تعانى المرأة المصرية من عزلة شديدة لم تحدث منذ بداية العهد الحديث للدولة. وتم اقصاؤها عمدًا بعد الانجاز الذى حققته خلال العقدين الأخيرين حيث تم الاستغناء عنها فى جميع الوظائف القيادية بالدولة سواء الرسمية أو الشعبية.
وبالرغم من التشدق الذى يطلقه السياسيون عن أهمية دور المرأة فى العملية السياسية إلا أن الحال لم يختلف بل الأمر ازداد سوءاً، ولم تشهد الانتخابات الماضية للشعب والشورى أو الرئاسة تواجداً لها على الساحة السياسية بل إن دورها انحصر فقط فى الادلاء بأصواتها. كما قامت بعض الأحزاب الدينية بإهانة المرأة لأول مرة لم تحدث منذ ثورة 19 بأن تم حذف صورتها من القوائم الانتخابية ووضع صورة رمزية لها مثل وردة. ولم يختلف الوضع كثيرا فى الأحزاب العسكرية التى يترأسها عسكريون متقاعدون أو الليبرالية التى أصبح تمثيل المرأة فيها من سابقتها وان اختلفت نسب تمثيلها. وهو الأمر الذى لم يتوقعه أسوأ المحللين السياسيين عن وضع المرأة بعد الثورة المصرية.
الوضع فى «مصر الثورة» لم يختلف كثيرا عنه فى الامبراطورية العثمانية عندما عزلت السيدات فى الحرملك - أصل الكلمة «حرام عليك» - أى المنطقة المحرم على الرجال دخولها، مقابل السلاملك- أى «سلام لك» - ومرحبا بك فى المنطقة المخصصة للرجال.. يتكون السلاملك من «تراس» واسع يطل على صحن البيت؛ ويتصل به ممر صغير يعتبر همزة الوصل إلى الحرملك.
اللافت ان قيادات الأحزاب السلفية وأغلبها تحت التأسيس عندما سألناهم عن المرأة أمطروا الأحزاب الليبرالية والمدنية بوابل من الاتهامات وحملتها مسئولية الصورة السيئة التى باتت تظهر جليا عن وضع المرأة فى أحزابهم، فقال محمود سلطان نائب رئيس حزب الأصالة أن الحزب يضع مبدأ المساواة فى التعامل بين الرجل والمرأة والتى تتوقف على القدرات الشخصية وأنه إذا أظهرت قدرات المرأة كفاءة عن الرجل فلها الحق فى تقلد المناصب القيادية بالحزب والدليل ان أمانة الحزب بالقاهرة الجديدة أغلبها من السيدات وأعداد الرجال قليلة جدا مؤكدا انه يرفض الحديث عن الكوتة لأن الفيصل فى الأمر الكفاءة العملية مع الحرص على المحاذير الشرعية انطلاقا من المرجعية الإسلامية للحزب.
ووصف سلطان الحديث عن تهميش المرأة فى الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية بالكذب والافتراء منتقدا محاولات الأحزاب الليبرالية تشويه تلك الأحزاب رغم انها لا تشهد مساواة حقيقة بداخلها إلا انها تتخذ من المرأة ديكورا تتجمل به أمام الرأى العام دليلا على الديمقراطية.
وأضاف أن المرأة فى حزبه رغم انه ليس هناك حصر نهائى باعدادها إلا أن لها مشاركات فى كافة النشاطات والفعاليات ومنها الوقفات الاحتجاجية لافتا الى ان برنامج الحزب يهتم بتأهيل المرأة والرجل الا أن الوقت لا يسمح بذلك بسبب الظروف التى تمر بها البلاد وأن الانتخابات القادمة سيتم الاستعانة بالكوادر ذات الكفاءة ثم النظر بعد ذلك لخطة التأهيل.
تعلل د.هشام كمال القيادى بحزب الشعب السلفى تحت التأسيس بما اسماه عدم القدرة على التحمل لتبرير عدم وجود المرأة بالمناصب القيادية بحزبه لافتا الى ان الفترة العصيبة التى تمر بها البلاد تجعل الأحزاب الإسلامية وغيرها تفضل الرجال فى تلك المناصب وبعد ذلك يتم التعامل بمرونة مع الالتزام بالشريعة الإسلامية. .وأكد كمال انه لا يوجد مانع من تقلد المرأة للمناصب العليا فى الحزب باستثناء منصب رئيس الحزب فهو مستبعد تماما لأنه مؤهل للترشيح لرئاسة الجمهورية ومعلوم الموقف من ولاية المرأة فى الإسلام متهما الأحزاب الليبرالية بأنهم يسعون من خلال اهتمامهم بالمرأة للشو الإعلامى لمخاطبة الخارج وليس الداخل.وقال د.عطية عدلان رئيس حزب الإصلاح السلفى ان المرأة تتمتع بكافة الحقوق وفقا للشريعة الإسلامية لافتا الى ان المرأة لها تمثيل قوى فى الحزب وانهم لا يتعاملون معها بروح العنصرية التى تدفع لإعطائها فرصة بدافع أن حقها مهضوم فإن وجد فى إحدى المحافظات سيدة سبقت الرجال فلا مانع من تقلدها المنصب.
فى المقابل تأتى الأحزاب الصوفية والتى تولى المرأة اهتماما أكبر فمن جانبه أكد عصام محيى الدين أمين عام حزب التحرير الصوفى أن وضع المرأة لديهم يختلف كليا فهى تتولى منصب الامناء المساعدين فى عدد من المحافظات لافتا إلى ان حقوق المرأة شهدت ردة بسبب ظهور الافكار الإسلامية المتشددة والتى انتهت بالظلم البين فى نصوص أول دستور بعد ثورة يناير مؤكدا أن التيارات الإسلامية نجحت فى استخدام المرأة لتحقيق أهدافهم عكس التيارات المدنية.. العميد محمود شفيق وكيل مؤسسى حزب الاستقامة قال إن برنامج حزبه يهتم بالتصدى لمحاولات تهميش المرأة والاهتمام بدمجها فى كافة الاعمال الحزبية مع التركيز على محافظات الصعيد التى تعانى فيها المرأة من عمليات إقصاء سياسى ولذلك يتجه الحز ب لإعطائهم فرص متكافئة من خلال ادوار اساسية وليست كمالية كما يظهر فى اغلب الأحزاب السياسية ذات الطابع الدينى والتى ظهرت عقب الثورة.
وأكد شفيق أنه على الرغم من أن أعداد السيدات قليلة فى الحزب إلا أن الأمر يعود إلى حداثة النشأة مؤكدا استمرار سعى المؤسسين من اجل مضاعفة أعدادهن وتأهيلهن سياسيا رغم أن الحزب قرر عدم خوض الانتخابات المقبلة كديكور سياسى إلا أنه يعمل على إعداد كوادر نسائية قادرة على المنافسة فى المرحلة المقبلة. .وأكد اللواء مدحت الحداد رئيس جبهة العسكريين المتقاعدين ووكيل مؤسسى حزب «الاصلاح الديمقراطي» تحت التأسيس ان برنامج الحزب يضع المرأة فى المقدمة وأن الاقبال من السيدات على عضوية الحزب كبير رغم أنه لا يزال فى مرحلة جمع التوكيلات إلا أن أغلب التوكيلات من العناصر النسائية واللاتى ينتمين إلى أسر الضباط المتقاعدين أو غيرهن من السيدات اللائى يحرصن على المشاركة فى العمل السياسى.
وأوضحت د.فاطمة حسن عبد السلام أمين المرأة الاصلاح أن الحزب وضع رؤية جديدة وشاملة ضمن برنامجه تهتم بالدفاع عن حقوق المرأة وقضاياها خاصة ان السياسيات التى انتهجها النظام الحاكم بعد الثورة جاءت ظالمة للمرأة لافتة الى أنه لا يوجد حصر نهائى بأعداد المرأة فى الحزب باعتباره تحت التأسيس وان أمانتها تسعى لزيادة العضويات النسائية وتدريبهن للمشاركة فى الدفاع عن حقوق المرأة.
وأوضح اللواء عبد الرافع درويش رئيس حزب الارادة والبناء تحت التأسيس أن المرأة جزء لا يتجزأ من بناء أى كيان سياسى وأن حزبه يستعد لإجراء الانتخابات الداخلية قريبا بعد إشهاره مباشرة والتى من المقرر ان تشارك فيها المرأة فى العديد من المناصب القيادية فى الحزب على رأسها الهيئة العليا وعدد من الامانات ,لافتا الى أن هناك إتجاها داخليا لتتولى المرأة أمانات المحافظات إذا أثبتت تفوقها فى الانتخابات مؤكدا أنه يرفض تحديد كوتة للمرأة داخل الأحزاب.
وقالت سناء بخيت أمينة المرأة بالحزب أن نسبة السيدات بالحزب تقارب ال 50% لافتة الى ان حزبها يسعى لتنفيذ خطة تنمية شاملة للمرأة وتبنى لمشكلاتها والمطالبة بحقوقها فى العدالة الاجتماعية والسياسية خاصة بعد صدمة التراجع الشديد فى حقوق المرأة عقب الثورة والصدمة الشديدة من انتشار ظواهر عديدة مسيئة للمرأة التى شاركت الى جانب الرجال فى إنجاح الثورة.