياه سخى بدينه سيئ الخلق مع الله.

فقال له رجل: صف لنا سيئ الخلق مع الله فقال: يقضى الله تعالى قضاء ويمضى قدرا وينفذ علما ويختار لعبده أمرا فترى صاحب سوء الخلق مع الله مضطرب القلب فى ذلك كله غير راض به وإنما شكواه من الله إلى خلقه فما ظنك؟

وقال ذا النون: مفتاح العبادة الفكرة وعلامة الهوى متابعة الشهوات وعلامة التوكل انقطاع المطامع.

وقيل لذى النون: متى يأنس العبد بربه؟

قال: إذا خافه أنس به وإنما علمتهم أنه من واصل الذنوب نحى عن باب المحبوب.

وقال: من عمى عن عيوب نفسه انكشفت له عيون الناس فمقتته القلوب.

وقال:

«ما أعز الله عبداً بعز هو أعز له من أن يدله على ذل نفسه، وما أذلَّ الله عبداً بذُل هو أذل له من أى يحجبه عن ذل نفسه».

وقال:

«ليس بعاقل من تعلم العلم فعرف به، ثم آثر -بعد ذلك- هواه على عمله.. وليس بعاقل من طلب الإنصاف من غيره لنفسه، ولم ينصف من نفسه غيره.. وليس بعاقل من نسِى الله فى طاعته، وذكر الله تعالى فى مواضع الحاجة إليه».

وقال:

«من وثق بالمقادير استراح، ومن تقرَّب قُرَّبَ، ومَن صفا صُفِى له».

وعن يوسف بن الحسين، قال:

سمع ذا النون يقول:

«أنت ملكٌ مقتدر، وأنا عبدٌ مفتقِر.. أسألك العفوَ تذللاً، فأعطنيهِ تفضُّلاً».
وقال ذا النون:

«كيف أفرح بعملى وذنوبى مزدحمة؟!.. أم كيف أفرح بأملى وعاقبتى مبهمة؟!».
وقال:

«قد غفلت القلوب عنه وهو مُنشيها، وأدبرت النفوسُ عنه وهو يناديها: فسبحانه.. ما أمهله للأنام مع تواتر الآلاء والإنعام!!».

وقال:

«طوبى لعبد أنصفه ربه، أقَّر له بالآفات فى طاعته، وبالجهل فى معصيته، فإن آخذه بالذنوب رأى عدله، وإن غفر رأى فضله».

وعن محمد بن أحمد بن سلمة النيسابورى قال:

سمعت ذا النون يقول:

«يا خراسانى احذرّ أن تنقطع عنه فتكون مخدوعا».

قلت: وكيف ذلك؟

قال:

«لأن المخدوع من ينظر إلى عطاياه، فينقطع عن النظر إليه بالنظر إلى عطاياه».

ثم قال:

«ليكن اعتمادك على الله فى الحال، لا على الحال مع الله».

ثم قال:

«اعقل فإن هذا من صفوة التوحيد».

وقال:

«من أعلام الإيمان: اغتمام القلب بمصائب المسلمين، وإرشادهم إلى ما فيه مصالحهم وإن كرهوه».
وكان يقول:

«إن لله -تعالى- أنطق اللسان بالبيان، وافتتح بالكلام، وجعل القلوب أوعية للعلم.. ولولا ذلك كان الإنسان بمنزلة البهيمة؛ يُومئ بالرأس ويشير باليد».

وقال:

«من راقب العواقب سَلِم».

وقال:

«من علامة سخط الله تعالى على العبد خوفه من الفقر».

وقال:

«من نظر فى عيوب الناس عمى عن عيب نفسه».

وقال:

«صدور الأحرار قُبور الأسرار».

وقال:

«إنما أحب الناس الدنيا لأنه تعالى جعلها خزانة أرزاقهم؛ فمُّدوا أعينهم إليها».
وسئل ذا النون: ما الذى أنصَبَ العباد وأضناهم؟

قال:

«ذكر المقام، وقلَّةُ الزاد، وخَوفُ الحساب».

وقال:

«المتصنِّع يُبدِى غير الذى هو به.. والصادق لا يبالى على أىّ جنب وقع».

وقال:

«ما هَلَكَ مَن هَلَكَ إلا بطلبِ أمر قد أخفاه أو إنكار أمر قد أبداه».

وقال:

«الأُنس بالله نورٌ ساطع، والأُنس بالناس غَمِّ واقع».

فقيل له: ما الأنس بالله؟

قال:

«العلم والقرآن».

وكان رضى الله عنه يقول:

«إن لله -تعالى- لم يمنع أعداءه الجنة بخلا.. وإنما صان أولياءه الذى أطاعوه أن يجمع بينهم وبين أعدائه الذين عصوه».

وقال:

«مفتاح العبادة الفكرةُ، وعلامةُ الإصابة مخالفةُ النفسِ والهَوَى».

وكان رضى الله عنه يقول:

«تواضع لجميع خلق الله تعالى.. وإيَّاك أن تتواضع لمن يسألك أن تتواضع له؛ فإن سؤاله إيَّاك يدل على تكبره فى الباطن.. وتواضعك له عونا على التكبُّر».

وقال:

«لا تتواضع لمتكبر، فتذل نفسك فى غير محلَّ، وتُكَبِّر نفسه بغير حق».

وقال:

«إنما يختبر ذو البأس عند اللقاء، وذو الأمانة عند الأخذ والعطاء، وذو الأهل والولد عند الفاقة والبلاء، والإخوان عند نَوائِِبِ القضاء».

وقال:

«لم يكسب محبةَ الناس -فى هذا الزمان- إلا رجل خفف المؤنة عليهم، وأحسن القول فيهم، وأطاب العشرة معهم».

وقال:

«من علامة سخط الله على العبد أن يخاف الفقر».

ومن حكمه:

لَبِستُ بالفقه ثَوبَ الغِنَى

فَصِرتُ أمشِى شامخ الرَّأسِ

وقال:

«لا تسكن الحكمة معدة مُلِئت بالطعام».

وقال:

«الكريم يُعطِى قبل السؤال فكيف يبخل بعده، ويعذر قبل الاعتذار فكيف لا يعذر بعده؟».

وقال:

«من المُحَالِ أن يحسن الظَّنُّ ولا يَحسُنَ منه المَنُّ».

وقال:

«من القلوب قلوب تستغفر قبل أن تذنب؛ فُيتابُ عليها قبلَ أن تَتوب».

وقال:

«سيأتى على الناس زمان تكون الدولة فيه للحَمقَى على الأكيَاس».

قال أبو نعيم:

والأحمق من أتبع هواها وتمنى على الله -تعالى- الأمانى، والكيِّس مَن دَانَ نفسه وعمل لما بعد الموت.

وقال:

«إذ صح اليقين فى القلب صَحَّ الخوف فيه».

وقال:

«أكثر الناس إشارة إلى الله فى الظاهر: أبعدُهم من الله.. وأرغبُ الناس فى الدنيا وأخفاهم لها طلبا: أكثرهم ذما لهم عند طلابها».

وقال:

«الاستئناس بالناس من علامة الإفلاس».

وقال:

«من عرف ربه وجد طعم العبودية ولذة الذكر والطاعة، فهو بين الخلق ببدنه، وقد ناء عنهم بالهموم والخطرات».

وسأل رجل ذا النون: مَن أصحب من الناس؟

قال:

«من سقط بينك وبينه صورة التحفُّظ، ومن إذا أذنب تاب، وإذا مرضت عَادك، ومن يعلم منك بعض ما يعلمه الله منك، فتأمنه على ذلك ويستره عليك».

وسئل يوماً: فِيمَ يجد العبد الخلاص؟

قال:

«الخلاصُ فى الإخلاَص، فإذا أَخلَص تَخلَّص».

فقيل: فما علامة الإخلاص؟

قال:
«إذا لم يكن فى عملك صحبة المخلوقين، ولا مخافة ذَمِّهم؛ فأنت مُخلص إن شاء الله تعالى».

وقال ذا النون:

«إن سكت علم ما تريد، وإن نطقت لم تنل بنطقك ما لا يُريد، وعِلمُهُ بمرادك ينبغى أن يغنيك عن مسألته، أو ينحيك عن مطالبته».

وقال:

«إن الطبيعة النقية هى التى تكفيها من العظة رائحتُها ومن الحكمة إشارة إليها».

وقال:

«أكثر الناس هما أسوؤهم خُلقا».

وسئل ذون النون: مَن أدومُ الناس عناء؟

قال:

«أَسوَؤُهم خُلقا».

قيل: وما علامة سوء الخُلُق؟

قال:

«كثرة الخلاف».

وقال ذا النون:

«درات رحى الإرادة على ثلاث:

على الثقة بوعد الله، والرضا، ودوام قرع باب الله».

وقال:

«حق الجليس أن تسره، فإن لم تسره فلا تَسُؤهُ».

وقال:

«بصحبة الصالحين تطيبُ الحياة.. والخير مجموع فى القَرِين الصالح: إن نسيت ذَكَّرك، وإن ذكرت أعانك».

وكان يقول:

«كنا إذا سمعنا شابا يتكلم بالمجلس أيسنا من خيره».

وقال:

«اعلم أن أعمال الجوارح يصدَّقها عقُد ضمائر القلوب.

وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«فى ابن آدم مُضغَةٌ إن صلحت صَلَحَ سَائر الجَسَدِ وهى القَلبُ».

وقال صلى الله عليه وسلم:

«لا يستقيم إيمانُ عَبد حتَّى يستقيم لسانُه، ولا يستقيم لسانُه حتَّى يستقيم قلبه».

وقال ذو النون: سمعت عابداً يقول:

«إن لله عبادًا أبصروا فنظروا، فلما نظروا عقلوا، فلما عقلوا علموا، فلم علموا، عملوا،

فلما عملوا انتفعوا، رفع الححاب فيما بينهم وبينه، فنظروا بأبصار قلوبهم إلى ما ذخر لهم من خفى محجوب الغيوب، فقطعوا كل محجوب، وكان هو المنى والمطلوب».

وقيل لذى النون:

ما علامة الأنس بالله؟

قال:

«إذا رأيت أنه يوحشك مِن خلقه فإنه يُؤنسك بنفسه، وإذا رأيتَ أنه يُؤنسك بخَلقه فأعلم أنه يُوحشك مِن نفسه».

ثم قال: الدنيا لله أمة والخلق لله عبيد: خلقهم للطاعة وضمن لهم أرزاقهم فحرصوا على أمته وقد نهاهم عنها وطلبوا الأرزاق وقد ضمنها لهم فلا هم على أمته قدروا ولا هم فى أرزاقهم استزادوا.

وقال ذا النون: المستأنس بالله فى وقت استئناسه يستأنس بجميع ما يرى ويسمع ويحس به فى ملكوت ربه والهائب له: يهاب جميع ما يرى ويسمع ويحس به فى ملكوت ربه.. ويستأنس بالذر فما دونه ويهابه.

وقال: من أنسه الله بقربه أعطاه العلم بغير تعب.

وعن أبى عثمان سعيد بن الحكم السلمى قال: سمعت ذا النون يقول: من رسخت عظمة الله فى صدره وجد لعبادته طعما حلوا.

وقال: من دلائل أهل المحبة بالله ألا يأنسوا بسوى الله ولا يستوحشوا مع الله لأن حبيب الله من أنس بالله لأن الله أجل فى صدورهم أن يحبوه لغيره.

قال: وسئل ذو النون: ما فساد القلب؟

قال: فساد القلب فساد النية إذا فسدت النية وقعت البلية.

وقال ذو النون: إذا لم يكن فى عملك حبى ثناء المخلوقين ولا مخافة ذمهم فأنت حكيم مخلص إن شاء الله.

وقال: من أحب الله استقل كل عمل يعمله.

وقال: من لم يعرف قدر النعم سلبها من حيث لا يعلم.

وقيل له: من أقرب إلى الكفر؟

قال: ذو فاقة.

وقال: ما خلع الله على عبد من عبيده خلعة أحسن من العقل ولا قلده قلادة أجمل من العلم ولا زينه بزينة أفضل من الحلم وكمال ذلك التقوى.

وقال رجل لذا النون: متى أزهد فى الدنيا؟

قال: إذا زهدت فى نفسك.

وعن يوسف بن الحسين قال: دخل ذا النون على مريض يعوده فرآه يئن.

وعن يوسف بن الحسين قال:

سمعت ذا النون يقول:

إذا سألنى السائل وكان مستحقا للجواب استفدت نصف الجواب من مسألته.

وعن أبى عثمان سعيد بن الحكم قال: سمعت ذا النون يقول:

ما طابت الدنيا إلا بذكره ولا طالبت الأخرة إلا بعفوه ولا طابت الجنان إلا برؤيته.

وعن محمد بن أحمد بن عبدالله قال: سمعت ذا النون يقول: طوبى لمن كان شعار قلبه الورع ولم يعم البصر قلبه الطمع وكان محاسبا لنفسه فيما صنع.

وقال: لا عيش إلا مع رجال تحن قلبوهم إلى التقى وترتاح إلى الذكر.

ودق عليه رجال الباب فشوش وقته فنظر إليه من عالم الهيئة وقال: اللهم من شغلنى عنك فأشغله بك.

وعن عبدالله بن سهل قال: سألت ذا النون فقلت: سألت ذا النون فقلت: متى أعرف ربي؟

قال: إذا كان لك جليسا ولم تر لنفسك سواه أنيسا.

قلت: فمتى أحب ربي؟

قال: إذا كان ما أسخطه عندك أمر من الصبر.

قلت: فمتى أشتاق إلى ربي؟

قال: «إذا جعلت الأخرة لك قرارا ولم تسم الدنيا لك مسكنا ودارا».

وفاته

أما عن وفاة ذى النون فإننا نكتفى بنقل النصوص الأتية:

يقول صاحب السر المكنون: روى المنذرى فى تاريخه عن أبى محمد بن رمان بين حبيب النضرى قال:
لما مات ذو النون رأيت على جنازته طيورا خضرا فلا أدرى أى شيء كان؟ ومات عندنا بمصر فأمر أن يجعل قبره مع الأرض.

ويقول الإمام الشعراني:

منهم أبوالفيض ذو النون المصرى رضى الله تعالى عنه: واسمه ثوبان بن إبراهيم وكان أبوه نوبيا توفى سنة خمس وأربعين ومائتين وكان رضى الله عنه رجلا نحيفا تعلوه حمرة وليس بأبيض اللحية.

ولما توفى رضى الله عنه بالجيزة حمل فى قارب مخافة أن ينقطع الجسر من كثرة الناس مع جنازته ورأى الناس طيورا خضراء ترفرف على جنازته حتى وصلت إلى قبره رضى الله عنه.

ويقول صاحب «الكواكب الدرية»:

ودفن بالقرافة وقبره بها ظاهر مقصود بالزيارة وعليه أنس ومهابة.

وكلموه وهو فى النزع فقال:

لا تشغلونى فقد عجبت من كثرة لطف الله بى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.